ما هذا الذي يحدث في بلادنا؟!

Ad

كيف صارت مثل هذه النزعات العرقية تتكاثر وتتناسل تقودها تلك الوحوش البشرية المجردة من كل إحساس؟... بل إنها تجردت من أبسط قواعد احترام الكرامة الإنسانية!... من أي مستنقعات آسنة نتنة خرجت هذه الوحوش البشرية؟!... ما هذه الغابة المكتظة بعاهات بشرية مجردة من كل المشاعر الإنسانية، بل والحيوانية؟!

(السلف الصالح)؟... أي سلف هذا الذي نشاهده كل يوم وهو يرتكب الجرائم تلو الجرائم؟ هل كانت أخلاق المسلمين القدامى – كسلف صالح – هكذا؟... إن مجرد النظر لذلك البغل الذي غطى ملامحه القذرة، بينما أبرز يده التي تحمل السكين، والضحية المسكين – الذي ألبسوه ثوباً أحمر – يجلس أمامه راكعاً يستقبل الذبح على يد المسلمين، يدمي القلب!

هل هذه الصورة المقززة هي التي ستعيد إلى الإسلام ما كان عليه السلف الصالح؟!

كيف سينظر العالم إلى هذا الإسلام أمام صورة كهذه؟ أم الضحية، وأبوه، زوجته، أطفاله، أصدقاؤه؟! بل كل من لديه ذرة من ضمير كيف سيتعامل مع الإسلام والمسلمين بعد تلك المشاهد؟!

ويتخذ البعض وصف "أخلاق الخنازير" لينعت بها بشراً تجردوا من إنسانيتهم! وأنا هنا أقسم بكل المقدسات أن أخلاق الخنازير أعف وأكرم وأشرف مما يفعله هؤلاء الدواعش وأشباههم ممن يبررون ما يقومون به من إجرام بالتدين القائم على الفتك وإزهاق الأرواح! فالذي أحدثوه خلال السنوات الأربع الماضية حوادثه تتوزع على قوائم طويلة من الأفعال المنفرة التي تقشعر لها الأبدان، وتشمئز منها النفوس!

وهؤلاء المتسترون تحت راية "لا إله إلا الله محمد رسول الله"، لهم تنظيرات عبارة عن استفزازات عِثة حشرات صادرة عن عقول نخرة مكدسة بجيف فاحت بخرتها حتى غدت لتسقط الطيور المحلقة في الفضاء من شدة عفونتها! وقد اتضح ذلك بجلاء من خلال خطاب أمير مؤمنيهم، البغدادي!

ما دفعني إلى خط هذه السطور المصطبغة بألفاظ لم أتعمد اختيارها – والله – هو أنها فرضت نفسها كردة فعل لمواءمتها مع تلك الجرائم البشعة التي ارتكبها أؤلئك الذين هيمنت أفكارهم على بعض السذج باسم الدين، وهي أفكار اهترأت من التكرار على امتداد عصور التاريخ الإسلامي!

فنفوسهم الهشة، وعقولهم المختلة معتلة بشتى الأمراض منذ قرون طويلة، ولكنهم - بكل أسف – كثيراً ما يفرضون بثقل ممجوج وجودهم، ويرددون أفكارهم الناشزة والمستفزة، والتي لم تعد مقنعة لأكثر العقول سذاجة.

فسامح الله الذي خطط ودبر ونفذ للمشروع الداعشي، إذ إنه نجح بامتياز في تقسيم الوطن العربي! وها هم يعقدون مؤتمراتهم طوراً في جنيف، وطوراً في فيينا، وانتقلوا الآن إلى نيويورك لاستحداث "سايكس بيكو" جديد للتقسيم، بعد أن كانت كونداليزا رايس قد صرحت - أثناء توليها وزارة خارجية أميركا - أن "سايكس بيكو" لم يحسن التقسيم بشكل جيد، ولابد من إعادة النظر في تقسيم المنطقة!

فشكراً لك يا من "هندست" لـ "داعش"، ويا من أشعلت المنطقة من أقصاها إلى أقصاها ولم تكتف بالطائفية، بل أعدت جذور العنصرية!

والعنصرية، كما تعرفون، هي التي ظهرت منذ المجتمع العبودي - الذي ازدرته الأديان السماوية - استخدمت لإثبات طبيعة سيطرة الأسياد على العبيد في العصور الوسطى، وسيطرة الأشراف على العامة، وراحت تبرر الاستغلال البشع لسيطرة الإنسان على أخيه الإنسان، حتى وصل الأمر إلى الإبادة الجماعية للهنود الحمر وللزنوج ولشعوب كثيرة في جنوب آسيا وأستراليا.

وقد تجسد تفاعل العنصرية وهذه التيارات على أشد صوره خطراً في الفاشية والصهيونية.

فالنازية اعتبرت العرق الجرماني عرقاً (أعلى)، وأشعلت نار الحروب بهدف تحقيق فكرتها التي تدعو إلى بسط سيطرة (العنصر الآري).

والصهيونية تنطلق من نظرية (الشعب المختار)، وتدعو يهود العالم ليحققوا (أمة واحدة) في أرض الميعاد، وتتجلى النظرية العرقية بوضوح عند زعماء الصهيونية الأوائل، وعلى رأسهم غابوتنسكي، غولدمان، هرتزل.

وها هي تضرب أطنابها في قارة إفريقيا، حيث المجاعات والحروب العرقية التي تنتقل من بلد إلى آخر... من الصومال إلى بوروندي إلى ليبيريا ونيجيريا.

فيا من هندست لـ "داعش": إن البشرية كانت تزدري هتلر، وستالين، وموسوليني، وصدام، وأنت قد تجاوزتهم جميعاً بامتياز!