أكد عضو مجمع البحوث الإسلامية في الأزهر د. محمد الشحات الجندي، أن المؤتمرات التي تعقد لمجابهة الإرهاب في الدول العربية غير مجدية، إلا في حالة تشكيل لجان لتنفيذ توصياتها على أرض الواقع، حتى لا تتحول إلى "مكلمة" ومضيعة للوقت، وأضاف في حوار مع "الجريدة" أنه لا يمكن تحميل المؤسسات الدينية وحدها مسؤولية ظهور الأفكار التكفيرية، محملا الفقر والبطالة وتفشي الجهل جزءا كبيرا من المسؤولية، وإلى نص الحوار.

Ad

• هل المؤتمرات التي تعقد لمكافحة الإرهاب والتطرف كافية لمحاربة تلك الأفكار؟

- المؤتمرات شيء مهم، لكن يجب تفعيل توصياتها، من خلال تشكيل لجان لمتابعة تلك التوصيات على أرض الواقع ووصولها إلى القطاع العريض من الجمهور، حتى لا تتحول هذه المؤتمرات إلى مكلمة ومضيعة للوقت، فما أكثر المؤتمرات التي عقدت أخيرا في معظم الدول العربية عن مجابهة الإرهاب، لكن النتائج لم تكن على المستوى المطلوب.

• هل المؤسسات الدينية وحدها مسؤولة عن محاربة الأفكار الشاذة؟

- لا يمكن تحميل المؤسسات الدينية وحدها في عالمنا العربي مسؤولية ظهور أفكار تكفيرية وشاذة بين الشباب، فهناك سياسات خاطئة ينجم عنها ظهور تلك الأفكار، إضافة إلى مشكلات الفقر والبطالة وتفشي الجهل، وغياب التنسيق بين الدول وبعضها والمؤسسات داخل الدولة نفسها، فمثلا وزارات الشباب والإعلام والثقافة والتعليم تعمل بمعزل عن المؤسسات الدينية.

• الإساءة للرسول في الغرب عرض مستمر من باب حرية التعبير، فما رأيك؟

- الإساءة للرسول صلى الله عليه وسلم مرفوضة تماماً، وهناك فارق كبير بين حرية التعبير والتطاول على الأديان والرسل، وما حدث من بعض الصحف الدنماركية والفرنسية ووسائل الإعلام الهولندية، هو تطاول بكل المقاييس لا يمكن السكوت عنه، ولابد من الردود العلمية على ذلك، والابتعاد عن الانحطاط والردود غير المسؤولة.

• برأيك، هل هناك حل لاجتثاث تلك الأزمة من جذورها؟

- لابد من إصدار الأمم المتحدة قرارا يجرم ازدراء الأديان، حتى لا يسمح بالتطاول على الأنبياء والرسل.

• ماذا عن تجسيد الأنبياء والرسل في الأعمال الفنية الدرامية؟

- هناك إجماع من العلماء على حرمة تجسيد الأنبياء في الأعمال الدرامية، لعصمتهم من الذنوب والخطايا، وبالتالي لا يجوز بأي حال تمثيلهم أو تجسيدهم في أعمال فنية؛ سواء درامية أو غيرها.

وحياة الأنبياء وسيرهم لا يجوز إخضاعها لرؤية مخرج أو ممثل أو منتج يسعى لتحقيق مكاسب مادية، علاوة على أن سيرة الأنبياء فيها جانب خفي من الوحي والإعجاز لا يمكن تجسيده.

• بم تفسر ظهور موجات الإلحاد بين الشباب؟

- لا يوجد حوار مع الشباب، حيث يتم إغفالهم تماما، وتركهم في مهب الريح دون تحصينهم وتزويدهم بالمعارف واستيعابهم، ولابد أن يكون الشباب جزءا من الحل وليس الأزمة، ومع الأسف ما فعلته التيارات الدينية في الفترات الماضية انعكس بالسلب على الدين، وأدى إلى نفور شباب كثر من الدين، وهنا يقع عبء كبير على علمائنا الكبار والدعاة في رد الشباب إلى دينهم رداً جميلا.

• ما أهم الجوانب التي يجب أن يشتمل عليها الخطاب الدعوي العصري؟

- علينا إبراز خطاب ديني يرسخ قيم الوحدة والسلام والتعاون ويواكب العصر، وألا يقتصر الأمر على خطب المناسبات الدينية، وأن يتضمن الخطاب تفنيد دعوات القتال والتكفير لمؤسسات الدولة ومسألة إقامة الخلافة.

• هل الإسلام وضع الخلافة كنظام حكم؟

- الإسلام لم يحدد الخلافة كنظام للحكم، والقرآن الكريم لم يتحدث في السياسة إلا في القيم العليا، فقال: "وأمرهم شورى بينهم"، وترك لهم اختيار الشكل الذي يرونه مناسبا لشؤون حياتهم، فأي نظام يحقق العدل بين الناس فهو الإسلام.

• ما رأيك في دعوات فصل الدين عن السياسة؟

- الدين منهج حياة ووضع لنا قيما مثل الأخلاق والأمانة والعمل والإخلاص لا غنى عنها، وبالتالي نرفض دعوات فصل الدين عن السياسة، كما يرى العلمانيون، الذين يرون أن الدين هو علاقة شخصية فقط بين العبد وربه، فالسياسة في الإسلام يصنع الدين قيمها ومبادئها العليا، ويجب ألا تتعارض أحكامنا مع الدين، لكن المقصود هو عدم توظيف الدين لأغراض سياسية، فهذا توظيف شيطاني.

• حالات تطبيق الحدود باليد عن طريق الأهالي في أكثر من مكان، ما رأي الشرع فيها؟

- تطبيق الحدود باليد لا يجوز شرعا، لأنه يؤدي إلى الفوضى وترويع المجتمع، وهذا مسلك فوضوي ومخالف للشريعة الإسلامية، ويتعارض مع احترام سلطة الدولة، كما أن الخطاب القرآني في العقوبات موجه للحاكم وولي الأمر وليس لأي شخص، وبالتالي تغيير الناس للمنكر بأيديهم وقيامهم بتطبيق الحدود افتئات على حق المجتمع والدولة، ويؤدي إلى فوضى وترويع للمجتمع.