لم تعد محاربة آثار الزمن مجرد فكرة وهمية، إذ يساعدنا عالم الطب اليوم في تحسين فرص مكافحة الشيخوخة بأفضل طرق ممكنة. كذلك لا بد من اتباع نظام غذائي غني بمضادات الأكسدة التي تحمي الخلايا من الشيخوخة المبكرة ومن ظهور أمراض مزمنة. لذا يجب إضافة الفاكهة والخضراوات والحبوب الكاملة إلى لوائح الطعام علماً أن المأكولات السحرية غير موجودة. يبقى تنويع المأكولات أفضل وسيلة وقائية. لمحاربة الشيخوخة، أول ما يجب فعله الإقلاع عن التدخين لأن التبغ يسيء إلى التنفس والقلب والعظام والبشرة والدماغ. يسمح وقف التدخين باستعادة جزء من المادة الرمادية. وبعد عام من الإقلاع عن التدخين، سيتراجع خطر الإصابة بحوادث وعائية دماغية واحتشاء عضلة القلب مرتين. يمكن إعادة تأهيل الحياة واكتساب عادات سليمة في مرحلة متقدمة من العمر.

Ad

حماية التنفس والقلب

حين لا تتلقى خلايا الجسم كمية مثالية من الأوكسجين ويغزوها غاز الكربون، سيعاني الجسم كله. لذا يجب "تدليل” هاتين الوظيفتين الحيويتين.

أبرز التدابير الوقائية

تقييم عمر الرئتين

يجب أن نعتاد على مراقبة القدرة التنفسية مثلما نراقب ضغط الدم، لا سيما إذا كان الشخص مدخناً أو يعمل في بيئة ملوثة. يكفي أن تأخذ نفساً عميقاً ثم تزفر من الفم كي تعلم مدى سلامة رئتيك. يستعمل بعض الأطباء العامين مقياس الجريان لاحتساب معدل التنفس. أو يمكن أن يجري اختصاصي أمراض الرئة فحصاً لوظيفة التنفس.

تكييف النشاطات مع العمر

إذا لم يتدرب الجسم على بذل الجهود، سينقطع نفسه بسرعة. بغض النظر عن النشاط الذي تختاره (ركوب دراجة هوائية، سباحة، مشي، رقص، كرة مضرب...)، يجب أن تمارسه بالإيقاع المناسب ومن دون تعريض نفسك للخطر. يمكنك استعمال أجهزة لقياس تردد ضربات القلب على الهواتف الخلوية أو في الساعات. يبلغ الحد الأقصى 220 ضربة في الدقيقة ناقص العمر (170 في عمر الخمسين). خلال التمرين، يجب ألا تتجاوز النسبة 80 % من هذا المعدل (136 في هذه الحالة). ولا يجب استئناف الرياضة في عمر الخمسين من دون استشارة الطبيب أولاً. لكن يتعلق أهم عامل بالمواظبة على النشاط لمدة 45 دقيقة، على مر خمسة أيام في الأسبوع.

التنفس بعمق

يجب أن تتنفس بشكل طبيعي، أي أن تنفخ بطنك أثناء الشهيق وتفرغه أثناء الزفير. لن يكون عدم تجديد الهواء في الرئتين صحياً. يمكنك الاستفادة من الغناء أو العزف على آلة تشغّل النَفَس لأن هذا النوع من النشاطات يتطلب التنفس بعمق.

مراقبة محيط الخصر

تعزز الدهون حول الخصر متلازمة البطن التي تجمع بين السكري وارتفاع ضغط الدم والكولسترول والشحوم الثلاثية. ينشئ هذا المرض بيئة التهابية يمكن أن تضعف صفيحة من الشرايين الدموية المتصلبة وترفع احتمال الإصابة بحوادث قلبية. يجب التنبه من المشروبات الغازية لأنها تزيد محيط الخصر حتى لو كانت خاصة بالحمية. للحفاظ على بطن مسطح، من الأفضل تناول الشاي الأخضر أو أي نقيع مهدئ!

تخفيف الضغط النفسي

يزيد الضغط النفسي إيقاع القلب وقد يسبب تشنجات على مستوى الشرايين، وتحديداً لدى النساء. يمكن تفريغ الضغوط المستمرة عبر نشاطات اليوغا والتاي تشي والتأمل والرياضة والضحك!

إعادة التوازن إلى الأحماض الأمينية

يؤدي فائض الأحماض الدهنية المشبعة إلى الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية. لذا لا يوصى بتناول اللحوم الحمراء يومياً. يجب التخلي أيضاً عن الأجبان إذا كانت الوجبة غنية باللحوم ويجب تناول حصة فاكهة للتحلية. كذلك، يجب استعادة التوازن بين الأحماض الدهنية الأساسية، أي الأوميغا 3 التي تحد من الالتهابات والأوميغا 6 التي تعزز تلك الالتهابات. لاسترجاع التوازن، من الأفضل تناول الأسماك الدهنية (ساردين، رنكة، ماكريل، سلمون، تونة) واستعمال زيوت الكولزا أو الزيتون أو الجوز في الطعام.

الحد من السكريات السريعة

تزيد هذه السكريات مستوى الشحوم الثلاثية وتهاجم البروتينات، ما يؤدي إلى تسريع شيخوخة الجسم. بدل تناول عصائر الفاكهة، من الأفضل استهلاك حبوب الفاكهة الكاملة لأن أليافها تبطئ امتصاص الفركتوز.

التنبه من الملح

يؤدي الرابط بين الصوديوم والبوتاسيوم دوراً مهماً في ظهور أمراض القلب والأوعية الدموية وهشاشة العظام. لكننا نفرط اليوم في استهلاك الملح (أكثر من 10 غرامات) مع أن مستوى استهلاك الصوديوم يجب أن يقتصر على 5 أو 6 غرامات في اليوم، ولا نستهلك ما يكفي من البوتاسيوم (3 غرامات) مع أن معدله يجب أن يصل إلى 8 غرامات في اليوم. إنه سبب وجيه لزيادة استهلاك المنتجات النباتية الغنية بالبوتاسيوم (مشمش مجفف، موز، سبانخ، أفوكادو، بروكلي) واستعمال التوابل (كركم، كمون) في الأطباق. في المقابل، يجب تجنب الأطباق الجاهزة: يحتوي كل 100 ملل من الحساء الصناعي على 10 غرامات من الملح!

الاكتفاء بالشوكولاتة السوداء

من خلال تناول القليل من الشوكولاتة السوداء، يمكن حماية الشرايين وتحسين أداء الذاكرة.

معالجة ضيق التنفس أو السعال

يجب أن يتمكن الجميع من السباحة في حوض بطول 25 متراً أو صعود أربعة طوابق من دون أن ينقطع نفسهم. لا يُعتبر السعال طبيعياً في أي ظرف حتى لو كنت تدخن!

القيام بتقييم طبي دوري

قبل عمر الأربعين، يمكن تأجيل زيارة الطبيب للتحقق من سلامة ضغط الدم. لكن يجب قياسه مرتين على الأقل في السنة بدءاً من منتصف العمر. ويجب قياس معدلات الكولسترول والشحوم الثلاثية والسكري كل ثلاث سنوات عند وجود مشكلة.

تنشيط العظام والعضلات

تساهم الحركة في حماية الجسم والحفاظ على سلامته. لذا من الضروري أن نحمي صحة العظام ونقوي العضلات.

أبرز التدابير الوقائية

قطع 10 آلاف خطوة في اليوم

يمكن استعمال عداد الخطى لاحتسابها! ومن الأفضل جمعها مع نشاطات تقاوم الجاذبية مثل ركوب الدراجة الهوائية أو كرة المضرب، إلى جانب تمارين تضمن القوة والتوازن والمرونة (ركض، تمارين مائية). أهم ما يجب فعله إيجاد رياضات ممتعة لتجنب الاستسلام سريعاً. ستستفيد الغضاريف أيضاً لأن هذه النشاطات تكافح الوزن الزائد.

علاج هرموني في انقطاع الطمث

يتسارع فقدان العظام بعد مرحلة انقطاع الطمث لدى المرأة علماً أنه يحصل بوتيرة تدريجية لدى الرجل. يتصدى العلاج الهرموني لهذه المشكلة التي تعود للظهور بعد وقف العلاج، لكن تنعم المرأة بالراحة لبضع سنوات على الأقل. كذلك، يحمي العلاج العضلات والغضاريف لكن يجب الامتناع عن استعماله في حال الإصابة بسرطان الثدي أو أمراض القلب والأوعية الدموية...

مكافحة الالتهاب المزمن

أول ما يجب فعله فقدان الوزن. عدا النظام الغذائي الغني بالمنتجات النباتية، يجب استهلاك الزنك والمحفزات الحيوية أحياناً لتجديد جدار الأمعاء. حين تضطرب البيئة المعوية، يسمح جدارها بمرور السوائل، ما يعني أن جزيئات غير مرغوب فيها قد تمر وتسبب مشاكل هضمية مثل متلازمة القولون العصبي. يؤدي اختراق السوائل لجدار الأمعاء دوراً في تطور التهاب المفاصل الروماتويدي.

استهلاك ما يكفي من البروتينات

بفضل الحركة المستمرة، تُستبدَل الألياف العضلية يومياً بأخرى. في عمر الخمسين، يجد العضل صعوبة أكبر في تصنيع البروتينات ويحفّزه حمض السيترولين الأميني خلال هذه العملية. هذا العنصر موجود في البطيخ وتنتجه الأمعاء أيضاً. لكن تبين أنه يزيد الكتلة العضلية من دون إعطاء آثار جانبية. يمكن إيجاد السيترولين في الصيدليات على شكل مغلفات يجب خلطها مع مشروب أو مع اللبن على الفطور أو الغداء. على صعيد آخر، يجب التنبه إلى مخزون الفيتامين D في أشهر الشتاء لأن تراجع مستواه قد يمهد لضعف العضلات تزامناً مع الإصابة بهشاشة العظام ومشاكل صحية أخرى. في هذه الحالة، يمكن أخذ مكملات الفيتامين D3.

حماية البشرة من آثار الزمن

تظهر آثار الشيخوخة في المقام الأول على البشرة، لذا يجب الاعتناء بها لاستعادة تقدير الذات والشعور بالراحة.

أبرز التدابير الوقائية

ترطيب البشرة بانتظام

من خلال شرب ليتر ونصف ليتر من الماء في اليوم، تتخلص البشرة من السموم. قد يتراجع نشاط الغدد الدهنية وتصبح البشرة أقل سلاسة وأكثر جفافاً، فتبرز الحاجة إلى استعمال كريمات غنية بالدهون لتأخير ظهور التجاعيد. يمكن الاستفادة أيضاً من أخذ مكملات مرطّبة ومصنوعة من الأوميغا 3 وحمض الهيالورونيك لمعالجة البشرة الجافة.

استهلاك المغذيات المفيدة

بالإضافة إلى مضادات الأكسدة التي تساعد البشرة على مقاومة الاعتداءات الخارجية، يساهم بعض المغذيات في الحفاظ على مرونتها: فيتامين A (بيض، مشتقات حليب)، فيتامينات B5 (لحوم، صفار البيض، فطر، بقوليات، حبوب كاملة، فاكهة وخضار) وB8 (فاكهة، خضراوات، دجاج). ولا ننسى أهمية الأحماض الدهنية الأمينية الموجودة في الزيوت النباتية والأسماك. كذلك، زادت فاعلية المنتجات الحديثة التي تقاوم تدهور أنسجة البشرة.

حماية البشرة من الشمس

تسرّع جميع العوامل البيئية التي تنتج الجذور الحرة شيخوخة البشرة: نظام غذائي سيئ، تلوث، ضغط نفسي، تدخين، التعرض للشمس... تظهر بقع الشيخوخة في مرحلة أبكر من العادة على البشرة التي تسمرّ تحت الشمس. لذا يجب دهن واقٍ شمسي عليها يومياً في الطقس الحار. يوصي الخبراء أيضاً بتجنب السكريات السريعة على العشاء لأنها تنعكس سلباً على إنتاج هرمون النمو الذي يصلح البشرة ليلاً. من الأفضل تناول نوع آخر من السكريات في الساعة الرابعة بعد الظهر (موز، فاكهة مجففة، شوكولاتة سوداء).

الهرمونات المضادة للشيخوخة

ما هو الرابط بين الهرمونات والشيخوخة؟

مع التقدم في السن، يتراجع معدل الهرمونات بشكل واضح ويضعف نشاط مستقبِلاتها. نظراً إلى دور الهرمونات الأساسي، يكون التعويض عن هذه الخسارة جزءاً مهماً من العلاج المضاد للشيخوخة لكن لا يسهل التلاعب بهذه العملية دوماً.

هل يفيد هرمون "ديهيدرو إيبي أندروستيرون”؟

إنه الستيرويد الموجود بأكبر كمية في الجسم. يتوقف مفعوله على الجرعات والأفراد، فهو قادر على بث الطاقة ومقاومة الضغط النفسي وتحسين النوم وتقوية العضلات والعظام والمناعة والشرايين وإقامة توازن بين الكولسترول الجيد والسيئ وتعزيز الرغبة الجنسية. يجب تحديد الجرعة المناسبة من هذا الهرمون ومراقبة مفعوله لأنه قد يتحول إلى أستروجين ويتراكم في الجسم أحياناً.

هل من هرمونات مفيدة أخرى؟

يتراجع هرمون الكورتيزول بعد إعادة التوازن إلى الستيرويدات العصبية، ما قد ينعكس على الراحة والانتباه والذاكرة. يؤدي هرمون النمو دوراً مؤثراً أيضاً لكن يصعب استعماله ولا تزال الدراسات المرتبطة به متناقضة لذا لا يصفه الأطباء بشكل عام.

تحسين أداء الدماغ

يضعف الدماغ إذا لم نستعمله! يمكن تقويته في أي عمر شرط حمايته وتغذيته بالعناصر التي يحتاج إليها.

أبرز التدابير الوقائية

تقوية الدماغ بالمغذيات

يحتاج الدماغ إلى نسبة كبيرة من الطاقة التي توفرها الكربوهيدرات المركبة (معكرونة، أرز، خضراوات جافة) والأحماض الدهنية، لا سيما الأوميغا 3. يكون الأشخاص النحيفون والبدينون بشكل مفرط بين عمر الأربعين والخامسة والخمسين أكثر عرضة للإصابة بالخرف.

تبني الحمية المتوسطية

يجب التركيز على تناول المأكولات المضادة للأكسدة كونها تحمي الخلايا العصبية من الجذور الحرة. تؤدي المشاكل الوعائية إلى تراجع أداء الدماغ.

لذا يُعتبر كل ما يفيد جهاز القلب والأوعية الدموية مفيداً للدماغ أيضاً.

تجنب التلوث

يتدهور أداء الدماغ بسبب التعرض للعناصر التي تسمم الأعصا.

أما الجزيئات الدقيقة، فهي تسيء إلى الرئتين والدورة الدموية وتسبب التهاباً في الأنسجة الدماغية، ما يرفع مستوى القلق ويضعف القدرات المعرفية.

تغذية الخلايا العصبية بالأوكسجين

يستعمل الدماغ 25% من الأوكسجين الذي نتنشّقه. لذا يجب تشغيل العضلات لتحسين الذاكرة! تقوي النشاطات الجسدية مضخة القلب ويحصل الدماغ على الكمية اللازمة من الدم والأوكسجين. حتى إن تقوية العضلات تحسن ذاكرة الأشخاص الأكبر سناً.

يمكنك أن تمارس المشي السريع بين 30 و60 دقيقة في اليوم، فضلاً عن تخصيص حصتين رياضيتين في الأسبوع لتقوية عضلات البطن والأرداف.

كسر الروتين

قد يزيد الروتين فاعليتنا لكنه يضعف قدرتنا على التكيف مع المستجدات. لإنتاج خلايا عصبية وروابط جديدة، يجب تنويع النشاطات: قراءة، كتابة، تنظيم المناسبات، طبخ، أشغال يدوية، سينما، مقابلة الأصدقاء...

الاقتناع بتغير مسار النوم

النوم عامل أساسي للصحة. لكن على مر السنين، تتجزأ الليالي وتشمل مراحل من اليقظة. بدل السعي إلى استرجاع إيقاع النوم السابق عبر أخذ الأدوية المنومة التي تضعف الانتباه والذاكرة، تسمح القيلولة القصيرة بالتعويض عن النقص.

تجنب القلق من دون مبرر

من الطبيعي أن ننسى أحياناً مكان المفاتيح أو النظارات أو الأسماء والأرقام. في ما يخص مرض الزهايمر، هو يظهر بطريقة مختلفة: قد ننسى أيام الأسبوع، أو نتوه في وسائل النقل، أو نطرح أسئلة متكررة... يجب أن تدفعنا هذه المؤشرات إلى استشارة الطبيب لكن لا داعي للشعور بقلق فوري لأن هذه الأعراض قد تكشف عن أمراض أخرى.