هناك كلمات معربة في لغتنا دخلت علينا مع "كتبخانه" أو "أدبنامه" أو حتى "أكزخانه"! وفي بعض بلداننا العربية لا تزال تستخدم وهي من ضمن لهجتهم المحلية، لا تعصروا عقولكم يا سادة فكلمة "حزنعادة" من تأليفي وهي دمج كلمتين "حزن" و"سعادة".

Ad

فهناك من عرَّف السعادة لنا في سطر ووضعها في قالب ديني إسلامي كقول الشاعر:

ولست أرى السعادة جمع مالٍ    ولكن التقي هو السعيدُ

وعرفها ابن القيم بأنها القرب من الله بقوله: "فأطيب ما في الدنيا معرفته ومحبته، وألذّ ما في الجنة رؤيته ومشاهدته، فمحبته ومعرفته قرَّة العيون، ولذة الأرواح، وبهجة القلوب، ونعيم الدنيا وسرورها، بل لذات الدنيا القاطعة عن ذلك تنقلب آلاماً وعذاباً، ويبقى صاحبها في المعيشة الضنك، فليست الحياة الطيبة إلا لله". أما تعريفات غير المسلمين للسعادة فهي كثيرة كذلك، مثلما عرفها غاندي فقال: "تتوقّف السّعادة على ما تستطيع إعطاءه، لا على ما تستطيع الحصول عليه"، أما تولستوي فقد أرشد الباحثين عن السعادة بقوله: "إننا نبحث عن السعادة غالباً وهي قريـبة منا، كما نبحث في كثير من الأحيان عن النظارة وهي فوق عيوننا"، ولم تقتصر تعريفات السعادة على نمط واحد، فأحدهم يقول- وللأسف لا تسعفني ذاكرتي باسمه- "هناك هدفان في الحياة؛ أن تحقق ما تريد ومن ثم تستمتع به، الرجال الحكماء فقط يستطيعون فعل الثانية".

لا أشك للحظة واحدة أن جميع من تحدثوا عن السعادة قد شعروا بها فعلاً في أحيان كثيرة، ووجدوها في الطريقة التي وصفوها، فهم صادقون في ادعائهم لكنهم مخطئون في تعميمهم؛ فكل إنسان منا له طريقته الخاصة في النظر للحياة وللأمور وحتى للموت! هنا سأتحدث معكم عن فلسفتي الخاصة في "الحزنعادة"، وهي فلسفة قد لا تعجب الكثيرين، لكنها بلا شك تناسبني، ووجدت راحة نفسية من خلال تطبيقها على نفسي فقط، وأشك أن أحداً ممن حولي تأثر بها رغم أنهم يشاهدونها كثيراً في تصرفاتي!

فلسفة "الحزنعادة" هو أن أحزن كما يحزن جميع البشر! لأنني إنسان لكنني لا أترك الحزن في صدري أكثر من خمس وعشرين دقيقة، مهما كان المصاب جللاً وعظيماً، فخمس وعشرون دقيقة تكفيني، أما أنت فقد تحتاج لساعة أو لأقل أو لأكثر، لا أعلم لأن الشريحة التي طبقت عليها هذه التجربة هي "أنا" فقط! ولأنني لست دكتوراً نفسانياً إنما مجرب وطبيب على نفسي، فقد يكون لكل شخص دقائقه التي تناسبه. بعد أن أحزن لمدة خمس وعشرين دقيقة لابد ولزاماً علي أن أطبق خمسة أمور، هذه الأمور يجب أن تنفذ بكاملها وإلا فقد العلاج مفعوله، وصار الحزن مسيطراً عليّ.

الأمور الخمسة اكتشفتها بالتجربة، لا بالعلم والقراءة، ولذلك أقولها لكم، قد لا تجدون فائدة عظيمة من تجربتها، لكنكم بالتأكيد ستجدون فائدة أنكم جربتموها ولم تجدوا فائدة!

 أولى هذه الوسائل "إعادة عقلك للعمل!" نعم، وأنت حزين أو غاضب عواطفك هي التي تسيطر عليك، فأنت لا تفكر إنما تتحول إلى كتلة مشاعر دون ذرة عقل، وعادةً المشاعر في هذه المواقف لا تؤدي إلى نتيجة إنما تزيد المشكلة، فالعقل أساس حل كل معضلة.

أما ثانياً، إذا كان حزنك مبنياً على مشكلة يمكن حلها فحاول حلها مع الطرف الآخر، فإن وجدت منه عناداً وتعصباً لرأيه فلا تيأس إنما سامحه! فتكون بذلك قد حللت المشكلة من طرفك، وتذكر قول "برنارد شو": "سامحه، فهو يعتقد أن عادات قبيلته هي قوانين طبيعية!"، وخصمك يعتقد أن طريقة تفكيره هي قوانين الكون.

أما الوسيلة الثالثة فهي أن "تكون كالآلة" لها زر تشغيل، تتحكم أنت بمشاعرك حينها، ولا يوجد أحد في العالم لا يستطيع أن يتحكم في مشاعره، إنما يوجد بشر لا يريدون الصبر ولا يحبون المحاولة.

النقطة الرابعة تدعوك لأن "تفصل بين المواقف"، فحزنك على تصرف ابنك مثلاً لا يعني جر الحزن لمحيطك وإدخالهم في دوامة الحزن لأنك حزين!

آخر الوسائل وخامسها أن تفهم مفهوم "الحزنعادة"، وهو أن تحول بإرادتك حزنك إلى سعادة، أو على الأقل توقفه بأسرع وقت.

«شوارد»:

احزنوا وافرحوا في وقت قصير؛ فالحزن ثقافة كما أن السعادة عادة! فاقلب حزنك إلى سعادة، وليكن شعارك في هذه الحياة: سأعيش تحت ظل "الحزنعادة"!