• المشهد الأول في العالم العربي:

Ad

 هبت نسائم الحرب الباردة على المنطقة منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية حتى أوائل التسعينيات، فأحدثت توازنا مؤقتا استفادت منه الدول الصغيرة عبر المبادرة والمناورة واللعب في الوقت الضائع أثناء صراع «الكبار» ووسط تحول منطقة الشرق الأوسط آنذاك إلى قبلة للباعة المتجولين من تجار الذخيرة الحية، وساحة للمتجولين أيضا، ولكن من متخصصي بيع المبادرات السياسية لتغذي الكتل المتصارعة، وبرزت آنذاك مسميات كجبهة الصمود والتصدي التي تخصصت برفض كل مبادرات الحوار أو تقرير المصير، دون نتيجة تذكر، وبرزت شبكات إرهابية متطرفة تتخذ من الأيديولوجية غطاء.

واليوم تأتي الظروف الحالية لتنقلنا إلى أجواء حرب باردة أخرى، فقد ابتدأ سباق التسلح بالمنطقة وأصبح في متناول الشبكات التي لا تعرف إلا العنف، واختل التوازن بعد انحسار الربيع العربي، وإعادة تمكين إيران من المجتمع الدولي وتحول العقوبات المفروضة إلى مكافآت تجارية ومشروطة وسط حذر خليجي ومخاوف إقليمية، ولم تستطع حتى يومنا هذا أن تستعيد دول الربيع كاليمن وليبيا وتونس قوامها السليم بسبب تعثرها في تجديد البنى التحتية وهجرة العقول إلى الخارج وتردد المجتمع الدولي نحو اتخاذ قرار.

• المشهد الثاني في إفريقيا:

 من كان يتصور أن تقوم جماعة ناشطة في مجاهل إفريقيا بإرسال تقارير تكشف هوية صائدي الأسود والحيوانات المفترسة، وتغذي الإعلام الدولي بخبر مقتل أسد من أسود الغابة؟ ومن كان يتصور أن تقوم جامعة أكسفورد بتكذيب الخبر والإعلان بأن الأسد بخير، والدليل هو جهاز تتبع الأثر الذي وضعه باحثو أكسفورد على الحيوانات في غابات إفريقيا.

 خلاصة الأمر أن الإفريقي يراقب الإنكليزي وهو يصطاد، والإنكليزي يراقب الحيوانات المفترسة، والحيوانات باعتقادي في حيرة من أمرها، فهل مصلحتها التعاون مع من يتتبع أثرها ببريطانيا؟ أم مع ابن البلد القابع بين الأشجار؟

•  المشهد الثالث في أروقة الأمم المتحدة:

 اللقاء السنوي المرتقب للقادة ووزراء الخارجية العرب على هامش اجتماعات الأمم المتحدة يثير العديد من التكهنات وسط واقع دول المنطقة، وحاجتها إلى المزيد من الدعم اللوجستي تجاه تفاقم النزاعات والكوارث الإنسانية، وضعف مجلس الأمن أمام آلية اتخاذ القرار السياسي والإنساني، وهنا نتساءل: ما موقف القادة العرب أمام انهيار وضعف دول كسورية واليمن؟ وهجرة العقول إلى الخارج؟

• المشهد الأخير:

ترصد المراكز البحثية للدراسات التربوية والتعليمية بأوروبا وأميركا مدى تفوق المهاجرين والمقيمين بصورة غير رسمية في العلوم والرياضيات، وتتابع النوابغ من تلك العقول لتمنحها تمويلا للدراسات العليا والإقامة الدائمة، فلماذا لا تتبع دولنا النهج ذاته؟

وللحديث بقية.