تعايش كامل مع الشخصية فادي عبداللهنوار القريني{مهنة التمثيل ليست سهلة تماماً»، يؤكد الفنان والكاتب نوار القريني «لأنها تعتمد على الملاحظة الدائمة لكل ما يجري حول الممثل من أحداث وشخصيات تمر في حياته، يخزنها في ذاكرته أو يدونها عنده».يضيف: «ذاكرة الممثل هي بمثابة بنك أو مخزن ينقذه في أي وقت، وتكسبه خبرة وحرفية تؤهلانه لأداء أدوار مختلفة مهما كانت معقدة، وكلما كانت خبرة الممثل غنية ومخزون ذاكرته وفيراً تخلص من شخصيته كفلان أو فلانة وجسد الشخصية المطلوبة بكل عفوية». يتابع: «العفوية عند الممثل تنعكس على المشاهد وتقنعه بأن هذا الشخص هو فعلا الشخصية التي يراها أمامه، مهما كانت معقده، فليس بالضرورة أن يكون الممثل مجرماً ليؤدي دور مجرم أو شحاذاً ليؤدي دور الشحاذ أو نصاباً أو رجل دين».حول تأثير ذلك على شخصيته الأساسية يوضح: «كثيراً ما سمعنا وقرأنا عن ممثلين عاشوا فترات من حياتهم متأثرين بدور أدوه في فيلم أو مسلسل أو مسرحية، لأنه بذلوا جهداً في البحث ودراسة تلك الشخصية، لذلك نلاحظ أن الدول المتقدمة توفر أخصائياً نفسياً للممثل يساعده على استعادة حياته الطبيعية، كلما شعر بأنه يميل إلى طباع تلك الشخصية التي قدمها».عبدالله التركماني«تكون المتعة هنا في كيفية التنقل من شخصية إلى أخرى على اختلاف أبعادها ومشاعرها وأحاسيسها وحتى شكلها الخارجي»، يشير الفنان عبدالله التركماني، مؤكداً أن ذلك «يقنع الجمهور والمشاهدين بأنك هذا الشخص (مهندس، طبيب، شرير...)، فتأتي ردود فعل هؤلاء صادقة ومتعايشة مع الشخصية المجسدة، منهم من يناديك باسمها أو كلماتها أو حتى يبدي رأيه بالإعجاب أو النقد الإيجابي أو السلبي، هذا هو النجاح الذي يطمح إليه الفنانون من الجنسين، لذلك تختلف طريقة التفاعل التي نسميها معايشة، ولكل فنان أسلوب متفرد عن الآخر».ويضيف: «أما بالنسبة إلي، فأدرس الشخصية وأجري أبحاثاً عنها في الشارع وفي النص، حول الكلام وطريقة التفوه به، وطريقة الكلام لباقي الشخصيات عنها، مع مراجعة مستمرة مع المخرج والمؤلف لنصل إلى شكل محدد واضح».يوضح في هذا الإطار: «هنا يبدأ عمل الفنان في التدريب على أداء الشخصية وحركاتها وانفعالاتها، من أحاسيس ومشاعر ومواقف لها ردود فعل متباينة، لكن الأهم التعايش الكامل مع الشخصية من مفهوم «لو السحرية»، كما نسميها في المسرح، فتكون مجمل تصرفاتي نابعة من الشخصية المدروسة التي أكون قد كتبت عن تاريخها وأبعادها، لأصل إلى الشكل المطلوب والمرجو ليشكل النتيجة النهائية».ويتابع: «ثمة أمر يجب ذكره، فمنذ بداية التصوير إلى نهايته تكون الشخصية قد تطورت ليتمكن الفنان منها أكثر، وكلما صور مشهداً تمكن أكثر من الشخصية».يشير إلى أن الشخصيات التي قدمها: جاسم الفنان، فارس، سلمان، وليدان، راشد، بوبدر، علي، خالد، بدر، طلال، فهد، أنس، موسى، صالح، وأخيراً المحامي جاسم، تعتبر عند الناس أسماء، «إلا أنها بالنسبة إلي شخصيات عشت معها بمخيلتي لأعطيها من روحي جزءاً تحيا به لفترة، تلازمني في كل لحظة من فرح وحزن وسعادة وبكاء وغضب وصراخ، تعايشت معها بكل تفاصيلها تجسيداً وتجسيماً، وفي كل عام ترحل شخصية ما من جسدي تاركة فراغاً في روحي، لتبقى ذكراها هي الراحة، لعشقي التمثيلي، فشكراً لهذه الشخصيات، لأنها سبب وجودي وكياني وحياتي».نصار النصار«يتم اختيار الكراكتر من الحياة الحقيقية»، يوضح الفنان والمخرج نصار النصار ويقول: «أجالس بعض الشخصيات في الحياة العامة كي أجسد الكراكتر نفسه، وفي بعض الأحيان استحضر الشخصية من حالات سبق أن مررت بها».حول تأثر بعض الفنانين بالشخصيات التي جسدوها يضيف: «عاش أحد الفنانين المصريين الشخصية التي تقمصها في الدراما، وبلغ تأثيرها على أرض الواقع في حياته، فأصبح يتعارك مع الناس، مثل دور المجرم والبلطجي الذي جسده في آخر أعماله التلفزيونية».يتابع: «على الممثل التنويع في اختيار أدواره ودراسته لها وبحثه فيها وتحليلها، ليؤدي شخصيات جديدة ومختلفة، ولا يمنع أن يشارك الممثل في أكثر من عمل شرط أن يغير الكراكتر ولا يسجن نفسه في شخصية معينة، وفي حال كرر الكراكتر ذاته يؤدي ذلك إلى قتل للفنان». يرى ضرورة أن تتوافر لدى الممثل مواصفات المرونة الذهنية والجسدية، وتمتعه بلياقة ذهنية ومهارات الذاكرة السريعة في استدعاء الكراكترات المحزنة.إثبات الذاتبيروت - ربيع عوادزينة مكيقدمت زينة مكي خلال مشوارها التمثيلي القصير أدواراً مختلفة ومتناقضة، لفتت الانتباه إليها، نظراً إلى القدرة التي تتمتع بها، في الخروج من شخصية لدخول في معالم شخصية أخرى تناقض الأولى، وتختلف عن شخصيتها الحقيقية، تقول في هذا السياق: {رغم أن تجسيد شخصيات بعيدة عن طريقة تفكيري ونمط حياتي، يعذّبني، إلا أنه يشكّل لذة أيضاً لأنه يتطلّب تمعّناً ودراسة وتعمّقاً وتحليلاً، فأشعر كأنني خرجت من ذاتي لابتكار إنسان جديد يشبهني شكلا لا مضموناً، فأتولى صقله مجدداً بكل تفاصيل حياته، أي على صعد طريقة التحدث والمشي والتصرف. تضيف: {ثمة تحديات كثيرة في التمثيل ومنها إثبات الذات، أما الصعوبات فتتجلّى، خصوصاً، بعد وضع الممثل في قالب محدد نجح فيه، وعدم الإفساح في المجال أمامه لأداء أدوار متنوعة ضرورية في مسيرته}. تتابع: {قد يضطرّ الممثل اللبناني مرغماً أحياناً إلى القبول بأدوار لا تعجبه من أجل المردود المادي، مثلما يضطر لتصوير أعمال عدّة، في الوقت عينه، من أجل لقمة العيش من دون إعطاء كل دور حقّه. وهنا لا يمكن أن نلوم الممثل على أدائه بل المنتجين الذين لو دفعوا أجراً جيّداً كما يحصل في الخارج، لاستطاع الممثل إعطاء كل دور حقه}.ورد الخالتعتبر ورد الخال من الممثلات اللواتي جسدن شخصيات مختلفة من خلال الأدوار التي أدتها، وتشير في هذا السياق إلى أنها تتجه نحو شخصيات جديدة بعيدة عنها لتشعر بتحدٍّ حقيقي وإخراج إمكانات من داخلها كانت تجهلها.تضيف: {من الطبيعي أن أتأثر بجوانب معيّنة من الشخصيات التي أؤديها، لكنني أفضل العودة الى حياتي الطبيعية وشخصيتي الحقيقية، لذا أكسر دائماً صورة الشخصية التي أديتها عبر اللباس والتصرفات، لئلا أفسح في المجال أمام سيطرتها عليّ}.تتابع: {رغم محبة الجمهور لشخصية غادة، في مسلسل {عشق النساء}، الجميلة والمثالية والتي انعكست محبة شخصية لي، احرص على عدم شراء الثياب التي تشبه ثيابها وعدم تسريح شعري مثلها!}حول صورة المرأة التي تحب تجسيدها توضح: {المرأة القويّة إجمالا، على غرار تلك التي تكتب عنها منى طايع، اذ تُظهرها قوية في ضعفها، تنتفض على واقعها غير مكسورة أو ضحيّة، بل خارج القمقم الذي يسعون إلى إبقائها فيه. فضلا عن انني التفت إلى كيفية كتابة الشخصيات وإعطائها بعداً وعمقاً معيّنين، فتكون كل الأدوار مُغرية لدى الممثل كونها تثير فضوله وتجعله يحتار أياً منها يختار}.دارين حمزةشاركت دارين حمزة في رمضان الماضي في ثلاثة أعمال مختلفة، فكسبت تعاطف الجمهور مع شخصية رحيل الطيّبة في {أحمد وكريستينا}، ولاقت استحساناً في دور جومانة العاشقة في {العراب\ نادي الشرق}، وشاركت في بطولة {بيروت واو} للكاتب والمخرج فادي ناصر الدين، إنتاج {آرتريب}، وجميعها شخصيات لا تشبه شخصيتها الحقيقة، إلا أنها زادتها غنى على المستوى الشخصي وصقلت موهبتها من خلالها. عمّا إذا كانت تختبر من خلال هذه الشخصيات المتنوعة ما لا يمكن أن تكونه في الواقع، تقول: {أنجذب أولا إلى الشخصيات التي لم أؤدها سابقاً، وثانياً إلى تلك التي تحمل رسائل هادفة غير سطحية مثل بتول في مسلسل {الغالبون}، أو رحيل في {أحمد وكريستينا}، أو دوري كإمرأة معنّفة في {بيترويت}، إنما يصعب للأسف توافر هذا النوع دائماً. كذلك أنجذب إلى الشخصية البعيدة عنّي في الواقع كونها تشكل تحدياً معيّناً بالنسبة إليّ}. حول الأدوار التي تلفتها تضيف:} أختار أدواراً جديدة خصوصاً إذا كانت معروضة، في الوقت نفسه، عبر الشاشة. على عكس بعض الممثلين الذين يختارون أدواراً متشابهة، فيقدّمون الأداء نفسه شكلا ومضموناً، ولا نستطيع تمييز شخصياتهم بين عمل وآخر. برأيي عندما نختار المشاركة في عملين متزامنين، يجب أن يكون الدوران متناقضين وإلا نضرب صورتنا المهنية}. دراسة مستمرة ومراقبةالقاهرة – بهاء عمرتعتبر لقاء سويدان الأدوار التي تؤديها، سواء على شاشة السينما أو التلفزيون، مختلفة عن شخصيتها الحقيقية، ما يضطرها إلى دراسة تفاصيل الشخصية المكتوبة على الورق، لتكوين صورة ذهنية تتخيلها وتبدأ بعدها مراقبة بعض الشخصيات، سواء من المقربين أو الذهاب إلى أشخاص بعينهم لمراقبتهم والتحدث معهم، والاطلاع على تفاصيل دقيقة في شخصيتهم إذا استدعى الدور ذلك.تضيف أن كل شخصية تصادفها في حياتها اليومية وكل حالة إنسانية تراها، تختزنها في عقلها الباطن حتى يأتي إليها دور ما يشبهها، فتستدعي من ذاكرتها إحدى هذه الشخصيات وتبني عليها تفاصيل الشخصية المكتوبة على الورق لتظهر للجمهور بشكل متكامل.تقمص وإتقانيختلف محمود الجندي في استعداده للأدوار التي تعرض عليه، فيبدأ في عمل بروفات مع المخرج وكاتب السيناريو للتحضير للشخصية ومعرفة حالتها النفسية التي سيظهر بها، إذا كانت الشخصية مركبة، فيختار ملابس الشخصية سواء كانت جلباباً أو ملابس عادية (قميص وبنطلون)، ولو احتاجت الشخصية لماكياج معين يجري تجربة أولية عليه، عندها يشعر بأنه تقمص الشخصية الجديدة ويتعامل معها لعدة أيام حتى يتقنها.تعتبر أميرة العايدي أن لكل شخصية تؤديها مشابه لها في الحياة اليومية، وهو ما تركز عليه أثناء دراستها للشخصية، فلدى قراءة سيناريو ما، تبحث في تفاصيل الشخصية على الورق وعما هو مشابه لها في الحياة بين أصدقائها أو الجيران أو المقربين، أو تسأل أصدقاءها المقربين عن حالة بتلك المواصفات، لتتقرب منها وتحكي معها حول طريقة لبسها أو مشيتها وأسلوب الكلام، وتكون في أشد حالات السعادة إذا وجدت تلك الشخصية، وكانت لها إحدى اللزمات الخاصة بها، فتميزها عن غيرها من الشخصيات، عندها تستعين أميرة بهذه اللزمة أثناء تمثيل الدور، ما يضيف إليه ، بحسب رأيها، ويجعل الشخصية تعلق أكثر في ذهن المشاهد.رسم واضح للشخصيةفي رأي داليا البحيري أن شخصيتها في حياتها العادية لا بد من أن تبتعد تماماً عن أي شخصية تؤديها، سواء في السينما أو التلفزيون، ما يجعلها تعيش أكثر من حالة إنسانية على مدار العام إذا كانت مرتبطة بأكثر من عمل، لا سيما أن كل شخصية على الورق لها طابعها الذي يميزها عن غيرها من الشخصيات، حتى لو تقاربت القصة، فليس كل شخص يشبه الآخر تماماً، وهو ما تهتم به داليا في تفاصيل الشخصيات ومدى تفاعلها مع غيرها من شخصيات العمل الفني. تتذكر أنها قبل تصوير مسلسل {صرخة أنثى} المتمحور حول المتحولين جنسياً، ولدى قراءة السيناريو للمرة الأولى شعرت برهبة، خصوصاً أن الدور مركب ومعقد للغاية، وقلّة أدّته على الشاشة، فقصدت أحد الأطباء النفسيين وآخر متخصص في مثل هذه النوعية من الجراحات، وبعد جلسات عمل مع الأطباء للوقوف على الأبعاد الجسدية والنفسية التي تمر بمثل هذه الحالات، بدأت جلسات عمل مع المخرج لوضع اللمسات الفنية على الشخصية، وبعد ارتداء الباروكة الخاصة بالعمل، بدأت تتقمص الشخصية، وتزايد هذا الإحساس لديها مع بداية التصوير والدخول بعمق في تجسيد الشخصية.بدوره يرى أحمد فلوكس أن تجربة قراءة أي عمل، سواء كان سينمائياً أو تلفزيونياً، هي الأصعب في مراحل العمل كافة، لأن القراءة تحدد ملامح الشخصية التي سيمثلها، لا سيما أن له طقوساً محددة عند قراءة السيناريو، فيحلل الشخصية بمفردها ثم في إطار العمل ككل، وهو ما يعتبره أهم مراحل رسم ملامح الشخصية، وتظهر هذه الملامح الواحدة تلو الأخرى، ما يشكل في النهاية رسما واضحاً للشخصية بكل تفاصيلها الداخلية، المرتكزة على النفسية والانفعالات وملامح خارجية تهتم بالشكل أو اللبس. أضاف أن دوره في مسلسل {باب الخلق} أمام محمود عبد العزيز، أكبر دليل على تقمص الفنان شخصية غير شخصيته الحقيقية، فشخصية ضابط الأمن الوطني التي جسدها تطلبت منه الجلوس فترات طويلة مع معارف وأصدقاء له من الضباط، ومراقبتهم أثناء فترة عملهم، ليتعلم كيف يتعامل الضابط داخل مكتبه ومع الحالات التي تعرض عليه، لا سيما أن الدور شديد الحساسية بحكم أنه ضابط أمن وطني مسؤول عن ملف أحد الإرهابيين.
توابل - مزاج
بين الشخصية الحقيقية والدرامية... أين يكمن تحدّي النجوم؟
26-09-2015