خرج المخرج محمد الحملي عن المألوف في العرض المسرحي «الجندول» لفرقة مسرح الشباب.

Ad

تتواصل عروض مهرجان الكويت المسرحي في دورته السادسة عشرة، وقدمت فرقة مسرح الشباب العرض المسرحي "الجندول"، وهو من بطولة كل من علي الحسيني، وعبدالله الخضر، وحسين المهنا، ومن تأليف بييرفيراري وروبيربيك عن نص "القرعة"، وتصدى للإخراج محمد الحملي.

وعند دخول الجمهور إلى خشبة مسرح الدسمة شاهد الحملي في حالة فريدة من نوعها، فقد استقبل الناس بتوزيع أكياس من البوب كورن، ونظارات الـ3d استعداداً لمشاهدة عرض يرفع شعار كسر الحاجز الخامس، مما خلق حالة من الدهشة والفضول لبدء العرض المسرحي لما اعتاد عليه الجمهور من عنصر المفاجأة المعهودة في مسرح الحملي، الذي يتمتع بخصوصيته من حيث الفكرة ومن حيث الطاقات الشبابية.

وقبل أن أتطرق إلى القضية التي تناولها العمل توقفت قليلاً لأبحث عن النص الأصلي "القرعة" الذي استلهم منه الحملي نصه لكي أقارن بينهما، ولكنني فشلت في العثور عليه، وارتدى الجميع بالفعل تلك النظارة وسرعان ما خلعوها لأنها لم تضف شيئاً، فما هي سوى خدعة أو مداعبة من المخرج لجمهوره.

بدأت الأحداث في أول المشاهد بحالة من الذعر التي أصابت أهل الديرة نتيجة لإعصار وأمطار شديدة، ثم دار الحديث عن ثلاثة شبان فُقدوا في رحلة بحرية، وأُلقي الضوء على كثير من القضايا التي تم إسقاطها، ليضعنا المخرج في أضيق القضايا، وهي قضية الانتظار والصراع بين هؤلاء الشباب الذين اشتد بهم الجوع ولا حيلة لهم سوى عمل قرعة ليموت أحدهم ويُأكل لحمه، فماذا أراد المخرج أن يعطي من دلالات من خلال هذه الفكرة؟

ألفاظ خادشة

جاء التمثيل في اللوحة الأولى انعكاسا لحالة ما أو قضية ما ننتظر أن نراها، ولكن لم نتبين البعد النفسي والاجتماعي لتلك الشخصيات، ولذلك لم نشعر بمعاناتهم الجوع أو الخوف من المصير المجهول، واستباحة أكل لحم أحدهم بضمير مرتاح.

وخدشت أجواء التهريج والخروج عن المألوف بألفاظ جارحة الحضور مع أنها يجب ألا يكون لها مجال فوق خشبة المسرح سواء كان تجارياً أو جاداً، فهل انحدرت اللغة العربية لتغدو عاميةً مليئة بالإيحاءات الجنسية الواضحة والتشبيه غير اللائق بجنسية إحدى الدول العربية، إضافة إلى المماطلة والمط في الحوارات التي كانت حشوا للوصول إلى الوقت المحدد لعرض المهرجان والتي كان معظمها مرتجلاً.

إضاءة مزعجة

وفق المخرج في كسر الإيهام وبناء خشبة مسرح بشكل احترافي من حيث القارب الذي تحركه مجموعة من الشباب في أسفله، في ظل الإضاءة التي جاءت مزعجة إلى حد ما بتسليطها المباشر على الجمهور، إلا أنها كانت مبهرة قبل انتقالنا إلى مشهد البحر، وانحصار الحدث من خلال الفضاء المسرحي في منتصف المنصة فقط وسط الماء الذي بلل الحضور في الصف الأول.

من جهة ثانية، عقد مهرجان الكويت المسرحي، في دورته السادسة عشرة، ضمن أنشطة مركزه الإعلامي، مؤتمرين صحافيين، بحضور د. محمد الحبسي والفنانة شمعة محمد، من عمان، والفنان عبدالله ملك من البحرين، والباحثة زهراء المنصور.

بداية، أشار د. الحبسي إلى بدايات المسرح العماني التي كانت في أربعينيات القرن الماضي، وتطور حتى أصبحت له مكانة كبيرة ضمن مسارح الخليج العربي، «لكن هذه الريادة لم تأت عن طريق المهرجانات فقط، بل تعدى ذلك، فهو موجود وينافس بقوة في كل المهرجانات التي يشارك فيها، فاللغة العربية الفصحى تبقى الأساس الذي يمكن طرح النصوص من خلالها، لكن ما ينقصنا هو التبادل بين أعضاء دول الخليج في المواد والنصوص لينتشرالمسرح والنص العماني».

من جانبها، أكدت محمد أن دور المرأة في المسرح العماني موجود، لكنه بحاجة لمؤلفين قادرين على كتابة القضايا التي تمس المرأة، فالفنانات العمانيات يفضلن العمل في الدراما على المسرح، رغم قدرتهن على الوقوف على خشبة المسرح، والكثيرات منهن اتجهن للعمل الإداري في الجامعات على حساب التمثيل، لوجود عراقيل عائلية مازالت تمثل عائقا أمام بعض الفتيات الراغبات في الفن».

وأكد الفنان ملك أن «المسرح يعد أحد أهم وسائل تعزيز الوحدة الوطنية في ظل الظروف التي يعيشها الوطن العربي، ونحتاج الى التلاحم ولم الشمل لنواجه بعض الانفس المريضة، خصوصا ان المسرح مبني على التعاون والتآزر والتلاحم».

ولفت الى افتقاد البحرين إلى مهرجان مسرحي محلي، وان الفرقة المسرحية الأهلية في المملكة استطاعت تنظيم فعاليات لسد الفراغ، باستحداث مهرجانات خاصة بها، مثل مهرجان اوال الذي انطلق عام 2004، ومهرجان الريف، واخيرا مهرجان الديودراما، مؤكدا ان هناك تفاؤلا كبيرا بين أوساط المسرحيين بمستقبل الثقافة والفنون في البحرين.

وأشادت المنصور بتوجه إدارة المهرجان الى طبع الأبحاث المشاركة في الندوة الفكرية، ما اتاح الفرصة امام الحضور للاطلاع على الورقات البحثية قبل موعد الندوة بوقت كاف، مشيرة إلى فنانات البحرين وتعاطيهن مع الفن او التوجه للمسرح، قائلة: «مجتمعنا منفتح بحيث لا يعارض توجه الفتاة للمسرح، خصوصا ان اغلب عروضنا ذات طابع جاد يحمل فكرا راقيا».