حقق باحثون من جامعة برمنغهام و{مركز أبحاث إعادة الترميم وعلم الأحياء المجهرية» التابع للمعهد الوطني لأبحاث الصحة بمفعول حمض الخليك المضاد للجراثيم ضد الحروق عبر استكشاف الكائنات التي تنمو على شكل عوالق أو أغشية حيوية.

Ad

الحروق إصابات صادمة وشائعة وتكون معرّضة للالتهاب بسبب غياب الحاجز الجلدي الطبيعي. يقلق المرضى بشكل أساسي من الالتهاب الموضعي الذي يمكن أن يسببه الحرق ومن تسمم الدم في المرحلة اللاحقة، علماً أن تسمم الدم هو السبب الرئيسي لوفاة المرضى المصابين بحروق.

يصعب معالجة التهاب الحروق بمضادات حيوية تقليدية لأنها لا تصل إلى الجرح بفاعلية وغالباً ما تكون الكائنات الالتهابية مقاوِمة جداً للمضادات الحيوية.

نُشرت دراسة على موقع «بلوس ون» وقد كشفت عن إمكانية استعمال كمية صغيرة من حمض الخليك لمعالجة الأغشية الحيوية، وبالتالي يمكن استعماله كخيار بديل لمضادات الميكروبات الموضعية التي تُدهَن على سطح البشرة وللخلطات التقليدية التي تُستعمل لمكافحة الميكروبات والوقاية من انتشار الجراثيم في الحروق.

حتى الآن، بقي استعمال حمض الخليك في التجارب العيادية محدوداً بسبب مخاوف المريض من عدم تحمّله. لكن بعد التأكد من فاعليته رغم استعماله بكميات أقل من الكمية المتعارف عليها، تجدد الأمل بتطوير علاجات حديثة.

أوضحت فينيلا هالستيد، عالِمة عيادية في مستشفى الملكة إليزابيث: «مع تنامي المقاومة تجاه المضادات الحيوية، يجب أن نجد طرقاً لاستبدال بها عناصر موضعية يمكن أن تقضي على الجراثيم وتساعد المصابين بحروق. تَعِد الأدلة المطروحة في الدراسة بأن تكون التقنية المستعملة غير مكلفة وفاعلة لتحقيق هذه الغاية».

زرع العلماء 29 جرثومة معزولة من مسببات الالتهاب الشائعة في المختبر.

ثم جرى اختبار قدرة حمض الخليك المخفف على كبح نمو مسببات الأمراض ومنع تشكّل الأغشية الحيوية ثم استئصال الأغشية التي تشكّلت مسبقاً على كل جرثومة معزولة. تبين أن كميات صغيرة من حمض الخليك (0.16 - 0.3%) تستطيع كبح نمو جميع السلالات، ومنعها من تشكيل أغشية حيوية (جراثيم تتصل بسطح البشرة)، واستئصال أغشية حيوية ناضجة في جميع الجراثيم المعزولة بعد ثلاث ساعات من التعرض لها.

في دراسة عيادية سابقة حول استعمال حمض الخليك كعلاج مضاد للميكروبات، استُعملت نسبة أكبر بكثير وصلت إلى 2.5%.

تابعت هالستيد قائلة: «يوفر الغشاء الحيوي أفضل بيئة كي تسبب فيها الجراثيم الالتهاب: بدل أن تعيش كخلايا فردية، هي تشكّل هناك مجموعة على شكل طبقة رفيعة نشاهدها في الجروح أو على الصمامات أو على أنبوب القسطرة مثلاً. حتى 80% من الالتهابات في الجسم ينجم عن تلك الأغشية الحيوية التي تكون أكثر مقاومة للمضادات الحيوية لأنها تبقى آمنة من حيث العدد ويصبح معدل الأيض أبطأ بكثير. لهذا السبب، تُعتبر فاعلية حمض الخليك ضد جميع أشكال مسببات الأمراض نتيجة ممتازة».

بدأ الفريق يصمم الآن تجارب عيادية لاختبار خلطات بسيطة ومنقوعة في حمض الخليك ومقارنتها بخلطات شائعة ومصنوعة من الفضة. ستختبر دراسة إضافية مدى فاعلية جرعتين محددتين من حمض الخليك على المرضى في «مركز الشفاء من الحروق» التابع لمستشفى الملكة إليزابيث.

قال مارك ويبر من جامعة برمنغهام: «استُعمل حمض الخليك بشكل متقطع في عالم الطب طوال الستة آلاف سنة الماضية، وقد كان ناجحاً في معالجة الطاعون والتهابات الأذن والصدر والمسالك البولية. بالتالي، هو يُعتبر مضاداً معروفاً ضد الميكروبات مع أن استعماله كان متقطعاً في التجارب العيادية. يقدم بحثنا الآن أدلة وافية لتوجيه مسار تطوير العلاجات التي تَعِد بأن تكون غير مكلفة وفاعلة».

«يأمل الكثيرون أن توفر هذه التجارب الجديدة معلومات واضحة عن طريقة استعمال الخل لمعالجة الحروق في أنحاء العالم. لكن لا بد من القيام بأبحاث إضافية لتحديد أفضل طريقة لاستعمال حمض الخليك أو مواد كيماوية مشابهة لمعالجة العدوى الجرثومية والوقاية منها. يجب أن ندرس أيضاً الطريقة التي يمكن أن تستعملها الجراثيم للتكيف مع وضعها أو للتطور مع مرور الوقت عند التعرّض لهذه الأحماض، ويجب أن نفهم طبيعة مفعولها وأن يهدف أي استعمال عيادي إلى تقليص مظاهر مقاومة العلاجات التي برزت مع المضادات الحيوية».

لكن يشدد فريق البحث على ضرورة ألا يستعمل الناس الخل بنفسهم عند التعرّض للحروق، إذ من الضروري أن يقصدوا المستشفى. يجب أن يقتصر علاج حمض الخليك على الحروق الخطيرة حيث يمكن أن يطرح الالتهاب مشكلة.