هل خطر ببال أحد من متخصصي العلاقات الدولية أننا سنذكر يوما في كتاباتنا أننا عاصرنا الحرب الباردة ودخلنا مرحلة تغيير و«اختلال» توازن القوى الدولية؟

Ad

عندما هبّت رياح الحرب الباردة على المنطقة أضاف تأرجح التوازن الدولي بين الشرق والغرب للعمل الدبلوماسي والتفاوضي الكثير بمنطقة الخليج، فعلى الرغم من أنه توازن مؤقت فإن الدول الصغيرة بشكل عام والكويت بشكل خاص قد استفادت ومارست سلوكيات المبادرة والمناورة في الوقت الضائع أثناء صراع الكبار.

 ومن أبرز المبادرات سعي دولة الكويت إلى عضوية مؤقتة بمجلس الأمن خلال فترة السبعينيات، الأمر الذي أثار الاستغراب والحماس معا لدى دول العالم النامي آنذاك، فاختارت التصويت للكويت ممثلة للكتلة الآسيوية بمجلس الأمن، وراعية لمبادرات السلم والأمن في المنطقة.

وأذكر أيضا أحداثا كثيرة تأثرنا بها كطلبة، وساهمت في شعورنا المبكر بالحاجة إلى نبذ العنف والإرهاب خلال فترة الثمانينيات أثناء تعرض دول مجلس التعاون الخليجي للإرهاب البري والبحري والجوي ثمناً لاعتدالها وعدم إتقانها  قواعد اللعبة السياسية «العنيفة» آنذاك، ومنها الكويت، وذلك بتعرض أبنائها للإرهاب الدولي بعد حادثة خطف طائرة «الجابرية»، ومواجهتها مباشرة للشبكات الإرهابية المتطرفة التي تتخذ من الأيديولوجية والأحداث السياسية غطاء لها.

خلاصة الموضوع أن دول الخليج أول من تعرض للإرهاب والعنف فور دخولها عالم التكتلات الإقليمية وتكوين مجلس التعاون الخليجي، وحاولت أن تبذل جهودا لتظهر بمظهرها المعتدل، وترسل رسائل دولية لنبذ العنف والإرهاب، بل حتى التطرف الفكري، وذلك بعد معاناتها من جراء حوادث العنف والإرهاب، لكن عوامل عديدة ومنها غياب الممارسات الديمقراطية لم يسعفها كدول في توصيل رسائلها إلى العالم، ومبادراتها بشكل واضح.

اليوم وبعد انتهاء الحرب الباردة وغياب زمن المبادرات الفردية، على دول الخليج أن تبادر بشكل جماعي تجاه العضوية و«الحضور» في مجلس الأمن وبشكل فاعل، وعليها اليوم أيضاً ومع تفشي المعاناة من العنف والإرهاب دوليا أن تمسك بزمام المبادرة مرة أخرى، أعني مبادرة نبذ العنف والإرهاب وحماية البيئة المحلية، ولكن بالشراكة مع المؤسسات الديمقراطية والمجالس المنتخبة؛ لحماية بيئتها الداخلية من العنف والتطرف وتعزيز القرار المشترك في آن واحد.

ورغم نجاحنا في الماضي بالتعامل مع توازن السلم بروح المبادرة الدبلوماسية، فإننا اليوم نقف أمام مفترق طرق، لذلك على دول الخليج التعامل مع الأحداث بجدية وحزم، فلم يحدث قط أن تحاط دول الخليج بمجموعة من الدول التي تعاني هلاك بناها التحتية، وانتشار شبكات العنف والإرهاب من خلال كثافتها السكانية المتهالكة، والهروب بشكل مؤلم للهجرة إلى الملاذ الآمن....  وللحديث بقية.

كلمة أخيرة:

  مكاتب استقدام العمالة وجدت طريقة للكسب السريع، وذلك باستقدام عمالة سيئة والاستفادة من تنقلها من منزل إلى آخر، فكل كفيل مطالب بدفع ألف دينار «كاش»، وبعد أسبوع تعود له الأموال ويسترجع المكتب الخادمة، فهل نحن بانتظار أن تتهمنا منظمات حقوق الإنسان بالمتاجرة بالبشر وغسل الأموال أيضا؟