ترك حسين فوزي علامات التعجب والدهشة على وجوه الموجودين في مكان تصوير الاستعراض الأول من فيلم «بابا عريس»، بسبب تعمده تجاهل نعيمة عاكف، رغم براعتها المعتادة، فقد كان يدرك أنها تقدم أفضل ما لديها من غناء ورقص وتمثيل، غير أنه أراد أن يرد لها «مقلب» تعمدها إثارة غيرته من المطرب سعد عبدالوهاب، أثناء تصوير فيلم «بلدي وخفة». هو لم يتخذ موقفاً من سعد عبدالوهاب، خصوصاً بعدما علم أنه لم يكن ثمة شيء بينهما، بل اقتنع بشكل كبير بموهبة سعد، وقدم له في العام نفسه 1950 فيلمين جديدين قام ببطولتهما إلى جانب المطربة الشابة صباح، الأول بعنوان «سيبوني أغني» كتب له حسين فوزي القصة والسيناريو، وكتب الحوار أبو السعود الإبياري، وشاركهما البطولة كل من هاجر حمدي، سامية رشدي، إلياس مؤدب، عبد المنعم إسماعيل، ولولا عبده، الفيلم الثاني بعنوان «أختي ستيته» سيناريو وحوار حسن توفيق، وشارك سعد عبدالوهاب وصباح في بطولته، عفاف شاكر، وحسن فايق، ومحمد الديب، وعبدالمنعم إسماعيل، جمالات زايد، وعبد الحليم القلعاوي.

Ad

مع حرص حسين فوزي على نجاح أول فيلم ملون لكنه لم يكن يدرك أنه وضع «النار إلى جانب البارود»، وأن أحد العناصر التي اختارها بعناية فائقة وعن قصد، سيكون سبباً في كثير من المشاكل، باختياره الفنانة كاميليا للمشاركة في بطولة الفيلم أمام نعيمة عاكف، لتأتي الحيلة التي دبرها عن عمد، بنتائجها منذ اليوم الأول للقائهما معاً أمام الكاميرا.

كان اللقاء الأول الذي يجمع بين نعيمة وكاميليا في الملهي الليلي. يصطحب حسن فايق أو «بطاطا» «هادية» إلى الملهى الليلي الذي اعتاد والدها السهر فيه. يجلس على الطاولة مع «قشطة» ووالدتها «بالوظة»، وما إن يدخل بطاطا بصحبة «هادية» حتى تلفت نظر جميع من في الملهى، وينبهرون بجمالها، ويتابعونها بأنظارهم حتى تجلس على طاولة في مواجهة طاولة والدها، ومن المفترض بمجرد أن ترى قشطة بطاطا، تقوم من مكانها إلى جوار رأفت بك، لتتجه إلى بطاطا لترحب به.

«مقلب غرام»

وصلت نعيمة إلى الأستوديو مبكراً كالعادة، وقامت فوراً بالاهتمام بإطلالتها، كذلك جميع الفنانين الذين سيشاركون في المشهد، حسن فايق، فؤاد شفيق، ماري منيب، عبد السلام النابلسي، باستثناء كاميليا، التي وصلت متأخرة، فاضطر الجميع إلى الجلوس في انتظارها إلى حين الانتهاء من ارتداء ملابسها ومن الماكياج وتسريحة الشعر، الأمر الذي جعل نعيمة تستشيط غضبا قبل بدء التصوير، فذهبت إلى حسين فوزي تشكو له:

= أيوا أيوا عارف.

* عارف وساكت... دا عمر ما في ممثل كبير أو صغير عملها في بلاتوه الأستاذ حسين فوزي... حتى أنا اللي اسمي بطلة الفيلم جايه قبل التصوير بتلات ساعات ولبست وعملت مكياج وقاعدة بقالي ساعة وكاميليا هانم لسه ما شرفتش.

= معلش يا نعيمة... لازم نستحملها شوية مهما كان كاميليا نجمة كبيرة... وبيني وبينك هي شايفها نفسها حبتين ومدلعة.... وبصراحة حقها واحدة في جمالها ودلعها لازم تعمل كده.

* إيه؟ أنت بتقول إيه يا أستاذ؟

= أنا قصدي أنها شايفه نفسها علشان مطلوبة في السوق... تتصوري أنها بتشتغل في تلات أفلام في وقت واحد.

ثم التفت حسين فوزي إلى العاملين في البلاتوه والفنانين المشاركين في المشهد وقال:

= معلش يا جماعة... هانضطر نستنى كاميليا كمان شوية.

ذهبت نعيمة بغضبها إلى حسين فوزي ليأخذ لها بالثأر من كاميليا، ويتخذ قراراً بعدم استكمالها الفيلم واستبدال بها ممثلة أخرى، لما عرف عنه التزامه الصارم في عمله، إلا أنه زاد غيرتها اشتعالاً، لدرجة أنها شعرت بأنها إذا ما شاهدت كاميليا في هذه اللحظة، لأشعلت فيها النيران، الأمر الذي زاد من سعادة حسين فوزي.

كل من في الأستوديو من الفنانين والفنيين والعاملين، يعلمون تماماً قيمة نعيمة عاكف لدى مخرجهم حسين فوزي، والقدر الذي تتمتع به من الدلال والتفضيل في كل شيء، ليس لأن حسين يحبها، لكن أولاً لموهبتها الكبيرة. ثانياً، لأنها بطلة الفيلم. الأمر الثالث، وهو الأهم، أن شركة الإنتاج تعتبرها «الدجاجة» التي تبيض ذهباً مع كل فيلم جديد، ومن المؤكد أنهم يستطيعون الاستغناء عن أي عنصر في الفيلم، إلا نعيمة، لذا يعملون مع المخرج وكل من في الأستوديو على إرضائها. غير أنه اضطر إلى أن يسند الدور الثاني إلى نجمة شقراء فاتنة، لأن الدور يحتاج إلى ممثلة جميلة، لكن كان لا بد من أن يتوقع حدوث انفجار بين النجمتين، خصوصاً أنه اتفق مع كاميليا على تدبير المقلب في نعيمة، وهو ما حدث بالفعل بمجرد أن بدأ التصوير.

كان المشهد يدور في الملهى الليلي الذي يقضي فيه رأفت بك لياليه مع عشيقته «قشطة» ويصل بطاطا حبيب قشطة بصحبة هادية ابنة رأفت، ليقدمها له وللجميع باعتبارها نجمة المستقبل التي اكتشفها، فما إن تلمح قشطة بطاطا وهو يجلس إلى جوار هادية، حتى تنتقل من طاولة رأفت بك، إلى طاولة هادية وبطاطا:

- هاللو.

= قشطتي معبودتي.

* احم احم احم.

= أيوا أقدملك ياستي الوجه الجديد الآنسة.

* شمس يافندم.

= أيوا وهاتكون شمس المسارح ونورها الوهاج.

- أهلا وسهلا تشرفنا.

* ما تقعدي... هاتلها كاس ويسكي وخليه على حسابي.

= لا متشكرة.

* طب مع السلامة.

- سامع يا جردل... طيب استنى عليا.

= يعني يكونش الهجوم الخاطف... كويس كده يا هادية.

* اسكت أنت... أنت لسه شوفت حاجة.

ما إن انتهت نعيمة من جملتها الأخيرة في المشهد، لتبدأ بعدها في تقديم استعراض غنائي راقص، حتى صاحت كاميليا مطالبة بإيقاف التصوير، وسط دهشة الجميع الذين ارتسمت على وجوههم علامات الاستفهام والتعجب، فهي سابقة تعد الأولى من نوعها، فلم يكن ثمة من يجرؤ على إيقاف التصوير في بلاتوه حسين فوزي، بما في ذلك نعيمة عاكف النجمة المدللة، ولا حتى كاميليا نفسها، لولا أن حسين اتفق معها على ذلك، وإن كان تظاهر بالعكس:

= إيه يا مدام كاميليا وقفتي التصوير ليه؟

- أوه سوري يا أستاذ حسين... بس حاسة أن المشهد ممكن يكون أحسن من كدا.

= بس أنا شايف المشهد اتعمل حلو... وكمان نعيمة عامله دورها كويس أوي.

- بس أنا مش راضية عنه... أنا بشتغل مع المخرج العبقري حسين فوزي... اللي ماينفعش يبقى فيه مشهد في فيلمه كدا وخلاص.

= ميرسي على ذوقك يا مدام كاميليا... خلاص يا جماعة يلا نجهز ها نعيد المشهد ده تاني.

قالها حسين فوزي، وعيناه على نعيمة ليرى رد فعلها، وقد تصوَّر أنها وصلت إلى الاشتعال، وأن حالة البرود التي عليها كاميليا، كافية بأن تشعل نار وغضب نعيمة، التي فاجأته هو وكل من في البلاتوه برفضها الإعادة:

* أظن يا أستاذ حسين إنك قلت إني عملت المشهد كويس أوي.

= أيوا صحيح بس...

* مافيش بس... أنا بقى مش مسؤولة عن أن غيري إحساسه بارد ومش شايف شغله.

= بس دا في صالح الفيلم كله يا نعيمة وأنت عارفة...

* أنا عارفة إني أنا بطلة الفيلم... والفيلم كله في وشي... لكن دا مشهد صغير مش هايأثر في شيء.

= مافيش حاجة اسمها مشهد صغير ومشهد كبير... وأنا بس اللي أحدد لأن الفيلم مسؤوليتي أنا.

* عندك حق بس أنا ماعنديش استعداد أضيع طاقتي في الإعادة... وأنا عندي استعراض دلوقت هاعمله... ولازم استعد له كويس وأنا بكامل طاقتي ولياقتي... وإذا كنت حضرتك مصمم أنت والأستاذة تعيدوا المشهد يبقى بعد الاستعراض.

معركة وجود

بدلاً من إثارة غضبها وإشعال نار غيرتها، ألقت نعيمة بكرة اللهب تجاه حسين فوزي وكاميليا، واضطرا إلى أن يوافقا على أن تقدم نعيمة الاستعراض أولاً، ثم تعيد معهم المشهد، فاضطرت كاميليا إلى الجلوس بلا عمل لأكثر من أربع ساعات قدمت خلالها نعيمة الاستعراض، حيث تعمدت الإعادة أكثر من مرة للتأخير، حتى كادت كاميليا أن تحترق فعلاً، بعدما انقلب السحر على الساحر، ولم يكن أمامها سوى الجلوس لمشاهدة نعيمة وهي تقدم استعراضها:

تري ري ري رمرم

رمبا أمبا أمبا أم

آه من العجوز آه من بكشه

لما الهوا لاعبه ونكشه

حب وعكشه طب في ركشه

آه من العجوز عجوز عجوز أه من بكشه

بكشه ونكشه وعكشه وركشه

قلبه الهوا على ملا وشه في واحدة تغشه

غرقان في حبها لودانه

عشان خاطرها هدم عشه

خاف لتنشه لعبلها طقم سنانه

وتميل عليه قلبه يولع

يرقص معاها ويدلع

ويبقى في الرقص مخلع

يمشي يلق... يكح يهق... تقولش سجق

آه من العجوز عجوز عجوز أه من بكشه

لما الهوا لاعبه ونكشه

بكشه ونكشه وعكشه وركشه

إلا رومبا رومبا يااااه

لاعابية نغشه أكلت عقله

واتهيأله بتدوب في كتاكيت حنتوسو

وشكله ده لما يتاقله لم تشتاق له

غير لما تغرق في فلوسه

يدفع تغازله غزل عيره

وغرامها بونو تسعيره

وشنابو ترقص ترقص ترقص

من الغيرة من الغيرة

يشب لب... يلب يلب يلب

يحب يدب... يدب يدب يدب

عجوز بيحب... يحب يحب يحب

آه من العجوز آه

آه من العجوز عجوز عجوز أه من بكشه

لما الهوا لاعبه ونكشه

بكشة ونكشة وعكشة وركشة

 

أبدعت نعيمة بشكل لم تبدع مثله سابقاً، إذ اجتهدت أن تقدم أفضل ما لديها في مواجهة كاميليا، جعلت حسين فوزي ينسى الاتفاق المبرم مع كاميليا، وينتفض من فوق الكرسي ليصفق ويصافحها بحرارة. كي يبرهن لنعيمة أنه لا يزال عند رأيه فيها، وأن مكانتها لديه كما هي، قرر حسين أن يبعث برسالة طمأنة بشكل غير مباشر، وليؤكد لها أنها نجمته المفضلة، أقدم حسين على شيء لم يعتد فعله، أرسل بالرسالة التي سبق وتلقاها من نعيمة ورده عليها إلى «مجلة الكواكب» وطلب نشرهما، معلقاً عليهما بأن هذه هي نجمته المفضلة وستظل، لأنها بلغت من الخبرة والموهبة، ما يعجز أي وصف أن يعطيها قدرها.

ترضية خاصة

لم تصدق نعيمة نفسها وهي تقرأ الكلمات التي كتبها حسين فوزي على صفحات المجلة، غير أنها لم تكن المفاجأة الوحيدة لها، بل فوجئت برئيس تحرير المجلة يتصل بها، ويطلب منها ما لم تتوقعه:

* أنا؟ حضرتك تقصدني أنا؟ حضرتك عارف طالب مين؟

= طبعاً أقصدك أنت... الفنانة نعيمة عاكف.

* أيوا يا أستاذ بس أنا مش صحافية ولا أعرف شغل الصحافة.

= أنا مش عايزك تشتغلي صحافية... وإن كان ده يشرفنا... لكن إحنا عندنا في المجلة صفحة حرة... بنختار حد من المشاهير يكتب فيها مقال يكتب رأيه في أي شيء... يكتب عن أي حاجة بيحبها.

* أيوا بس أنا عمري ما كتبت حاجة للصحافة... وما أعرفش المقالات ولا الحاجات دي بتنكتب إزاي؟

= يا أستاذة... كفاية الجواب اللي أنت بعتيه للأستاذ حسين فوزي... بشرفي قطعة أدبية رقيقة.

* أشكرك يا أستاذ دا من ذوقك... بس صدقني أنت حاطتني في مأزق مش عارفه أعمل فيه إيه... طب غششني... اكتب إيه.

= يا ستي اكتبي اللي ييجي على بالك... عن موقف عن شخصية... عن رأيك في عمل فني عجبك... أي حاجة.

بعد ليلة طويلة قضتها في التفكير في هذا التحدي الجديد، وما وصلت إليه من فتاة لا تعرف القراءة والكتابة، إلى شخصية عامة يصفون ما تكتبه بأنه قطعة أدبية، بل ويعرضون عليها أن تكتب للصحافة، فهو تحد من نوع آخر، قبل أن يكون نجاحا يضاف إلى نجاحاتها.

ظلت نعيمة تفكر فيما تكتب، وعن أي شيء، وكيف سيكون شكل كتابة المقال الصحافي، حتى اهتدت إلى أنها ستكتب مقالاً عن وجه جديد يشق طريقه بسرعة تجاه النجومية، موهبة استثنائية في الغناء والتمثيل، قررت أن تكتب عن المطربة والممثلة شادية، وينشر المقال في «مجلة الكواكب» في العدد 12 عام 1950:

شادية...

بقلم نعيمة عاكف

عندما رأيتها أول مرة تغني وتمثل على الشاشة خيل لي أنني أشاهد تلميذة صغيرة، وأن غناءها الجميل هو غناء مطربة أخرى استعارته بطريقة الدبلاج!

ظللت على ظني هذا حتى رأيتها بنفسي تعمل في الأستديو، فراعني صوتها و{شدوها} وتنبأت لها بمستقبل باهر... وبعد فراغها من التمثيل أقبلت عليها وقبلتها قبلة حارة أودعتها كل ما أكنه لها من تقدير وحب.

تعجبني في شادية أشياء كثيرة أهمها: أنها شقت طريق الفن معتمدة في ذلك على مواهبها الصوتية الممتازة وكفاءتها الشخصية، وأنها حساسة مثقفة تندمج بسرعة في أحاسيس دورها، فتملك مشاعر المتفرجين كأنها ممثلة متضلعة في فنها، وأنها تحتفظ في حياتها الخاصة بطابع الفتاة الرجعية المهذبة.

فهي لا تخرج إلى الأستديو أو إلى أي مكان آخر إلا برفقة والدها، وليس من عادتها الحضور في حفلات أو سهرات، فقد اعتادت أن تنام مبكرا كالأطفال، وأن تستيقظ مع شروق الشمس.

ثم هناك صفاتها الفاضلة... فهي حيية إلى أبعد حدود الحياء، رقيقة صافية كالماء، وهي على نياتها، إلى حد أنها تثق بكل الناس وبأي كلام يقال لها... ويهمني أن تثق بكلامي هذا عنها، وتبادلني شعوري نحوها وإعجابي بها.

في نفس يوم صدور عدد مجلة الكواكب، فوجئت نعيمة بهاتف منزلها يرن:

= ممكن أكلم الأستاذة نعيمة عاكف.

* عرفتك من صوتك... أنت شوشو... شادية حبيبة قلبي.

= ماشاء الله إحساسك عالي زي فنك لأنك فنانة رقيقة وجميلة.

* أنت اللي موهوبة وجميلة يا شوشو.

= تصدقيني لو قلتك إن كلامك اللي كتبتيه أهم عندي من أي كلام انكتب عني... لأنه طالع من فنانة موهوبة بتحب كل الناس.

* شوشو أنت بقيتي نجمة... ولسه هاتكبري أكتر وتكوني حاجة مهمة أوي في الغنا والتمثيل.

بعد أقل من أسبوعين كان حسين فوزي قد انتهى من تصوير فيلم «بابا عريس»، وراح الجميع ينتظر عرض أول فيلم مصري ملون، وعلى رأسهم نعيمة وحسين فوزي، غير أن كاميليا لم تتمكَّن من مشاهدته، فقد شعرت بآلام حادة في معدتها أثناء تصوير فيلم «آخر كدبة» أمام فريد الأطرش وسامية جمال، فقررت السفر إلى سويسرا لعلاج معدتها، غير أن الطائرة احترقت، قبل أن تغادر الأجواء المصرية، وسقطت فوق محافظة البحيرة، ليعثروا على جثتها متفحمة، وتنتهي سيرة الفنانة الأكثر إثارة للجدل الفني والسياسي، عن عمر 31 عاماً.

البقية في الحلقة المقبلة

كواليس أول فيلم ملون

أحب حسين فوزي كل أبطاله الذين قدمهم من خلال أفلامه، فلم يكن يختار ممثلا ليقوم بدور في هذا الفيلم أو ذاك، بل لا بد من أن يحب ممثله أولا، ويشعر به، ثم يوظفه بما يليق به، ويدفعه تجاه الجماهير بحب، فيتقبله الجمهور عن طيب خاطر، وهو ما فعله مع نعيمة أيضا، غير أنها زادت عن بقية أبطال حسين، بأنها أصبحت مقربة إلى قلبه، أحبها كأنثى مثلما أحبها كممثله، لكنه لم يفصح لها بذلك، وظن أنها فهمت وراحت تلعب بمشاعره وتتعمد إثارة غيرته، خصوصاً أن ظروف حسين العائلية لا تسمح له بأن يعيش قصة حب جديدة، فلم يكن ثمة شيء يمكن أن يكون خافيا على أهل الوسط الفني، وإذا ما لاحظ أحدهم بوادر لهذه العلاقة، حتما سينتشر أمرها في كل الوسط الفني والصحافي، فأراد حسين أن يرد مقلب إثارة غيرته وهو مالم تدركه نعيمة، وظنت أن هناك مشكلة في أدائها بالفعل، حتى عندما طلبت منه إعادة تصوير المشهد لتقديم الأفضل، رفض وأنهى التصوير، وهو يضحك من داخله من غضبها، ويتوعدها بالمزيد من المقالب.

إلى جانب الفنانين الذين اختارهم حسين فوزي لمشاركة نعيمة عاكف، للعمل معه في أول فيلم ألوان، استعان أيضا بأفضل العناصر من الفنيين الأجانب الذين اعتادوا العمل بتقنية الألوان، منهم المصور جريشا فكتورفتش، وشقيقه مدير التصوير ديلي فكتورفتش، ومدير الإضاءة استيليو، ليضمن للعمل كل سبل النجاح.