أكد وزير الأوقاف والإرشاد اليمني الدكتور حمود عباد، أن المذهبية الدينية الورقة التي يستخدمها أعداؤنا من حين وآخر إلى تدمير المسلمين، موضحاً أن أزمة اليمن سياسية، وبسبب بث سموم خارجية حولتها إلى مذهبية في ثوب خفي، واتهم عباد في حوار مع "الجريدة" أثناء زيارته أخيراً للقاهرة، تيارات السلفية المتشددة الموجودة في الدول الغربية بالوقوف وراء ظاهرة الشباب المجاهدين في سورية والعراق نتيجة للفتاوى المتطرفة التي تدعو هؤلاء الشباب للانخراط في الحرب تحت مزاعم "الجهاد المقدس"، ودعا المؤسسات الدينية إلى ضرورة استخدام الجيوش الإلكترونية، لإبراز الصورة الصحيحة عن الإسلام... وفي ما يلي نص الحوار:

Ad

• نبدأ بالصراع الحادث في اليمن... هل هو سياسي أم مذهبي؟

- لابد أن يعي الجميع أن المشكلة اليمنية برمتها كانت سياسية، لكن بث سموم جهات خارجية هي التي عمقت الأزمة، وحولتها إلى مذهبية، رغم أن أهل اليمن بكل طوائفهم ينعمون بالتوافق، فهكذا عندما تتداخل السياسة بالدين، والدين بالسياسة، يفسد كلاهما الآخر، ومن واقع اليمن اليوم أقول إن وطني بحاجة إلى جهد كل يمني مخلص لأجل استئصال المذهبية من الخلافات وتنحيتها جانباً.

• برأيك كيف نجنب اليمن الوقوع في مستنقع المذهبية الدينية؟

- مواجهة المذهبية تتطلب محاربة التطرف الفكري المنتشر في اليمن هذه الأيام، والمتمثل في "القاعدة"، التي تسيطر على قطاع كبير من اليمن، إلى جانب ضرورة الاعتراف بأن هناك مظلومية، وأفكاراً دينية خارجة على الإجماع، وهذا الفكر اليوم هو السائد في المجتمع اليمني.

• هل يعني ذلك أن المجتمع اليمني له خصوصية دينية مختلفة عن باقي جيرانه؟

- يجب أن نعي جميعاً أن المجتمعات الإسلامية والعربية تتشابه في كثير من العوامل والظروف، فالتطرف الديني الموجود في اليمن هو ذاته الموجود في مصر، وفي ليبيا وتونس والعراق، لكن عوامل التأجيج تزداد كلما كان هناك إمداد من الخارج، فلم يسمع أحد من قبل أن اليمنيين تسود بينهم المذهبية، لكن ظهرت في الوقت الأخير عندما استخدمت المذهبية كورقة ضغط، من أجل تنفيذ سياسات إقليمية، وتنفيذاً لمشروع إيراني طامع في المنطقة، فالمذهبية هي الوحيدة القادرة على ضرب السلم الاجتماعي، ونسف جميع سبل التوافق، وعلى عدم العيش في سلام، والإساءة للآخر.

• هل ترى أن المذهبية قنبلة قابلة للانفجار في أي مجتمع؟

- المذهبية عنصر هدم لأي مجتمع، لكن إذا وجد توافق، فالجميع يعيش في سلام، وإذا بثت المذهبية سمومها تحدث الأزمة، لكن من وجهة نظري أرى أن التطرف الديني أشد خطراً من المذهبية والطائفية الدينية، فمثلا مصر وتونس تحاربان الإرهاب، وفي اليمن نحارب الفكر القاعدي التكفيري وهم من السنة، لكن عندما تتنفس المذهبية فلا فرق بينها وبين الإرهاب، ويجب أن تكون هناك مواقف حاسمة لمواجهة الإرهاب بجميع صوره وأشكاله، ولابد أن نعترف أننا أمام محاباة فكرية للتطرف والمذهبية، لذا نتطلع إلى أن نتخطى هذه المشاكل بفكر الواقع والحقيقة، فهناك دول عربية تعد محاضن للإرهاب والمذهبية.

• المؤسسة الدينية الرسمية حتى الآن لم تواجه المذهبية الدينية بشكل حاسم؟

- هذه حقيقة فالمؤسسة الدينية لم تواجه المذهبية والإرهاب بالشكل الكافي والحازم حتى يومنا هذا، فلم تستخدم بالشكل الصحيح الجيوش الإلكترونية، فثمة ضرورة لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي لمحاصرة الفكر المتطرف، ومن يلاحظ يجد أن شبابنا يتم إيقاعهم في براثن الإرهاب، ولم نجد ذلك على مستوى النخب أو العلماء، أو حتى على مستوى الأزهر، رغم ما يقوم به من عمل عظيم، لكنه لم يرق لطموحات الأمة، ونحن أصبحنا عاجزين عن طرح برنامج موحد يواجه الإرهاب والتطرف الديني حتى الآن خطاب تتشابك فيه الخيوط والأدوات، فنحن بحاجة إلى تأصيل عملي أكثر منه تأصيل تشريعي، لأن حقيقة الإرهاب أصبحت إشكالية واضحة وعلى درجة عالية من الوضوح، فتجاوزاته للنصوص الإسلامية واضحة، وتجاوزاته للرموز الدينية واضحة، وأيضا استباحة الدماء واستباحة الحرمات، حتى وصل الأمر اليوم بالإرهاب إلى اغتيال الإسلام ذاته، لذا فنحن بحاجة إلى المواجهة ببرنامج يواكب هذا الإرهاب، وإحقاقا للحق فإن المؤسسة الدينية ليست وحدها المنوط بها المواجهة، بل يجب أن تكون المواجهة شاملة الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتعليمية .

• ما أدوات استنهاض المؤسسة الدينية؟

- المؤسسة الدينية لم تهو أبداً، لكن يجب أن تلامس توصياتها أرض الواقع، وأقول مجدداً إنه بإمكان المؤسسة الدينية أن تقود زمام المواجهة مع التطرف والإرهاب، بنشر الوسطية والسماحة ونبذ أفعال الإرهاب والتطرف، كما يجب على المؤسسة الدينية أن تلامس هموم الشباب، وتدرك مدى الغضب المستقر في نفوسهم، وكيفية استغلال هذا الغضب وتوظيفه في إصلاح الحياة ومدى تحديد المخاطر المترتبة على السلوك الإرهابي.

• بعض أبناء المسلمين المهاجرين في الغرب انخرطوا في الإرهاب تحت زعم الجهاد المقدس في سورية والعراق رغم نشأتهم على الثقافة الغربية، فما السبب؟

- هؤلاء الشباب من أبناء المهاجرين الذين نصفهم بالجيل الثاني والثالث من المسلمين في الغرب، معظمهم يعاني أزمة نفسية وروحية، وأزمة هوية، فهؤلاء مشتتون بين انتمائهم الأبوي الذي يؤكد الفكر الإسلامي العربي، وبين محاصرة الثقافة الغربية، مع عدم وجود حواضن إسلامية آمنة تهتم بهم، فكان من السهل أن يتم التأثير عليهم من أية جهة أو شخص يقنعهم بأن الإسلام الحقيقي في رفض حضارة الغرب، والجهاد ضد الكفار، فيجدون في ذلك ملاذاً نفسيا لهم، فوقعوا في براثن التشدد والإرهاب، وللأسف أغلب المحاضن الإسلامية الموجودة في الغرب خاصة ذات الأصول الإسلامية في أوروبا منهجيتها تنمي الإرهاب، لذا وجود الفكر التكفيري لدى هؤلاء الأبناء خلق لديهم ردة فعل تمثلت في انخراطهم في عمليات الجهاد، وواجهوا مجتمعهم بفكر أيضاً متطرف، وهذا سببه أن الفرصة لم تتح لهم كي يعبروا عن وجودهم وأفكارهم.