وضع مقطع فيديو عن ميلتون فريدمان على شاشة أمام 14 من طلبة الكلية التجارية ذات صباح من سنة 2015، وقبل أن تضغط البروفسورة على زر التشغيل التفتت الى الطلاب قائلة: "هل غرضي من تشغيل هذا الشريط هو القول ان ميلتون فريدمان كان محقاً ويتعين عليكم حفظ ما قاله عن  ظهر قلب؟".

Ad

ومن قاعة الصف صدرت كلمة لا بصوت عال. وردت البروفسورة دونا لا سالا بإيجاب قائلة "إنه رأي من بين العديد من الآراء".

كان كل الطلبة في قاعة الصف من حملة الماجستير في إدارة الأعمال المرشحين في كلية خريجي بريسيديو، وهي مؤسسة تصم 150 طالباً في سان فرانسيسكو تقول إنها البديل التقدمي للكليات التجارية السائدة.

 عدالة ورفاهية

وتقدم هذه الكلية شهادة الماجستير في ادارة الأعمال في الإدارة المستدامة، وهي شهادة مصممة للأشخاص الذين يريدون استخدام العمل التجاري من أجل "خلق عالم أكثر عدالة ورفاهية واستدامة" بحسب تصريح الكلية عن مهمتها.

من الوجهة النظرية يسعى الكثير من الكليات التجارية الى تلك المهمة عن طريق عرض دروس في الاستدامة وآداب المهنة وحشد الجهود من أجل خلق كلية أكثر تنوعاً، ولكن العديد سيجادلون في أن برامج النخبة لم تبلغ بعد هدفهم في صقل قادة الآداب أو تنويع صفوفهم. وشكلت المرأة 29 في المئة من خريجي الكليات التجارية في السنة الماضية، بينما شكل السود والإسبان والأميركيون من أصل هندي 15 في المئة في ماجستير ادارة الأعمال في سنة 2015، بحسب دراسة أجرتها "بلومبرغ" لأكثر من 9000 طالب تخرجوا في تلك السنة.

وبعد أن تعرضت مجموعة من النخبة من حملة ماجستير ادارة الأعمال للاعتقال بسبب التداول الداخلي وغير ذلك من سوء السلوك في أعقاب الأزمة المالية، شكل باحثون في أكبر الكليات التجارية ائتلافاً مكرساً لتحسين التعليم الأوسع لآداب المهنة في مؤسساتهم.

وفي شهر أغسطس الماضي دعا البيت الأبيض المئات من الكليات التجارية الى واشنطن، وطلب منها التزاماً بتضمين المزيد من النساء والأقليات في تلك الكليات.

وفيما تعمل كليات تجارية اخرى لتوسيع انتشارها والتخلص من سمة نادي الجيل القديم (بشيء من النجاح- تظهر معلومات بلومبرغ أن حصة النساء في الكليات التجارية قد ارتفعت 6 نقاط مئوية منذ عام 2007)، وتشابه بريسيديو الكلية التي يقولون إنهم يحاولون بلوغها. وتبلغ نسبة النساء في صفوف ماجستير ادارة الأعمال في الوقت الراهن 56 في المئة و90 في المئة من خريجي بريسيديو يعملون في مراكز مستدامة– بحسب رئيس الجامعة وليم شتكين.

ويمكن أن يعني ذلك تأثير الاستثمار والعمل ضمن شركة مرافق في محفظة الطاقة المتجددة، أو العمل في شركات بقالة سائدة في مصادر الأغذية المستدامة.

ولكن الكلية ضحت بمكانتها وتمويلها سعياً وراء رؤيتها. وتبلغ رسوم بريسيديو الإجمالية 65520 دولارا، وهي حوالي 52 في المئة من الرسوم التي تحققها أكبر الكليات التجارية، كما أن خريجيها يحققون راتباً وسطياً أساسياً يبلغ 80625 دولاراً مقارنة مع 120000 دولار أو أكثر التي حصل عليها الطلاب في كليات النخبة العالية الأجر بعد تخرجهم في سنة 2015، كما تظهر معلومات "بلومبرغ".

 كليات محلية منافسة

ومع الخريجين الأقل ثراء لا تستطيع الكلية جمع ذلك المبلغ من الخريجين لإكمال دخلها من الرسوم. وتحصل الكلية على 80 في المئة من دخلها السنوي البالغ 4.5 ملايين دولار من الرسوم الدراسية والبقية من المنح.

وقال شتكين إن الطلبة يحاولون بصورة يائسة تحقيق نمو ولكن بريسيديو ليست مقبولة مثل الكليات المحلية المنافسة مثل كلية ستانفورد التجارية أو كلية بيركلي هاس للدراسات التجارية، ولم تحظ بعد باهتمام الخيرين على صعيد الأمة (80 في المئة من طلابها من منطقة بي Bay Area بحسب الكلية)، وقد ظلت الكلية قادرة على ايفاء كل ديونها من خلال ابقاء الإنفاق منخفضاً.

ويقول شتكين "ينفق الطلاب معظم وقتهم في اتمام دراساتهم بعيداً عن الحرم الجامعي، ويحضرون إلى قاعة الدرس مرة في الشهر فقط. ولدى الكلية كلية صغيرة وتستأجر كل أبنيتها ولا تعمد الى اقامة حفلات بذخ بعد التخرج، كما هو الحال عند بعض كبار الكليات التجارية. وقد وسعت عدد طلابها بصورة بطيئة من 22 في سنة 2003 الى 250 في 2011، نتيجة انتشار اسمها بين شبكات الشباب الساعين الى جعل الرأسمالية قوة خير وصلاح".

وفي صف البروفسورة لا سالا يستمع أحد الطلبة الملتحين، وهو لا يرتدي حذاء، فيما يشرح أحد زملائه الجوانب السلبية مستخدماً النظريات الماركسية.

وتطرح امرأة وهي تضع القبقاب على الأرض سؤالاً خارجاً عن الموضوع. وتضغط لا سالا على كتفي الطالبة قائلة لها إنها ستضع تلك الفكرة "على بقعة قائمة القضايا التي ستعود اليها في وقت لاحق". والى جانب تلك البقعة توجد لائحة بأسماء الأشخاص الذين لم يتحدثوا في الآونة الأخيرة وتقول لا سالا "أعلم أن بعض الناس ليست لديهم طاقة الحديث". وتهدف اللائحة الى اظهار اولئك الذين تود الاستماع اليهم.

ويقول شتكين "انهم بالتأكيد ليسوا شيوعيين"، وهو يصف طلابه بـ"المافيريكية" أو الخوارج الذين يرغبون في أخذ فرصة في بريسيديو، لأنهم لا يستطيعون العثور على ما يبحثون عنه

–التركيز الحاد على الاستدامة وتدريب آداب المهنة– في برامج شهادة ماجستير ادارة الأعمال النموذجية.

توجيه أخلاقي

ويبدو أن معظم الأشخاص الذين يذهبون الى الكليات التجارية السائدة يشعرون بالرضا إزاء التوجيه الأخلاقي الذي توفره برامجها.

وبحسب دراسة "بلومبرغ" فإن 79 في المئة من شريحة الماجستير في ادارة  الأعمال في صف سنة 2015 وافقت بقوة على البيان، الذي يقول "أشعر بإلهام للسعي وراء مهنة أخلاقية"، ولم توافق على ذلك نسبة 1.3 في المئة فقط.

وقال فرانك تنغ، وهو طالب غير متفرغ في بريسيديو، إن الأشخاص الذين توجهوا إلى مسار بديل عن الذي اختاره هم ببساطة نوعية مختلفة عن معظم شريحة ماجستير ادارة الأعمال.

ويقول تنغ "الذهاب الى بريسيديو يعني اطلاق بيان- والكليات التجارية الرفيعة كلها كانت جزءاً من المشكلة، وذلك من خلال خلق التحديات التي نواجهها في الوقت الراهن".

 ويضيف انه اختار بريسيديو لأنه أراد "العمل ضمن النظام" بدلاً من الاحتجاج عليه. وقد أمضى تنغ السنوات السبع الماضية يعمل في مجال الاستدامة في جونز لانغ لا سال، وهي شركة عقارية تجارية. ويساعد منهاج بريسيديو الدراسي الطلاب على تعلم كيفية التحدث الى حشد يعتبرهم دخلاء".