بدا نموذج سيارة {غوغل} أشبه بلعبة لا سيارة حقيقية. استُبدلت بالمقود لوحة قيادة عريضة لها شاشة تعرض ما تستطيع السيارة رؤيته. واستُبدل بالزرين التقليديين لتشغيل السيارة وإطفائها فرامل اليد. رغم مظهرها الشبيه باللعبة، كان المقعدان فيها واسعين.أبطأت السيارة مسارها وتوقفت كي يمر المشاة وراكبو الدراجات الهوائية الذين وزعتهم {غوغل} في أنحاء موقف السيارات. حتى إنها أعطت إشارة قبل الانعطاف. أرسلتني صحيفة {لوس أنجلوس تايمز} دون سواي للتحقق من السيارة. مزح المحررون معي وقالوا إنني على الأرجح أكثر شخص مؤهل لاختبار السيارة بلا سائق. اختبار القيادةلا أجيد القيادة، أو بالأحرى لا يمكن أن أقود سيارة من دون التعرض للاعتقال!في بلدي أستراليا، فشلتُ في اختبار القيادة مرتين. في المرة الأولى، لم أتنبه للطريق في ثلاث مناسبات أثناء الانعطاف يساراً. وفي المرة الثانية، تجاوزتُ الحد الأقصى للسرعة في منطقة فيها مدرسة وتجاهلتُ لافتات الطرقات وبدّلتُ اتجاه السيارة فجأةً حين حاولتُ تغيير وجهتي.بحسب أستاذ القيادة، لم أكن مستعدة بكل بساطة. لكن قالت لي صديقتي المفضلة صراحةً إنني {فاشلة} في القيادة.لكن لم يحبطني هذا الوضع مطلقاً. فقد فكرتُ في نفسي: {متى سأحتاج إلى القيادة أصلاً؟}.يمكنني أن أتكل دوماً على وسائل النقل العامة في سيدني.ثم انتقلتُ إلى كاليفورنيا.بدا لي أنّ جميع الناس في كاليفورنيا يجيدون القيادة، حتى لو كانوا لا يملكون سيارة. لذا هم يشعرون بالارتباك والدهشة حين يقابلون شخصاً لا يقود سيارة.حتى إن هذا الموضوع كان جزءاً من مقابلة عمل في صحيفة {لوس أنجلوس تايمز}.سألني أحد المحررين: {لا تملكين سيارة إذاً؟}.{لا}، كان ردي.{هل تفكرين في اقتناء سيارة؟}. أجبته: {يجب أن أتعلم القيادة أولاً!}.{فهمت!}، قال.{لا تقلق، ستنتج {غوغل} سيارات ذاتية القيادة قريباً!}، قلت له.{صحيح!}، أجابني.لا أدري إذا كنت مقتنعة بما قلتُه لكني بدأتُ ألجأ إلى هذه الجملة في أي حديث عن عدم براعتي في القيادة.نعم، كانت {غوغل} تصنّع سيارة ذاتية القيادة: لا أحد سيعترض على ذلك. لكن هل ستبصر النور يوماً؟ هل ستتماشى مع المعايير المتعارف عليها وتصبح متاحة لأمثالي؟لم تكن لدي فكرة واضحة عن الموضوع حين كنت أجلس في تلك المقابلة وأتصبب عرقاً.كنت أتمنى حصول ذلك من قلبي. فكرتُ بتعلم القيادة منذ انتقالي إلى كاليفورنيا. لكني كنت أخاف من هذه الخطوة في كل مرة.في المرة الأولى، أتذكر أنني شعرتُ بالقلق حين كنت أجلس في سيارة أجرة فانعطف السائق نحو اليمين مع أن الإشارة كانت حمراء. في أستراليا، نتعلم أن الضوء الأحمر يعني ضرورة التوقف بينما يشير الضوء الأخضر إلى إمكانية الانطلاق. ما من استثناءات! لم أكن مستعدة لتقبل أي تعليمات مختلفة.في المرة الثانية، كنت عالقة في زحمة سير بين مطار لوس أنجليس الدولي ووسط لوس أنجليس. كانت السيارة تتقدم ببطء وراح السائقون يستعملون الأبواق وتأفف سائق الأجرة التي كنت فيها لدرجة أنني ظننتُ أنه سيؤذي نفسه.قلتُ له: {إنه يوم سيئ، أليس كذلك؟}. فأجاب: {هكذا هو الوضع كل يوم. أهلاً بك في لوس أنجليس}.في المرة الثالثة، شعرتُ بالرعب من كلفة اقتناء سيارة: سعر السيارة وتكاليف الصيانة والتسجيل والتأمين. صدمتُ حين عرفتُ أنّ اقتناء سيارة يضمن زيادة ديوني!يقول الباحثون إن وضعي مألوف بين نظرائي. وفق دراسة أجرتها {مجموعة أبحاث المصلحة العامة} الأميركية في السنة الماضية، يتراجع احتمال أن يحصل أبناء جيل الألفية على رخصة قيادة وأن يشتروا سيارة مقارنةً بالأجيال السابقة. لذا قررتُ أن أستعمل القطارات وأستعين بخدمات شركة {أوبر} لفترة أطول.معيارانكانت والدتي تفرض معيارَين لقبول صهرها المستقبلي: يجب أن يكون من عرق صيني وأن يجيد القيادة.قلت لها: {هل تعلمين أن {غوغل} تصنع سيارات ذاتية القيادة؟ لذا ستضطرين إلى مراجعة معاييرك قريباً}.{ماذا تعنين؟}، سألتني.{سيارات ذاتية القيادة! إنها سيارات تقود وحدها. لذا لن أحتاج إلى حبيب يجيد القيادة}.{حقاً؟}، قالت مستغربةً.{نعم}، أجبتها.سألتني: {هل لديك إذاً حبيب صيني؟}.اختلافاتعدا الاختلافات الظاهرية، بدا ركوب سيارة ذاتية القيادة أشبه بركوب سيارة {تويوتا بريوس} يقودها سائق حذر يحترم القانون. رافقني مراسل آخر في الجولة وتحدث عن مستوى الإنتاجية الذي يمكن أن يبلغه لو أن سيارته تقود وحدها. سيتمكن حينها من قراءة رسائله الإلكترونية ومن العمل أو قد يشاهد فيلماً خلال الوقت الذي يمضيه على الطرقات. وإذا أصبحت جميع السيارات حذرة وتحترم القانون وتقود وحدها، لنفكر بعدد الحوادث التي يمكن تجنبها. فقال وهو يخرج من السيارة: {ليست فكرة سيئة بأي شكل. متى ستُطرَح السيارة في السوق؟}. قال ممثل شركة {غوغل}: {لا يزال النموذج أولياً. لذا لم نحدد موعد طرح السيارة بعد}.أثناء ركوب النموذج الأولي من السيارة، شعرتُ بالحماس في لحظة معينة لأنني قد أستطيع تجنب هموم امتلاك سيارة أو التشاجر مع كل من يزعجني لأنني لا أجيد القيادة. قد أمرّ بمبنى صحيفة {تايمز} لأصطحب المحررين في جولة أو قد أتجول خارج منزل العائلة في سيدني وأتباهى بالسيارة أمام والدتي.بعد إنهاء تخيلاتي بشأن السيارة ذاتية القيادة، كل ما تمنّيتُه هو أن تصبح هذه السيارات جاهزة قريباً وألا تكون فاشلة.
توابل - Hi-Tech and Science
هل تنقذني سيارة {غوغل} الذاتية القيادة؟!
21-10-2015