المؤتمر الصحافي الذي عقده الرئيس الأميركي باراك أوباما، أمس الأول، بعد انتهاء اجتماعه بكبار قادة «البنتاغون» لمراجعة استراتيجيته لمحاربة تنظيم «داعش»، اعتبره البعض رداً جزئياً على العرض الذي قدمه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لإقامة ودعم ورعاية حلف يضم تركيا والسعودية والأردن والأسد لإنجاز هذه المهمة أيضاً.

Ad

لم يُدل أوباما بجديد حول تلك الاستراتيجية، التي لاتزال وستبقى تعتمد على الضربات الجوية، وعلى عدم إرسال جنود أميركيين إلى الميدان، فضلاً عن توقعه أن الحرب ستمتد سنوات.

وبينما جدد تأكيد أهمية تعزيز التعاون والتنسيق مع القوى المحلية لمقاتلة «داعش»، كرر أوباما مطالبة حكومة حيدر العبادي بإنجاز ملف المصالحة مع المكونات العراقية وعلى رأسها السنّة، وضرورة التفاهم على حل سياسي وتشكيل حكومة انتقالية تواجه التنظيم وتنهي الحرب في سورية من دون بشار الأسد.

غير أن الرئيس الأميركي أغفل في المقابل الحديث عن قضيتين يثار حولهما كثير من اللغط والتكهنات.

فلم يُشر أوباما إلى التعاون مع «جهود» إيران في مواجهة الإرهاب، بعد «العرض» الذي قدمه قبل أيام وزير خارجيتها محمد جواد ظريف في شريط الفيديو، ونشره عبر «يوتيوب»، للتعاون مع القوى الدولية في هذا المجال.

كما لم يُشر إلى مطالبة تركيا بإقامة منطقة عازلة وحظر للطيران فوق شمال سورية. وكان لافتاً تركيزه على دور القوات الكردية التي تقاتل «داعش»، ما اعتبره البعض رداً مباشراً على المخاوف «غير المبررة» لأنقرة.

وقبله بساعات، أشاد وزير دفاعه آشتون كارتر أمام نظيره الفرنسي جان إيف لودريان «بالمقاتلين الأكراد الشجعان»، في حين تولت بيانات القيادة الأميركية الوسطى شرح أسباب زيادة الضربات الجوية وتركيزها لمساعدة هؤلاء المقاتلين على الأرض.

وتكشف أوساط عسكرية أميركية أن توقيت خطاب أوباما وما ورد فيه يؤكدان سعي واشنطن إلى تعزيز قواعد الاشتباك في المنطقة وتعميقها، عبر زيادة التركيز على التعاون مع القوى المحلية، التي لا يمكن أن تتشكل إلا من أبناء الجلدة نفسها التي يستخدمها «داعش» لتطوير إمكاناته.

إيران بهذا المعنى ليست شريكة طبيعية لمقاتلة متشددي السُنة، وبالتالي لا يمكن للأسد أن يكون شريكاً هو الآخر، بينما «الحلف» الذي تموضع فيه منذ أكثر من 4 سنوات لا يعطيه شرعية إنهاء هذا الخطر في معزل عمّا إذا كانت أولوية الضربات الجوية الأميركية تستثنيه في الوقت الحاضر.

لذلك تقول تلك الأوساط إنه كي تستقيم مبادرة الرئيس الروسي، هذا إذا كانت جادة، فإنه لا يمكنها الرهان على تحالف مصطنع، في حين أن إنجاز الحرب على «داعش» ممكن مع ضمان الحفاظ على مصالح القوى الكبرى والإقليمية في المنطقة، من روسيا إلى تركيا إلى إيران والسعودية والأردن.

تنهي تلك الأوساط بالقول إن تأخير التوقيع على الاتفاق النووي وإعلان طهران شروطاً «مفاجئة» تتعلق بالعقوبات الدولية المفروضة على سلاحها، وخصوصاً على صواريخها البالستية، قد يكون مغامرة غير مستحبة وخطرة، إذا كانت في إطار الرد الإيراني على «البرودة» الأميركية والغربية عموماً تجاه عرضها التعاون لمحاربة الإرهاب، واستعدادها لشراكة إقليمية تعترف بدورها في المنطقة.