بينما أعربت السفارة الإيرانية لدى البلاد عن «استيائها الشديد» من بيان النيابة العامة، الذي زج باسم طهران في «خلية العبدلي»، معتبرة أن استهدافها «مبني على تهم واهية في قضية لم تثبت صحتها لدى المراجع القضائية»، ردت الكويت عبر وزارة الخارجية منتقدة البيان الذي يتجاوز أبسط القواعد والأعراف الدبلوماسية، كما انه لم يراع الموقف الرسمي الكويتي بالتعامل مع قضية «خلية العبدلي» بروح المسؤولية العالية.

Ad

استنكار الخارجية

وأعرب مصدر مسؤول في «الخارجية» أمس عن أسف الوزارة الشديد ورفضها بيان السفارة الإيرانية، لتجاوزه أبسط القواعد والأعراف الدبلوماسية، وهو أن التعبير عن مواقف الدول الرسمية، ورغبتها في الحصول على أي معلومات حول أي قضية، ينبغي له أن يكون من خلال القنوات الرسمية المتعارف عليها بين الدول، وليس باللجوء إلى وسائل الإعلام الأخرى.

وقال إن بيان السفارة لم يراع، وبكل أسف، الموقف الرسمي والمعلن لدولة الكويت بهذا الشأن، والذي عبر عنه البيان الصادر عن مجلس الوزراء الكويتي بتعامله مع القضية بروح من المسؤولية العالية، والحرص الشديد على عدم إصدار أحكام مسبقة حتى يصدر القضاء الكويتي والمشهود له بنزاهته حكمه الأخير على كل حيثيات القضية.

وأشار المصدر إلى أن «القرار الذي أصدره النائب العام بعدم نشر أخبار أو بيانات تتعلق بخلية العبدلي يجسد حرص الكويت على وقف التداول الإعلامي لهذه القضية، لما له من انعكاسات سلبية على سير القضية، وإضرار بالمصلحة العليا والتحقيقات الجارية، ولضمان الحكم العادل الذي سيصدره القضاء».

عاصفة نيابية

في موازاة الرد الحكومي، هاجم عدد من نواب مجلس الأمة بيان السفارة الإيرانية، وأعربوا عن رفضهم لما تضمنه من «تصريحات استفزازية تفتقر إلى الاصول الدبلوماسية».

ورفض النائب عبدالرحمن الجيران بيان السفارة، خاصة بعد توجيه الاتهام رسمياً من النيابة العامة للخلية الارهابية الكويتية المدعومة من حزب الله وايران، مشيرا في الوقت ذاته الى ان رفض ايران الاتهامات الموجهة اليها لن يغير شيئا من الحقائق.

وأكد الجيران، في تصريح امس، أن القضية ليست داخلية في الكويت بل هناك استهداف للأمن العربي، متسائلا: هل ما يجري بالعراق قضية داخلية والدبابات الايرانية تجوب شوارع بغداد؟ وهل ما يحدث في لبنان قضية داخلية ونصرالله يصرح علناً بدعم ايران لميليشياته؟ وهل ما يحدث في البحرين قضية داخلية رغم اعترافات المدانين بتواصلهم مع المخابرات الايرانية؟

من جانبه، علق النائب حمود الحمدان على بيان السفارة الإيرانية في الكويت أمس بشأن «خلية العبدلي»، خصوصا ما يتعلق بتأكيدها على «حرص طهران على أمن دول المنطقة»، قائلا لـ«الجريدة»: «أسمع كلامك يعجبني... أشوف أمرك أستعجب»، مستغربا ما تضمنه البيان بشأن اعتراض السفارة على الزج باسم إيران في قضية «خلية العبدلي»، وموضحا أن ذلك «جاء بناء على الاعترافات التي أدلى بها المتهمون أمام النيابة العامة الكويتية، وهي جهة محايدة».

وطالب الحمدان الحكومة باتخاذ خطوات جريئة تجاه الشبكة الإرهابية التي أطلق عليها اسم «خلية حزب الله في الكويت»، مشيرا إلى أنه لا مجاملة على حساب الكويت في الخطر المحدق بها.

وذكر أن على الحكومة قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران، وتخفيض نسبة الجالية الإيرانية الموجودة في الكويت تمهيدا لمنعها كليّة، والعمل على تصنيف حزب الله منظمة إرهابية خليجيا وعربيا وإسلاميا وعالميا بالتعاون مع أشقائنا في دول مجلس التعاون الخليجي، لافتا إلى أنه لو انتشرت الأسلحة التي تم الكشف عنها في الشارع لتحولت الكويت إلى سورية ويمن وعراق وليبيا أخرى!

وأضاف أن مهمة وزارة الداخلية الآن هي متابعة المنتمين إلى هذا الحزب الإرهابي والمتعاطفين معه من الكويتيين، وتشكيل لجنة للحوار معهم وكشف الشبهات العالقة في أذهانهم، وتعزيز قيم الولاء للكويت لديهم، مؤكدا أن العقوبة تقدر بقدرها وتنحصر في من ثبتت عليه التهمة، فلا عقاب إلا للمسيء.

وطالب الحمدان بتوقيع أقصى العقوبات على من يثبت عليه الانضمام إلى هذه الخلية الارهابية بدءا من سحب الجنسية وانتهاء بالإعدام، حسبما ورد في القانون كعقوبة للخيانة العظمى والتآمر على البلاد، مشيرا إلى أنه من غير المقبول تحميل الشيعة جميعهم جريمة ما قامت به شرذمة إرهابية، وما تؤمن به مجموعة من أبناء الطائفة، ممن تم إغراؤها بالمال أو غسيل للمخ بطرق مختلفة منها الفضائيات المحرضة والإنترنت وبعض الزيارات لتلك الدول، حيث يتم تخريب عقولهم وتدريبهم على السلاح بمختلف أنواعه وزرع الكراهية للكويت وأهلها.

وتعليقا على بيان السفارة الايرانية في الكويت، قال النائب نبيل الفضل: «مع احترامنا للسفارة الايرانية وتفهمنا لقيامها بدورها وواجبها لاصدار بيانها، فان السفارة والدولة الايرانية تعلمان ان هناك اكثر من حكومة في ايران».

وقال الفضل في تصريح امس إن «ما تفعله حكومة قد لا تعلم به حكومة اخرى، فما يفعله الحرس الثوري على سبيل المثال قد يكون معارضاً ومتناقضاً مع ما تريده الحكومة الشرعية».

وأضاف: «لا نقول هذا تبريرا ولا تبرئة لطرف من اطراف الصراع الداخلي في ايران ولكن نقوله من باب الفهم والاستيعاب، وفي النهاية تظل الحكومة الشرعية مسؤولة عن تصرفات اي طرف يعيش ضمن الجغرافيا الايرانية ولم يتم اعلانه طرفا خارجا على الشرعية».

بيان السفارة

من جهتها، عبرت السفارة الإيرانية في الكويت عن استيائها من ثلاثة أمور متعلقة بالقضية المعروفة إعلاميا باسم خلية العبدلي، المتهم فيها نحو 25 كويتيا وإيراني واحد بالتخابر مع حزب الله وإيران، حيث أبدت السفارة استياءها الشديد من «الزج باسم إيران في قضية داخلية مرتبطة بالأساس بالكشف عن أسلحة، وعدم إفادتها بشكل رسمي من الحكومة الكويتية بهوية الشخص الإيراني المذكور في بيان النيابة العامة، والتعاطي الإعلامي مع القضية، عبر التحريض على الجمهورية الإسلامية الإيرانية، مستندا على تهم واهية لم تثبت صحتها لدى المراجع القضائية الى الآن».

وقالت السفارة، في بيانها الذي أصدرته أمس، «إن سفارة الجمهورية الإسلامية الايرانية في دولة الكويت تعرب عن استيائها الشديد لزج إيران في قضية داخلية، ترتبط في أساسها بالكشف عن أسلحة وذخائر، كما أعلن عنها سابقاً، ونظراً لأن الكشف عن بعض التفاصيل وحيثيات القضية المعنية، ومنها إلقاء القبض على أحد المواطنين الإيرانيين، كما ادعى بيان النيابة العامة، وتم الإعلان عنه في وسائل الإعلام قبل إفادة الجهات الرسمية الإيرانية بالموضوع، وذلك عبر القنوات الدبلوماسية، فإن السفارة تود الإشارة إلى النقاط التالية:

1 - لم يتم إفادة السفارة عن هوية الشخص الإيراني المذكور في بيان النيابة العامة حتى الآن، وكذلك دوره المزعوم في التهم المنسوبة إليه، وتفاصيل اعتقاله من قبل الجهات المعنية، فعليه تطلب السفارة من السلطات الكويتية إبلاغها رسميا بأي معلومات وتوفير إمكان الاتصال بالمتهم.

2 - إن الجمهورية الإسلامية الإيرانية تعرب عن أسفها الشديد لمواصلة بعض وسائل الإعلام الكويتية تحريضها السلبي إزاء العلاقات الثنائية بين البلدين، وراحت تستهدف إيران مبنية على تهم واهية لم تثبت صحتها لدى المراجع القضائية حتى الآن.

3- إن ساحة العلاقات الإيرانية - الكويتية لا تتحمل مثل هذه التهم الواردة في البيان، كما أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية تؤكد أمن دول المنطقة بأجمعها، وتحرص على قيامها بدور بناء في تكريس الأمن والاستقرار في ربوع المنطقة.

«التحالف الوطني»: نرفض التشكيك في تحقيقات النيابة العامة

«بيان السفارة خالف الأعراف الدبلوماسية»

رفض الأمين العام للتحالف الوطني الديمقراطي، بشار الصايغ، ما جاء في بيان السفارة الإيرانية من تشكيك في تحقيقات النيابة العامة وجهود المؤسسات الأمنية في قضية الخلية الإرهابية.

وقال الصايغ، في تصريح صحافي، إن السفارة الإيرانية خالفت الدبلوماسية في تدخلها بالشأن المحلي، بل وتجاوزتها باستخدام مفردات لا يفهم منها سوى التقليل من سيادة الدولة، مطالبا في الوقت ذاته وزارة الخارجية «بالتحرك تجاه استفزازات السفارة الإيرانية، وعدم التساهل عن أي قضية تمس أمن الوطن».

وذكر أن السفارة الإيرانية في الكويت لها سوابق في التدخل بالشأن المحلي، وآخرها ما كشفته خلية التجسس الإيرانية عن ضلوع دبلوماسيين في السفارة بأعمال التجسس وما ترتب عليه من الطلب منهم مغادرة الكويت، مشددا على أن احترام العلاقات الثنائية بين البلدين يكون عبر تنميتها لخدمة البلدين والشعبين، وليس بأعمال التجسس والإساءة للكويت.

الطريجي: ﻤﻔردات استفزازية

رفض ﺍﻟﻨﺎﺋﺐ ﺩ. عبدالله ﺍﻟﻄﺮيجي بشدة ﺍﻟﻤﻔردات ﺍلاستفزازية ﻭﺍﻟﺘﺤريضية ﺍﻟﺘﻲ ﻭﺭﺩﺕ ﻓﻲ بيان ﺍﻟﺴﻔﺎﺭﺓ ﺍﻹ‌ﻳﺮﺍنية أمس، مشيرا ﺇﻟﻰ أن مضمونه يفتقر ﺇﻟﻰ الدبلوماسية ﻭيحمل تحريضا ﻭﺗﺪﺧﻼ‌ ﻓﻲ ﺷﺆﻭﻥ ﺍﻟﻜﻮﻳﺖ.

ﻭﺃﺿﺎﻑ الطريجي ﻓﻲ ﺗﺼﺮﻳﺢ للصحافيين ﺃﻥ ﺍﻟﺴﻔﺎﺭﺓ ﺍﻹ‌ﻳﺮﺍﻧﻴﺔ ﺗﺼﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻜﺎﺑﺮﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺎﻃﻞ، ﻭﺗﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﻣﺎ ﺍﻧﺘﻬﺖ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻟﻨﻴﺎﺑﺔ ﺑﺸﻲﺀ ﻣﻦ ﺍلاستخفاف ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺆﻛﺪ ﺣﺎﻟﺔ ﺍﻟﺼﺪﻣﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻌﻴﺸﻬﺎ ﺍﻟﺴﻔﺎﺭﺓ ﻣﻦ ﻇﻬﻮﺭ ﺃﺩﻟﺔ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﻋﻠﻰ ﺗﻮﺭﻁ ﻃﻬﺮﺍﻥ ﻓﻲ ﺩﻋﻢ ﺍﻟﺨﻼ‌ﻳﺎ ﺍﻹ‌ﺭﻫﺎﺑﻴﺔ، ﻟﻴﺲ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻮﻳﺖ فحسب، ﺑﻞ ﻓﻲ ﺩﻭﻝ ﻣﺠﻠﺲ ﺍﻟﺘﻌﺎﻭﻥ ﻭﺑﻌﺾ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺷﺘﻌﻠﺖ ﺑﺴﺒﺐ ﺍﻟﺘﺪﺧﻞ ﺍﻹ‌ﻳﺮﺍﻧﻲ ﺍﻟﺴﺎﻓﺮ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﺳﺘﻨﺎﺩﺍً ﺇﻟﻰ ﺃﺑﻌﺎﺩ ﻣﻘﻴﺘﺔ.

ﻭﺩﻋﺎ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻟﻤﺨﺘﺼﺔ في البلاد ﺇﻟﻰ ﺍﺗﺨﺎﺫ ﻣﻮﻗﻒ ﻣﻤﺎ ﻭﺭﺩ ﻓﻲ ﺑﻴﺎﻥ ﺍﻟﺴﻔﺎﺭﺓ ﺍﻹ‌ﻳﺮﺍﻧﻴﺔ، ﻭﺍﺳﺘﺪﻋﺎﺀ ﺍﻟﺴﻔﻴﺮ ﺃﻭ ﺍﻟﻘﺎﺋﻢ ﺑﺎﻷ‌ﻋﻤﺎﻝ ﻭﺇﺑﻼ‌ﻏﻪ ﺑﺄﺷﺪ ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﺪﺒﻠﻮﻣﺎﺳﻴﺔ ﺃﻥ ﻋﻠﻰ ﻃﻬﺮﺍﻥ ﺍﻟﻜﻒ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﺷﺆﻭﻧﻨﺎ ﻭﺿﺮﻭﺭﺓ ﺍﺣﺘﺮﺍﻡ ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﻤﺆﺳﺴﺎﺕ ﻭﻣﺎ ﺗﻨﺘﻬﻲ ﺇﻟﻴﻪ ﺳﻠﻄﺎﺕ ﺍﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻭﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﺍﻟﻨﺰﻳﻪ.

ﻭﺃﻛﺪ ﺃﻥ ﺃﻱ ﻋﺎﻗﻞ ﻻ‌ ﻳﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻷ‌ﺩﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﺪﺧﻞ إيران ﺍﻟﺴﺎﻓﺮ ﻭﻭﻛﻴﻠﻬﺎ ﺣﺰﺏ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻹ‌ﺭﻫﺎﺑﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻮﻳﺖ ﻭﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ، ﺍﻷ‌ﻣﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﻄﻠﺐ ﺗﺪﺧﻼ‌ ﻋﺮﺑﻴﺎً ﻭﺃﻣﻤﻴﺎً ﻭﺩﻭﻟﻴﺎً ﻻ‌ﻗﺘﻼ‌ﻉ ﺍﻹ‌ﺭﻫﺎﺏ ﻣﻦ ﺟﺬﻭﺭﻩ، ﻭﺇﻻ‌ ﻓﺈﻥ ﺷﺮﺭ ﺍﻹ‌ﺭﻫﺎﺏ سيطول ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﺄﺳﺮﻩ.

الحريص: دقة المرحلة

طالب رئيس لجنة الشؤون التشريعية والقانونية البرلمانية، النائب مبارك الحريص، الحكومة بعد الكشف عن الخلية الإرهابية في العبدلي، بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومحاسبة القياديين المسؤولين عن التسيّب الرقابي الذي أدى إلى دخول هذه الترسانة من الأسلحة والمتفجرات.

ودعا الحريص في الوقت ذاته الجميع إلى تقدير المرحلة الدقيقة التي تمر بها البلاد بالبعد عن الانسياق وراء النعرات الطائفية الرامية إلى تفتيت وحدة المجتمع وهز أركان استقراره وتشويه اللحمة الوطنية التي جسدها في الرد على العمل الإرهابي بتفجير مسجد الإمام الصادق.

وقال: «إننا نقدر ونثمن بيان الحكومة الصادر على خلفية اكتشاف الخلية الإرهابية في العبدلي، لكننا ندعوها في الوقت ذاته وبناء على التهم الموجهة من النيابة العامة إلى تصنيف (حزب الله) تنظيما إرهابيا».