حياة الفهد فنانة من زمن عمالقة الفن الجميل، ولجت عالم الفن من خلال فرقة {بو جسوم}، شاركت في حقبة العصر الذهبي للمسرح، وأسست مع رفاقها الفرقة العريقة {مسرح الخليج العربي}، كتبت لها الريادة، أيضاً، في أول فيلم كويتي روائي طويل {بس يا بحر} لأدائها الرفيع لشخصية {أم مساعد}، مستمرة في العطاء منذ خمسة عقود إلى اليوم، فلقبت عن جدارة واستحقاق بأم المسرح وسيدة الشاشة الخليجية وتاج الفن ونجمة الخليج الأولى.

Ad

أين عشت طفولتك؟

في منطقة شرق، ثم المرقاب، بعدها الشامية في روضة وابتدائية «سكينة»، وكنا نرقد من الواحدة حتى الثالثة عصراً يأتي بعدها أهلنا لاصطحابي إلى المنزل. كانت البيوت في تلك الفترة من طين، إضافة إلى بعض المنازل العربية بنوعية واحدة من الطابوق. سكنت في الفيحاء والشامية وكيفان التي كانت تسمى ميم، والبيوت مبنية من دور واحد، وعندما تم توزيع البيوت الحكومية كان المبنى في الوسط وحوله الحوش.

ماذا عن الكويت القديمة؟

كانت الفرجان ضيقة جداً، والبيوت من طين.

لماذا تركت الدراسة؟

لم أكن أحب الدراسة التي أحببتها في ما بعد، ولعدم وجود رجل في البيت ليسيطر على مجمل الأمور، وكانت أمي عاطفية جداً، إذا مرض أي طفل تبقيه في المنزل، إضافة إلى كثرة التنقل من منطقة إلى أخرى، لأننا لم نمتلك بيتاً، إلى حين قيام الحكومة بتوزيع البيوت على المواطنين، فذهبنا إلى كيفان وفيها حدث نوع من الاستقرار النفسي والمادي وبدأت أفهم السينما.

كيف؟

حرصت على الذهاب إلى سينما الشرقية وحولي الصيفي والحمراء والفردوس ثلاث مرات في الأسبوع، ثم في مرحلة لاحقة أُغلقت الشرقية، لكنني تابعت ارتياد دور العرض، إما برفقة شقيقي أو والدتي رحمها الله، أما أختي الكبرى فكانت أكبر منا سنا ومتزوجة، والأخرى صغيرة جداً. عشقت السينما التي أرست بداية شغفي بالفن، وجعلتني أحب الفنانين ورسمت صورهم في عيوني.

متى شاهدت أول فيلم ولمن كان؟

في الخمسينيات شاهدت فيلما سينمائيا بعنوان «لحن حبي» من بطولة فريد الأطرش، لم أنس الأغنية التي قدمها وهي «نورا نورا يا نورا»، وفي فترة لاحقة عشقت فاتن حمامة وشادية.

هل  تابعت الدراسة؟

اجتهدت على نفسي وتعلّمت القراءة والكتابة بعدما شعرت بحاجتي إليهما، وانتسبت إلى معهد تدريب الفتيات في المباركية لمدة عامين، وتعلمت الحساب واللغة العربية إلى جانب الطبخ والخياطة والتدبير المنزلي في الفترة الصباحية، أما في الفترة المسائية فكنت أذهب الى المعاهد المحدودة للاستزادة بعلوم أخرى.

متى توفى والدك؟

سنة 1967، وكنت في تلك الفترة متزوجة وحاملاً بابنتي البكر سوزان.

هل عانيت في الطفولة؟

لم تكن صعبة، ولم أدرك إن كانت ثمة مشاكل معينة أم لا، ومن المعروف أن عائلتي مقتدرة ولله الحمد، ونحن اختلفنا معهم ثم انفصلنا.

وماذا عن مرحلة الوعي؟

في فترة الوعي الكامل، عايشت وجود السيارات والكهرباء والثلاجة، وفي مرحلة لاحقة في أوائل الستينيات دخل التلفزيون والجامعة، وكان التطور سريعاً.

ما سر تعلقك بالماضي؟

عشت بعض الفترات الأخيرة منه، الفرجان القديمة وعدم وجود إضاءة، وكان الاعتماد على «السراي»، تعلقت بهذه الأمور، ثم جاء التطور السريع، لكنه لم يبعدني عن الاستمتاع بتلك الأمور. فرسخت في ذهني، وعندما أحن إلى الماضي الجميل أكتبه في عمل فني.

 

كيف دخلت عالم الفن والإعلام؟

اكتشفني الفنان حسين القطان «بو جسوم»، عام 1962، وعرض علي العمل كممثلة، كنت حينها موظفة مع زميلتي أمينة الشراح في مستشفى الصباح، فرغبت في أن تكون مذيعة، أما أنا فعشقت التمثيل وشاركت مع فرقة {بو جسوم} في تمثيلياتها الإذاعية، أما أول عمل لي في التلفزيون فكان {عايلة بو جسوم}.

ما كان عملك الآخر في الإذاعة غير التمثيل؟

بدأت العمل في «الإذاعة الشعبية»، تسمى اليوم «إذاعة البرنامج الثاني»، كمذيعة ربط، ثم قارئة للمواجيز الإخبارية، ومن زملائي في تلك المرحلة: أمل عبدالله، يوسف حسين، جاسم كمال، نجم عبد الكريم.  بعد ذلك شاركت في إعداد البرامج وكتابتها وتقديمها.

ما أبرز برامجك؟

«قصة أغنية»، وهي عبارة عن كتابة قصة بسيطة حول مضمون أغنية تم بثّها، وكنت أتولى كتابة النص.

كيف شاركت في تأسيس مسرح الخليج؟

عام 1963، كنت حديثة العهد بالوسط الفني، فولدت فكرة جماعية تولاها صقر الرشود، منصور المنصور، عبدالعزيز الفهد، سالم الفقعان، مكي القلاف، عبدالله خلف، نورة الخميس، يوسف الشراح، سعيد الرفاعي، عبدالله الرومي، حمد المؤمن، جاسم شهاب، مساعد الفوزان، أحمد القطان، وليد الخالد، وأنا. وتأسست الفرقة وأعلن إشهارها في 13 مايو من العام نفسه.

ماذا عن باكورة أعمالكم؟

ليلة فنية شاملة تتضمن غناء وفواصل كوميدية، من إخراج صقر الرشود، كان المسرح منتعشاً في تلك الفترة، وظهر جهد ملحوظ من الثنائي صقر الرشود وعبدالعزيز السريع في مجال الكتابة، وتعتبر فرقتنا أحد العوامل التي زادت انتعاش المسرح.

ما أول عمل مسرحي مع «الخليج العربي»؟

«الخطأ والفضيحة»، جسدت فيه دورين: الأم رغم صغر سني وذلك بسبب قلة العنصر النسائي آنذاك، والزوجة المشاكسة، وكنت أبدّل الماكياج والملابس بين دوري الأم والزوجة حتى ينتهي العرض. العمل من تأليف مكي القلاف وإخراج صقر الرشود، عرض في الأول من سبتمبر 1963 على مسرح الثقافة العمالي.

هل تم تصويره؟

للأسف لا، لدينا مسرحيات رائعة تحوي مضامين ومعاني جميلة لم تنل نصيبها وحقها في التصوير، من بينها {بحمدون المحطة} لمسرح الخليج.

وهل استمريت في تمثيل دور الأم؟

شاركت في «الأسرة الضائعة» فكرة عبدالعزيز السريع وإعداد اللجنة الثقافية (عبدالعزيز السريع وصقر الرشود ومحبوب العبدالله) وإخراج الرشود، وكان عمري لا يتجاوز 13 عاماً، ورغم بدايتي الفنية القصيرة، ألبسني مسرح الخليج دور أم ستينية، وكان منصور المنصور وعبدالرحمن الهادي ولديّ،  ولك أن تتخيل ذلك.

كيف ظهرت في سن الستين؟

كانت الوسيلة في إظهارنا كباراً في السن رسم بعض الخطوط على وجوهنا بواسطة أقلام كحل (مازحة) وكأننا، زنوج ومع ذلك أحب الجمهور العمل.

كان ثمة من يهتم بمشاهدة المسرح بصفته فناً جديداً ومسلياً بالنسبة إليه.

من أطلق عليك لقب أم المسرح؟

فرقة مسرح الخليج لأنني أجدت تمثيل أدوار الأم في أعمال عدة.

من أبرز الفنانات في تلك الفترة؟

أول فنانة مريم الصالح، ثم مريم الغضبان، عائشة إبراهيم، سعاد عبدالله  وطيبة الفرج، ومجموعة من الفتيات لم يكتب لهن الاستمرارية مثل فضيلة وفتاة الكويت التي انضمت إلى «مسرح الخليج العربي» ونوال باقر وأختها.

لماذا؟

أعذرهن، في تلك الفترة لم  يتقبل الناس، ظهور المرأة في الفن، لذا رُوجت إشاعات مغرضة، وكنا نسمع كلمات جارحة ونحن على خشبة المسرح وفيها نوع من الإهانة، لذا بعض الممثلات اختصرن مشوارهن وتركن المجال، أما نحن فلم نستطع الابتعاد عن الفن لحبنا الشديد له ولرسالته الهادفة.

قبلكن  كان بعض الممثلين الرجال يجسدون  شخصيات نسائية.

صحيح، وقد أخذوا نصيبهم من السباب. أفضل فنان أدى شخصية المرأة عبدالعزيز النمش الذي أعتبره أحسن منا في إجادة الأدوار النسائية، فهو يمتلك قدرات وامكانات عالية الحرفية. وبرحيله يبقي مكانه شاغراً  لغاية اليوم.

«رُفعت الجلسة» و «الجدة لولوة»

• ماذا تقدمين للمستمعين في الشهر الكريم؟

«رُفعت الجلسة» مسلسل كوميدي عبر أثير إذاعة الكويت، من تأليف انتصار الحداد وإخراج المبدع فيصل المسفر. يشاركني في بطولته: عبدالحسين عبدالرضا وسعاد عبدالله.

• ما دورك فيه؟

أؤدي دور «أم راشد» التي تخشى من خطف رويدا (سعاد) لزوجها (عبدالحسين)، فتخطط لإبعادها عنه، وتحاول في الوقت نفسه أن تغيّر من شكلها. فتحدث مواقف كوميدية بين أم راشد ورويدا وأبو راشد.

• ما دورك في المسلسل الرمضاني «حال مناير»؟

للمرة الأولى أجسّد شخصية بمواصفات قاسية تتمحور حول صفة الأنانية وتفضيل المصلحة الخاصة على المصلحة العامة، العمل من تأليف فهد العليوه وإخراج منير الزعبي.

• ما الذي دفعك إلى تقديم  مسلسلين خلال العام الحالي؟

أعترف بأن السبب المباشر كان في أهمية مسلسل «الجدة لولوة» الذي يسلط الضوء على كفاح الجدة لولوة في تحمل أعباء تنشئة أحفادها بعدما ربت أبناءها الذين ذهبوا ضحية حادث مروري، وكان عليها أن تعيش زمناً جديداً والتعامل مع الأحفاد وفق معايير تربوية واجتماعية جديدة تليق بالمرحلة الراهنة.

• ما المطلوب من الدراما الخليجية في الوقت الراهن؟

تقديم نتاجات فكرية واجتماعية تعبر عن نبض المجتمع وقضاياه المعاصرة بأطر فنية عالية المستوى.