كلمة بغيضة... أليس كذلك؟!... لكن مدلولها: بناء!.. تعمير!

Ad

إذاً كيف صارت دلالة على استعباد الشعوب؟!.. مما دفع المفكر الإيراني الدكتور علي شريعتي إلى أن يسميه "استحماراً"!.. ونقلها عنه مالك بن نبي.

نسلط الضوء على لمحة صغيرة لنشأة الاستعمار أو "الاستحمار"! منذ بداياتها. وهي ليست ظاهرة عربية، كما يتصور العرب أنهم هم وحدهم المستهدفون بها!

ففي بداية حركة الاستعمار، خاصة لأنها تضمن نقل المدونات المسيحية منذ القرون التي أخذت فيها أوروبا زمام مبادرات استكشاف أراضٍ جديدة، واتخذت لنفسها عدة خطط استراتيجية تستهدف القضاء على الثقافات المحلية في الأراضي الجديدة واستبدالها بمؤسسات أوروبية تجديدية تحديثية من الناحية المعيشية و"الدينية"!

هذه التجربة خاضتها بنجاح على نطاق واسع إسبانيا في دول أميركا اللاتينية.. وكذلك تم تحجيم الشعوب الفطرية بمشروع الأراضي الخالية، تمهيداً لاستيلاء الثقافة المسيحية عليها مثلما سارت الأمور في أميركا الشمالية مع الهنود الحمر، وأستراليا، والأرجنتين!

وقد صاحب ذلك ما قامت به مؤسسات شبه رسمية من جهد كبير في تنصير السكان المحليين في مساحات شاسعة من القارات!! ودخلت ثقافة جديدة في مناطق الشرق الأقصى والشرق الأوسط كالصين والهند، حيث كانت المؤسسات شبه الرسمية تعمل بشكل مركز على شيوع الثقافة الأوروبية المسيحية.

لذلك نجد العديد من بلدان جنوب شرق آسيا قد اعتنق الكاثوليكية بفضل تأثيرات رحلات ماجلان، وفاسكو دي جاما، وغيرهما!

هكذا بدأت رحلة ما سُمي بالاستعمار باختصار شديد!

***

أما بالنسبة لنا كعرب، فالوضع الديني كان مستعصياً عليهم مقارنة بالأفارقة والآسيويين لشدة تمسك المسلمين بعقيدتهم!

لكن الاستعماريين لم ييأسوا من تحقيق بعض استراتيجياتهم بالحصول على منافع مادية مازال البعض منها - حتى الساعة - يحقق لهم منافع مهولة! ويوم جعلوا من بلادنا ممراً يعبرون من خلاله إلى القارة الآسيوية، وخصوصاً الهند التي كانت تُسمى "التاج البريطاني"، ووجود الشركة الشرقية فيها!

ثم بعد "سايكس بيكو" حيث اقتسمونا في ما بينهم، شمال إفريقيا لفرنسا، والمشرق العربي لبريطانيا، وتوصلوا إلى إبرام اتفاقات مع قيادات المنطقة تخول لهم الهيمنة، بعد انهيار دولة الخلافة العثمانية!

ومنذ ذلك التاريخ حتى الآن وشبح كلمة استعمار يرعبنا! رغم أن معظم دولنا تحرر من الاستعمار!

• ولكن هل فعلاً نحن تحررنا من الاستعمار؟!

أقولها بصراحة، وأنا أعتبر نفسي قومياً عربياً: إن أخلاق الاستعمار بكل ما كانت تحمله من نوايا ومن أهداف هي والله أكثر احتراماً لإنسانية الإنسان مما عانيناه ونعانيه من حكم أبناء جلدتنا!

والله من وراء القصد.