ترجم سفير الكويت السابق لدى جمهورية النمسا فيصل راشد الغيص رسالة باللغة الألمانية موجهة من الماركيز يوهان فون بالافيتشيني (1848-1941)، وهو دبلوماسي نمساوي مشهور، كان سفير الإمبراطورية النمساوية - المجرية لدى الإمبراطورية العثمانية قبيل وخلال الحرب العالمية الأولى بشأن الترتيبات الإنكليزية- التركية حول خط حديد الكويت إلى حكومة بلاده.

وفي ما يلي نص الترجمة التي أهداها السفير إلى "الجريدة"، مع العلم أن صورتها من مقتنياته الخاصة، بينما تحتفظ المكتبة الوطنية في فيينا بالنسخة الأصلية للرسالة:

Ad

من: الماركيز بالافيتشيني

الترتيبات الإنكليزية - التركية

القسطنطينية في 22 مايو 2013

حضرة الكونت نبيل المولد،

عطفا على تقريري التلغرافي بتاريخ 16 من الشهر الجاري رقم 256، يشرفني أن أنهي إلى سعادتكم مع كل الاحترام أنني قمت قبل بضعة أيام بالاستعلام من رئيس الوزراء (*1) مجددا حول وضع المفاوضات الجارية مع الحكومة الإنجليزية بشأن خط حديد الكويت - بغداد.

ولقد كرر لي محمود شوكت باشا أن المباحثات -الدائرة بين هنا (*2) ولندن وبرلين- تقترب من نهايتها، وأنه سيتم التوصل إلى اتفاق حول المسائل المتعلقة بمصالح ألمانيا وإنجلترا في بلاد الرافدين والخليج الفارسي.

وستتنازل إنجلترا عن مشاركتها في رأسمال سكة حديد بغداد

-البصرة- الخليج الفارسي، ومن ثم سيتم منح امتياز وتشغيل الخط إلى شركة قطارات بغداد.

وستكون البصرة نقطة نهاية خط القطار بشكل مؤكد.

وسوف تطلب إنجلترا من ألمانيا بالطبع ضمانات بأن مصالحها التجارية في بلاد الرافدين لن تتأثر بسبب خط الحديد.

وفي ما يتعلق بمسألة الكويت يبدو -من تلميحات رئيس الوزراء- أن إنجلترا تعترف بسيادة تركيا على شيخ الكويت، مقابل اعتراف تركيا لإنجلترا بحقوق تحكم معينة على الكويت من شأنها أن تطلق يد إنجلترا في الخليج الفارسي بشكل كامل، ومن المحتمل أن يتم التفاهم حول مسألتي الملاحة في شط العرب والمراقبة البحرية لصالح إنجلترا.

ويبدو أن المباحثات حول مجمل القضايا تدور حاليا بشكل رئيسي بين لندن وبرلين. يدل على ذلك -بغض النظر عن تلميحات رئيس الوزراء- موقف زميلي الألماني، الذي تربطني به علاقة حميمة، والذي يبدو، على غير شخصيته المنفتحة، متحفظا وكتوما حول هذه المسألة منذ أسبوعين، بالتأكيد لأنه يخشى أن يفشي أي سر بخصوص هذه المسألة الحساسة جدا، كما وصفها هو نفسه منذ مدة وجيزة.

وأكد لي رئيس الوزراء أنه يعلق أهمية كبيرة على التوصل إلى اتفاق بين إنجلترا وألمانيا حول الترتيبات الخاصة بخط حديد بغداد، لأنه طالما راودته الرغبة بأنه يرسم سياساته بالارتكاز على إنجلترا وألمانيا، وهو الأمر الذي لم يكن ممكنا حتى الآن بسبب الخلافات بين هذين البلدين حول مد خط الحديد الى الخليج الفارسي.

وقال إنه من المؤسف أن التركيز في تركيا كان حتى الآن ينصب على المسائل الصغيرة في إطار سياسة الأبهة، مما أدى الى إغفال الأهداف الرئيسية. فكان المفروض تسوية المسألة الكويتية مع إنجلترا منذ زمن طويل، مما كان سيوفر أرضية لإيجاد تفاهم بين إنجلترا وألمانيا حول خط حديد بغداد، ومن ثم كان سيكون في إمكان تركيا أن تتكئ على هاتين الدولتين في رسم سياساتها. وهو يأمل أن يتمكن من ذلك إذا ما تم توحيد الرؤية بشأن مسألة خط حديد بغداد.

وتابع رئيس الوزراء قائلا، إنه لم تتوفر الشجاعة الكافية في السابق لتنظيف المشاكل التي كانت تحمل في طياتها بذور جميع التشابكات المحتملة في المستقبل، مما كان سيوفر تضحيات أكبر بكثير مما كان لازما في البداية. واختتم محمود شوكت باشا بقوله: "فلو كانت لدينا نحن الشجاعة الكافية قبل بضع سنوات للتخلي عن جزيرة كريت بالكامل لربما تجنبنا بفضل هذا القرار خوض الحرب الأخيرة كليا". (*3).

تفضلوا سعادتكم بقبول فائق الاحترام والتقدير.

التوقيع

بالافيتشيني

إلى سعادة السيد الكونت بيرشتولد (*4)

وزير الخارجية

فيينا

إيضاحات المترجم:

1- التركي.

2- القسطنطينية.

3- حرب سنة 1897 بين اليونان والدولة العثمانية، حيث كانت جزيرة كريت تخضع لتركيا فاستولت عليها اليونان.

4- الكونت ليوبولد بير شتولد (1863- 1942)، وزير خارجية الإمبراطورية النمساوية- المجرية إبان الحرب العالمية الأولى.