فرضت روسيا وإيران الحليفين المخلصين لدمشق استراتيجيتهما على الغرب، من أجل جعل المعركة ضد الجهاديين في سورية أولوية قصوى، والإبقاء على الرئيس الأسد في السلطة، بينما تبذل واشنطن جهوداً حثيثة لوضع استراتيجية جديدة للبلاد التي مزقتها الحرب.

Ad

قبل ساعات من افتتاح أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، أمس، فرض الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والإيراني حسن روحاني رؤيتهما لإدارة النزاع السوري بمواجهة الأميركيين والأرووبيين الغارقين في أزمة اللاجئين والتهديدات الإرهابية الممثلة بتنظيم "داعش" محور القلق العالمي.

وكشف بوتين عشية لقائه في نيويورك نظيره الأميركي باراك أوباما، للمرة الأولى منذ أكثر من عامين، النقاب عن ائتلاف جديد يعتزم ترتيبه لمكافحة "داعش". وقال في مقابلة مع قناة "سي بي إس" الأميركية بثته أمس، "عرضت التعاون مع دول المنطقة لتأسيس أرضية مشتركة للعمل الجماعي ضد الإرهابيين"، الذين شكلت واشنطن و60 دولة أوروبية وعربية العام الماضي ائتلافا عسكريا لضرب معاقلهم في سورية والعراق. لكنها لم تمنع "داعش" من تعزيز مواقعه، أو تدمير قوة جاذبيته للجهاديين الأجانب.

وفي مواجهة هذا المأزق، وبعد أكثر من 4 سنوات من حرب خلفت نحو 240 ألف قتيل وملايين النازحين واللاجئين، أكدت موسكو وطهران بشكل قاطع لا لبس فيه أن نظام حليفهما بشار الأسد يشكل الحصن المنيع بوجه الإرهاب.

هجوم أوباما

وفي كلمته أمام الجمعية العامة، دان أوباما أمس من يؤيدون قادة مثل الأسد، في هجوم مباشر على روسيا وإيران لدعمهما العسكري للنظام، قبيل كلمة فلاديمير بوتين في المناسبة، واصفا إياه بأنه «طاغية قاتل للأطفال»، وداعياً إلى مرحلة انتقالية تستثني الأسد من السلطة.

وقال أوباما إن «الولايات المتحدة مستعدة للعمل مع كل الدول بما فيها روسيا وإيران لحل النزاع». وتدارك بقوله: «ولكن ينبغي أن نقر بأنه بعد هذا الكم الكبير من المجازر وسفك الدماء، لا يمكن العودة إلى الوضع الذي كان قائما قبل الحرب».

تدخل بري

وعشية خطابه في الجمعية العامة للأمم المتحدة، أمس، قال بوتين، متحدثاً بالروسية خلال برنامج "60 دقيقة" إن "روسيا لن تشارك في أي عمليات برية على الأراضي السورية أقله في الوقت الحاضر"، مضيفا: "لكننا "ندرس تكثيف تعاملنا مع الرئيس الأسد ومع شركائنا في بلدان أخرى".

واعتبر بوتين الاتهامات الموجهة للأسد بالعنف العشوائي ضد المدنيين بما في ذلك القصف بواسطة البراميل المتفجرة ودفع الكثير من السوريين إلى الانضمام للجهاديين "دعاية معادية لسورية".

إجماع دولي

واغتنم روحاني تردد الغربيين بشأن مصير الرئيس السوري، الذي كان رحيله الفوري وغير المشروط مطلبهم منذ فترة طويلة، ليؤكد وجود إجماع دولي واسع لبقائه في السلطة.

وقال، في مقابلة مع قناة "سي إن إن"، "أعتقد أن الجميع يقبلون أن الرئيس الأسد يجب أن يبقى لمحاربة الإرهاب"، مضيفا: "في سورية، هدفنا الأول هو محاربة الإرهابيين وإلحاق الهزيمة بهم، وليس لدينا بديل سوى تعزيز السلطة المركزية والحكومة باعتبارهما الدعائم الرئيسة للسلطة".

وبدا تمرير الرسالة في الأسابيع القليلة الماضية. فواشنطن ولندن وبرلين وحتى باريس لم تعد تشترط رحيلا فوريا للأسد كشرط مسبق للمفاوضات، وذهبت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إلى حد القول إنه يجب إجراء محادثات معه.

صدام مرتقب

وشهدت الأمم المتحدة مع افتتاح أعمال جمعيتها العامة، أمس، صداما بين بوتين، الذي نجح في فرض نفسه في قلب الجدل حول سورية، وأوباما الذي يبحث عن استراتيجية حيال هذا البلد. وعقد الرئيسان بعد إلقائهما كلمتين بفارق دقائق في الجمعية العامة أول لقاء رسمي لهما على انفراد منذ سنتين من عزلة فرضها الغرب على بوتين على خلفية دوره في النزاع بأوكرانيا.

مجموعة الاتصال

وفي موسكو، أعلن نائب وزير الخارجية الروسية ميخائيل بوغدانوف، أمس، أن "اللاعبين الرئيسيين" في النزاع السوري كالولايات المتحدة وروسيا والسعودية وإيران وتركيا ومصر سيجتمعون في أكتوبر، موضحا أنه "سيتم تشكيل 4 مجموعات عمل في جنيف، كما أن لقاء مجموعة الاتصال سيكون بعد انتهاء أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة".

وفي برلين، دعا وزير الخارجية الألماني إلى تشكيل حكومة سورية انتقالية للخروج من المأزق، معرباً عن استعداده للقيام بوساطة بين الموالين والمعارضين للحوار مع الأسد.

وبينما لم يطرح وزير خارجية فرنسا لوران فابيوس السبت تنحي الرئيس السوري شرطا مسبقا لأي تفاوض، شدد رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو على أن بلاده لاتزال تعارض أي انتقال سياسي يكون فيه دور للأسد.

لكن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ردد الأسبوع الماضي فكرة أن يكون الأسد جزءا من فترة انتقالية، قبل أن يقول في وقت لاحق إن تصريحاته لا تمثل تغييرا في سياسة أنقرة.

 زيارة خاصة

ودعا رئيس مجموعة فرنسا-سورية في الجمعية الوطنية الفرنسية، النائب جيروم لامبير، الذي يقوم حاليا بزيارة خاصة الى دمشق برفقة نائبين آخرين، باريس ودمشق إلى التصدي "معا" لتنظيم "داعش". وقال لإذاعة "أوروبا 1"، "لدينا عدو مشترك، داعش هو عدو الشعب السوري، وداعش عدونا، والذكاء يملي علينا مواجهته معا".

قصف إسرائيلي

ميدانياً، قصفت إسرائيل أهدافا للجيش السوري في مرتفعات الجولان أمس الأول، وقالت إنها ردت على إطلاق صواريخ عبر الحدود من الحرب الدائرة في سورية.

وأفادت مصادر في المعارضة بجنوب سورية والمرصد السوري لحقوق الإنسان بأن ثلاث غارات إسرائيلية على الأقل ضربت مواقع للجيش بالقرب من الحدود مع المرتفعات ذات الأهمية الاستراتيجية التي تحتلها إسرائيل.

وأكد الجيش الإسرائيلي قصفه لموقعين للجيش السوري، لكنه قال إنه استخدم المدفعية وليس الغارات الجوية في رد على صواريخ عبرت الحدود من داخل سورية إلى أراضيه.

وازداد القتال حدة بين القوات الحكومية والمعارضين في منطقة القنيطرة بمرتفعات الجولان السورية خلال الأيام الماضية.

(دمشق، موسكو، أنقرة، برلين، نيويورك- أ ف ب، رويترز،

د ب أ، كونا)

راية «حزب الله» على أهم مساجد دمشق

قامت عناصر تابعة لـ"حزب الله" اللبناني أخيرا بالاستيلاء على مسجد ومجمع يلبغا، ورفع راية كبيرة له على البوابة الداخلية للمسجد في ساحة المرجة مقابل مبنى المستشارية الإيرانية، الذي قام النظام بإعادة إعماره منذ قرابة العام بعد إهماله عشرات السنين ومنع إصلاحه بحجج واهية.

ويعتبر مسجد ومجمع يلبغا من أهم مساجد العاصمة دمشق وصروحها الدينية، ويعود لعصر المماليك، ويديره في الوقت الحالي من الناحية الدينية، مجمع كفتارو ومجموعات القبيسات النسائية، التي يعلن جميع رموزها الولاء المطلق للنظام.

وعمدت السلطات داخل العاصمة إلى تفعيل قرار قديم يوجب على من يريد استئجار منزل الحصول على موافقة أمنية بعد انتشار فوضى بيع العقارات المزورة، من قبل التجار، الذين يقومون بتزوير الأوراق وبيع المنازل دون علم مالكها.