لا شك في أن الاطلاع على يوميات شخص ما يُعتبر أمراً شخصياً جداً، صادماً قليلاً، ومشحوناً بعواطف رؤية أمر ما لأول مرة. ويولد فيلمDiary of a Teenage Girl رد فعل مماثلاً، عندما يفتح صفحات كتاب مراهقة ويتناول مرحلة بلوغها بصدق عاطفي فطري وصافٍ قلما نشهد له مثيلاً على الشاشة.

Ad

تدور أحداث فيلم Diary of a Teenage Girl في سان فرانسيسكو عام 1976. فيما تُعرض محاكمة باتي هيرست بتهمة السرقة على شاشة التلفزيون وتختلط مشاعر ما بعد حقبة الهيبي مع حدة {البانك} الجديدة، يقدم لنا الفيلم ميني غويتز البالغة من العمر 15 سنة وهي تشرح في يومياتها المسجلة على شريط أنها أقامت علاقة للمرة الأولى. وكما يتضح، كان شريكها مونرو، صديق والدتها شارلوت البالغ من العمر 35 سنة. وفيما تتطوَّر علاقتهما المحكوم عليها بالفشل بالتأكيد، تكتشف ميني ميولها الفنية كرسامة، فضلاً عن إحساس جديد بامتلاك الذات.

يُعتبر هذا الفيلم العمل الأول للمخرجة مارييل هيلر، التي كتبت أيضاً هذه القصة المستوحاة من رواية فيبي غلوكنر المصورة عام 2002، التي يستند إليها الفيلم. وفي Diary of a Teenage Girl، نرى أداء مميزاً لبيل بولي بدور ميني، فضلاً عن مشاهد قوية لألكسندر سكارسغارد بدور مونرو وكريستن ويغ بدور شارلوت.

وصفت الناقدة إيمي توبن في Film Comment الفيلم بـ}الثوري والملهم}، وميني بـ}بأكثر بطلات الأفلام الأميركية المراهقات صراحة وشجاعة بشأن العلاقات الجنسية}. صحيح أن Diary يتناول مسائل شبيه بما رأيناه في Little Darlings، Foxes، An Education، Blue Is Warmest Color، أو The To Do List، إلا أن القصص التي تركز على مرحلة بلوغ المرأة تشكل دوماً خروجاً عن المألوف.

قالت هيلر (35 سنة) في مقابلة أخيرة معها في لوس أنجليس: {أعتقد أن المراهقات لا يصورن بالمقدار الكافي. أظن أن مجتمعنا يخشى المراهقات}.

قرأت هيلر Diary للمرة الأولى قبل ثماني سنوات. وقد طلبت من غلوكنر الحصول على حقوق تحويل هذه القصة أولاً إلى مسرحية بدأ عرضها خارج برودوي عام 2010 مع أداء هيلر الدور الرئيس (درست المسرح في جامعة كاليفورنيا- لوس أنجلس والأكاديمية الملكية للتمثيل في لندن). ثم قررت نقلها إلى الشاشة. فعملت على كتابة السيناريو، ثم أدخلها الفيلم مختبرات الإخراج في معهد ساندانس.

تخبر هيلر: {بدأت أولاً بالكتابة، وما كنت أفكر مطلقاً بإخراج هذا العمل. ولكن مع تعمقي فيه، قلت لنفسي: لا أستطيع أن أدع شخصاً آخر يخرج فيلمي. هذا فيلمي أنا}.

كانت هيلر طوال هذه المسيرة متمسكة بالتزامها تجاه شخصية ميني، التي ما انفكت تفاجئها، كما لو أنها شخصية حقيقية. توضح: {أشعر أنها بطلة. صحيح أنها تعاني عيوباً كثيرة وأنها إنسان كغيرها من البشر، غير أنها بطلة: هذه المراهقة التي كانت تحاول التصرف بشرف. لا أظن أنني سأنمي مشاعر مماثلة تجاه أي شخصية أخرى على الأرجح. فهي تعني لي الكثير بكل بساطة. إنها ملهمتي}.

تقدم الممثلة بولي (23 سنة)، التي ولدت في لندن، والتي سنراها قريباً أيضاً في فيلم درايك دورموس Equals، دورها بصدق معبر مع ارتدائها سراويل عالية الخصر تعود إلى مراهقات كاليفورنيا في سبعينيات القرن الماضي. قدمت تجربة الأداء لهذا الدور بإرسال شريط فيديو تقرأ فيه دور ميني. وضمنت الشريط أيضاً رسالة قصيرة تتحدث فيها مباشرة إلى الكاميرا، علماً أن هذه خطوة غريبة في تجارب الأداء. فتفاجأت هيلر حين لاحظت مدى تبدل سلوك بولي وشكلها بين لحظة وأخرى.

توضح هيلر: {احتجت إلى ممثلة تستطيع أداء أوجه الشخصية المختلفة. كانت من الأهمية بمكان أن تنجح في إبراز الهشاشة العاطفية الكاملة في معظم المشاهد الأساسية، فضلاً عن ضرورة تحليها بالمرح والفكاهة. كان عليها تقديم دور الفتاة الصغيرة التي تبدو بعد ذلك كامرأة مثيرة. كان لا بد من أن تنتقل من التصرف بغرابة طفولية إلى الرصانة وامتلاك الذات. تجمع هذه الشخصية الكثير من التناقضات. وكان من الضروري أن أظهرها كلها من خلال شخص واحد}.

تشير هيلر وبولي، كل منهما على حدة، إلى تنبيه مهم خلال محاولتهما توضيح سبب تعلقهما بشخصية ميني وما لمستاه من صدق في تجربتها، مع أنهما لم تمرا بما اختبرته: لم تقم أي منهما علاقة مع صديق والدتها.

تقول بولي: {تأثرت بما شعرت به: التأرجح المتواصل بين مشاعر مختلفة في مرحلة ما وقوة المشاعر التي تنتاب المراهق. ففي هذه المرحلة من الحياة، تبدو المسائل كافة كبيرة ومهمة. أضف إلى ذلك الحاجة الحقيقية إلى لمسة الآخر والرعبة فيها}.

حقبة واحداث

تساهم الحقبة والمكان اللذان تدور فيهما أحداث هذه القصة (ترعرعت هيلر في منطقة Bay Area) في التخفيف من وطأة بعض العوامل المزعجة بوضوح، مثل الاختلاف في سن وعدم صواب العلاقة بين ميني ومونرو. كان من الضروري في رأي سكارسغارد ألا تقتصر صورة مونرو على ذلك الرجل الوغد الذي يستغل فتاة صغيرة.

يوضح: {تكاد تكون أكثر نضجاً وحكمة منه. صحيح أنه بالغ ومسؤول عما يحدث، إلا أنه ليس رجلاً شريراً. لم أشعر بضرورة إبراز رجوليته أو أشدد على هذا الوجه من شخصيته لأمثل كل رجال العالم. أكتفيت بأداء شخصية رجل واحد: رجل في الخامسة والثلاثين من عمره يظن أنه ما زال في الخامسة عشرة}.

صحيح أن هيلر ما كانت تخطط في البداية لإخراج Diary، إلا أنها وجدت نفسها فجأة مخرجة غزيرة الإنتاج. بالإضافة إلى عدد من مشاريع الكتابة، تعمل راهناً على إخراج فيلم عن حياة القاضية في المحكمة العليا روث بادر غينسبرغ من بطولة ناتالي بورتمان.

لكن مشاريع هيلر لا تقتصر على عالم السينما. فقد رزقت بطفلها الأول من زوجها مخرج MacGruber جورنا تاكون قبل أسابيع من عرض Diary الأول في مهرجان ساندانس السينمائي. ومنذ ذلك الحين، تسعى هيلر للتوفيق بين مسؤولياتها كأم جديدة وكمخرجة مبتدئة.

وعن إنجابها طفلها الأول خلال المهرجان قالت: {كان الوضع جنونياً. ممرت بمرحلة صعبة. لكني أظن أن هذا ما تختبره كل مخرجة: محاولة التوصل إلى توازن دقيق. كنت أرضع طفلي خلال العرض الأول للفيلم في مهرجان ساندانس. وأدركت أن هذا ما تمر به كل مخرجة. وسرعان ما يعتاد الجميع الوضع الجديد. قد أترك هذه المقابلة لأشفط الحليب من صدري. هذا جنوني، إلا أنني لن أرضى بغير ذلك}.