شغف الصحراويين عموماً والموريتانيين خصوصاً بالشاي الأخضر(أتاي) لا حدود له، علاوة على أنه ارتبط بوجدانهم، وسكن تفاصيل حياتهم، وحظي بجلّ اهتمامهم، وهو سيد المجالس، فبه يحلو المجلس ويطيب السمر وفي غيابه لا نكهة للسمر ولا طعم للمجلس.

وقد تفنن شعراؤهم في تمجيده، وسارت الركبان بأشعار "تبجيله"، ووصفه بعض شيوخهم بأنه يُذهب ما في القلب من حزن، ومدحه أعلى الموريتانيين مقاماً وأكثرهم علماً، فقال عنه الشيخ محمد الأمين الشنفيطي صاحب كتاب ( أضواء البيان في تفسير القرآن بالقرآن ): "خليلي ما بالقلب من ألم الجوى يُداوى برشف من "أتاي" منعنعُ".

Ad

ويُصر الموريتانيون على احترام طقوس "الأتاي" حيث يشترطون فيه "الجيمات الثلاثة" وهي جيم الجمر وتعني أن الجمر هو شرط في إقامة "الأتاي"، وجيم الجر وتعني أن إعداد "الأتاي" ينبغي أن يطبعه التريث والتأني ليسمح بـ"إطالة أمد اللذة"، فالشاي في هذه الحالة هو وسيلة لقتل الوقت، والجيم الثالثة هي جيم الجماعة فالأتاي عند الموريتانيين لا يستطيب إلا بجماعة متقاربة في الأعمار متجانسة الطباع.

ورغم المتعة واللذة التي يتحصل عليها الموريتاني من إقامة وشرب الشاي إلا أن بعض المنغصات كانت تفسد تلك المتعة، من ذلك ما يعرف بـ(السكاكة) وهم المتطفلون الذين يقتحمون سكينة البعض وخلوته، بحثاً عن موائد الشاي وهم في سبيل ذلك لا يحترمون خصوصية أحد.