أليس مضحكاً حتى الاستلقاء على الظهر أن يبقى بشار الأسد يلوذ بـ"الشعب السوري" للتهرب من استحقاق تنحيه العاجل والآجل، الذي غدا مخرجاً من الأزمة السورية وشرطاً أساسياً من شروط الاحتكام إلى "جنيف"، الذي يُفترَض أن يبدأ- كما هو معروف- بمرحلة انتقالية تتولى الأمور خلالها هيئة تتمتع بصلاحيات كاملة يتم الاتفاق على أسماء أعضائها من الجهات المعنية إقليمياً ودولياً من بينها بالطبع بعض الدول العربية؟!

Ad

 آخر ما قاله الأسد، انه على استعداد لإجراء انتخابات نيابية ورئاسية يشارك فيها بشرط أن يوافق الشعب السوري على هذا. ولكثرة ما ردد الرئيس السوري هذا الشرط، على الطالع والنازل، فإنه بات ضرورياً أن يُسأل عن أي شعب يتحدث هذا "الإنسان"؟ وهل يعرف أن هناك أكثر من أربعة ملايين لاجئ سوري في الخارج وأكثر من ضعف هذا العدد في الداخل؟ وأنه لا سيطرة له، ومعه الإيرانيون والروس و"حزب الله" وأكثر من أربعين تشكيلاً طائفياً، إلا على أقل من خمسة وعشرين في المئة من الأراضي السورية؟

  ولعل السؤال الأكثر أهمية هو، متى كان للشعب السوري أي رأي بالنسبة إلى قضايا بلده، سورية، الداخلية والخارجية وعلى كل الصعد؟... هل عندما اختاره والده حافظ الأسد خليفة له عندما شعر بدنو أجله استشار هذا الشعب في هذا الاختيار؟ وهل عندما سحب قواته في 2005 من لبنان عاد إلى هذا الشعب؟ وهل عندما سلم الإيرانيين كل مقاليد الأمور، العسكرية والسياسية والاقتصادية والأمنية وكل شيء، سأل السوريين عن رأيهم؟... وهل عندما استحضر الروس واستعان بهم لذبح الشعب السوري أخذ رأيهم؟!

ربما يقصد بشار الأسد بالشعب السوري، الذي يريد موافقته المسبقة قبل إجراء انتخابات نيابية ورئاسية "سيشارك" فيها، الولي الفقيه علي خامئني وجنراله "الطرزاني" قاسم سليماني، ويقصد حراس الثورة الإيرانية والشراذم الطائفية التي تم استيرادها حتى من باكستان وأفغانستان... وبالطبع "حزب الله" اللبناني، الذي قال رئيسه حسن نصرالله ذات يوم، إنه لولا قوات هذا الحزب لسقط نظام الرئيس خلال ثلاث ساعات فقط.

كيف... ومتى يمكن أن يسأل الأسد الشعب السوري عن رأيه في إجراء انتخابات نيابية ورئاسية، وعن رأيه في الاستقالة ومغادرة مواقع المسؤولية، إن قبل وإن بعد المرحلة الانتقالية وفقاً لـ"جنيف 1"، ووداع هذا الشعب الوداع الأخير الذي لا لقاء بعده؟ كيف يستطيع الوصول هو ومخابراته واستخباراته إلى أكثر من ثمانية ملايين في الداخل وإلى الموجودين في 75 في المئة من الأراضي السورية التي هي خارج سيطرته وسيطرة "حزب الله" والحرس الثوري والقوات الروسية... والشراذم الطائفية التي يصل عددها إلى أربعين تنظيماً ومنظمة؟!

 وهذا هو واقع الحال... ولذلك أليس مضحكاً يا ترى أن يتحدث الأسد عن المشاركة في أي "انتخابات" رئاسية مقبلة؟... هل هو جاد بالفعل عندما يقول مثل هذا الكلام؟... وهل يعتقد أن الشعب السوري بعد تجربة الـ45 عاماً الماضية سيقبل به وبابنه حافظ بعده، خصوصاً أن مذابح ومجازر وويلات الأعوام الخمسة الأخيرة لا تزال مستمرة ومتواصلة... وباتت تشارك فيها الجيوش الروسية الغازية؟!