من المؤسف جداً أن تتحول مؤسسة أكاديمية عريقة كجامعة الكويت إلى ساحة لتصفية الحسابات وفق أجندات سياسية وطائفية! والأكثر أسفا من ذلك أن يتحول نائب في مجلس الأمة إلى أداة بيد بعض أعضاء هيئة التدريس بجامعة الكويت لينفثوا حقدهم الطائفي عبر أسئلة صاغوها ليوجهها النائب بدلا عنهم! فتقدم أحدهم بسؤال يختص  بكلية العلوم الطبية المساعدة ونشرته وسائل الإعلام، واحتوى على حزمة من البنود تدور في مجملها في أدق التفاصيل الفنية التي لا يعرفها إلا أعضاء القسم نفسه! وتركزت بشكل شخصي على الأستاذ الدكتور العميد المساعد للشؤون الأكاديمية باسمه، وتطرقت إلى تاريخ توليه المنصب، وتفاصيل ترقيته من مدرس إلى أستاذ مساعد وإلى أستاذ، ومجالات الأبحاث التي ترقى بها وأسماء أعضاء اللجان التي فحصت الترقية.

Ad

إن فحوى الأسئلة تثير الريبة حول القصد من ورائها، خصوصاً أن العضو الفاضل قد دأب على توجيه أسئلة تحمل نفسا طائفيا وفئويا بغيضا، ومن الواضح أن أعضاءً في القسم الذي يعمل به العميد المساعد ولديهم خصومة معه قد وصل بهم الفجور لتركيب أسئلة ملغومة، وإيصالها إلى العضو الفاضل الذي لم يتوانَ عن الإمضاء عليها ليكون شريكا في هذا الفعل الذي يمزق المجتمع وينخر في أساسه.

إن ما يثير السخرية هو أن هذا النائب الفاضل الذي يحمل لقب "دكتور" قد كشف بسؤاله عن جهل فاضح بأسس العمل الأكاديمي والآلية التي يتم فيها تقييم الأبحاث العلمية، والتي تخضع لإجراءات صارمة ومحكمة، ومنها إرسالها لمحكمين وأساتذة في الخارج لتقييمها واعتمادها، كما أن الترقيات تخضع لقرارات وعمل لجان متخصصة، وأما ما يتعلق بسؤاله بخصوص أسماء المبتعثين فهل يعتقد أن الكلية ترسل الطلبة وفق أسماء عوائلهم الكريمة أم بناءً على قدراتهم العلمية والأكاديمية؟ وهنا لا يضير أي طالب أن يحصل على البعثة ولو كان من أقربائه أحد أعضاء لجنة البعثات بشرط أن يكون مستوفيا للشروط المطلوبة.

ولكن كما يبدو فقد ساء بعض أصحاب القلوب المريضة أن يبزغ نجم أستاذ كويتي صغير في السن نسبيا، واستطاع بمجهوده الذاتي أن يحقق إنجازات علمية متميزة بأبحاثه وعلمه؛ ليصل إلى درجة "أستاذ" في حين خصومه والذين زودوا النائب الفاضل بالأسئلة قد شارفوا على الستين من العمر، ولم ينشر لهم أي بحث علمي! كما أن دماثة خلق الأستاذ العميد المساعد وقربه من طلبة الكلية وتفهمه لمشاكلهم وتعلقهم به واعتمادهم عليه قد أشعل نار الغيرة العمياء في قلوب هؤلاء الذين تفضلت عليهم إدارة الكلية ومنحتهم لقب "مدرس"، رغم أن تعيينهم في الجامعة كان بصفة "هيئة أكاديمية مساندة"، والمفارقة أن العميد والعميد المساعد كانا من ضمن الذين سعوا إلى ترقيتهم!

ختاما ننصح النائب الفاضل أن يشغل نفسه بهموم الوطن الحقيقية، ويمارس دوره التشريعي والرقابي بعيدا عن الصراعات والتحزبات الفئوية التي تدمر المجتمع، وألا يكون معولا للهدم بيد غيره، كما نتمنى أن يتفضل علينا ببيان أطروحته للدكتوراه، وأسماء أعضاء اللجنة التي ناقشتها، وأن يقوم بنشرها حتى يستفيد الوطن من خبراته الأكاديمية الفذة!