قالت "رويترز" إن شركات النفط مازالت تعاني نزيف السيولة وتنزلق أكثر في هوة الديون كي لا تمس توزيعات الأرباح النقدية التي تصرفها للمساهمين، بعد أن قلصت الإنفاق بمقدار 180 مليار دولار لمواجهة ركود شديد. تذبذبت أسعار النفط في نطاق ضيق قرب أدنى مستوياتها في عدة اشهر اثناء التعاملات الآسيوية أمس مع بقاء برنت دون مستوى 50 دولارا للبرميل بعد ان أقبل المستثمرون على بيع عقود الخام بفعل مخاوف من تزايد مخزونات البنزين الاميركية مع اقتراب نهاية الذروة الصيفية للطلب على وقود السيارات في الولايات المتحدة.وأظهرت بيانات من ادارة معلومات الطاقة الاميركية امس الاول ان مخزونات النفط الخام التجارية في اكبر مستهلك للنفط في العام هبطت الاسبوع الماضي 4.41 ملايين برميل او حوالي ثلاثة اضعاف الانخفاض الذي توقعه محللون والبالغ 1.5 مليون برميل، لكن مخزونات البنزين سجلت زيادة بلغت 811 ألف برميل في حين كانت توقعات المحللين في استطلاع لـ»رويترز» تشير الى انخفاض قدره 500 ألف برميل.وينتظر المستثمرون بيانات مهمة للوظائف الجديدة في الولايات المتحدة والتي ستصدر اليوم الجمعة وقد تعيد تأكيد التوقعات بأن يرفع مجلس الاحتياطي الاتحادي اسعار الفائدة في سبتمبر، ومن شأن زيادة للفائدة ان تعزز الدولار وهو عامل سلبي للنفط وغيره من السلع الاولية المقومة بالعملة الاميركية لانها تصبح اكثر تكلفة على حائزي العملات الاخرى.وسجلت عقود برنت تسليم سبتمبر 49.71 دولارا للبرميل مرتفعة 12 سنتا عن مستوى الاغلاق السابق، وكانت عقود خام القياس الدولي قد هوت اثناء التعاملات امس الاول الى 49.02 دولارا وهو أدنى مستوى لها منذ الثلاثين من يناير، واستقرت عقود الخام الاميركي عند 45.15 دولارا للبرميل بعد ان هبطت اثناء الجلسة السابقة الى 44.83 دولارا وهو أدنى مستوى منذ العشرين من مارس.استمرار المعاناةوفي تحليل أجرته «رويترز»، قالت ان شركات النفط مازالت تعاني نزيف السيولة وتنزلق أكثر في هوة الديون كي لا تمس توزيعات الأرباح النقدية التي تصرفها للمساهمين، بعد أن قلصت الإنفاق بمقدار 180 مليار دولار لمواجهة ركود من أسوأ ما عرفه القطاع في عشرات السنين.وينبئ انخفاض أسعار الخام - التي أصبحت بنزولها عن 50 دولارا للبرميل من خام برنت عند نصف ما كانت عليه قبل عام - بضرورة إجراء مزيد من التخفيضات في المشاريع الجديدة والعمليات القائمة.وقد تجد الشركات التي تحاول بيع الحقول النفطية لتدبير السيولة نفسها مضطرة إلى البيع سريعا وبسعر أقل مما كانت تأمله.وما من مؤشر يذكر على أن سعر النفط سينقذ الشركات حيث تواصل منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) الضخ بقوة في سوق متخم بالمعروض وذلك ردا على النمو الفلكي للنفط الصخري الأميركي، ومن المتوقع بحسب ما أظهره استطلاع أجرته «رويترز» لآراء المحللين أن يبلغ متوسط سعر برنت 60.60 دولارا للبرميل في عام 2015 و69 دولارا في عام 2017.وكانت وكالة الطاقة الدولية قالت في فبراير إنها تتوقع أن يتعافى السعر إلى 73 دولارا في عام 2020 مع انحسار تخمة المعروض ولكن ببطء.ويقول المحللون في بنك الاستثمار «جيفريز» إن شركات النفط العالمية خفضت نقاط تعادل الإيرادات والتكاليف لديها عشرة دولارات للبرميل بعد الجولة الأخيرة من تخفيضات الإنفاق، لكنها مع ذلك بحاجة إلى سعر يبلغ 82 دولارا للبرميل في 2016 لتغطية الإنفاق والتوزيعات التي كانت نقطة الجذب الرئيسية للاستثمار في القطاع لعقود.وقال جيفريز في مذكرة: «لتغطية النقص سيعمد القطاع إلى زيادة الاقتراض. ومع أن الاستدانة بالقطاع مازالت تحت السيطرة فإنها ممارسة لا ينبغي المضي فيها إلى ما لا نهاية».الاستفادة من التكريروتستفيد شركات النفط الكبرى مثل رويال داتش شل وشيفرون وتوتال من أرباح عمليات التكرير، ويقوم معظمها بزيادة إنتاج النفط والغاز لاعتصار أكبر قدر ممكن من الإيرادات من استثماراتها السابقة لكن ذلك يؤدي إلى تفاقم تخمة المعروض، ومن المتوقع بحسب ريستاد إنرجي الاستشارية التي مقرها أوسلو تراجع الإنفاق في العام القادم بين خمسة و15 في المئة بناء على سعر النفط.واستغلت شركات النفط الكبرى في العالم نتائج الربع الثاني من العام لإظهار استعدادها لإجراءات أعمق وأشد إيلاما.وقال بن فان بوردن، الرئيس التنفيذي لشل: «النبرة تغيرت. ربما لم نترك الانطباع الصحيح المعبر عن مدى إلحاح الوضع في يناير»، وقال بوب دادلي، الرئيس التنفيذي لشركة بي.بي: «أسعار النفط ستكون منخفضة فترة طويلة».ويتمثل جزء من المشكلة بالنسبة لشركات النفط الكبرى في أن شركات النفط الوطنية الكبيرة ومنتجي النفط الصخري زادوا حصتهم من الإنتاج العالمي تدريجيا لسنوات مما جعل الشركات تحت رحمة عوامل خارج نطاق سيطرتها، ومن المتوقع أن تؤدي تخفيضاتها الاستثمارية الكثيفة إلى تقليص الطاقة الإنتاجية العالمية مليوني برميل يوميا بحلول 2020 وفقا لريستاد إنرجي. لكن منتجي أوبك سيتدخلون لتعويض النقص.وقال دادلي، الأسبوع الماضي بعد إعلان بي.بي تراجع الأرباح الفصلية بمقدار الثلثين تقريبا: «إنه وقت عصيب حقا للقطاع وفي كل الأنحاء من أبردين إلى أنغولا وهيوستن، يشبه ذلك عام 1986، وكان يشير إلى ما حدث أواخر 1985 عندما هوت أسعار النفط إلى عشرة دولارات من حوالي 30 دولارا على مدى ثمانية أشهر مع قيام أوبك بزيادة الإنتاج لاستعادة حصتها من السوق إثر زيادة إنتاج الدول غير الأعضاء في المنظمة».واشار دادلي الى ان القطاع تجاوب عن طريق خفض الإنفاق بمقدار الربع تقريبا وتقليص العاملين بمقدار الثلث وفقا لمورجان ستانلي، وتعافت الأسعار تدريجيا على مدى العشر سنوات التالية مع نمو الطلب العالمي، لكن تخمة المعروض قد تستمر لفترة أطول هذه المرة.وقال «مورجان ستانلي» في مذكرة: «إذا اقتفت أسعار النفط أثر المسار الذي ينبئ به منحنى الأسعار الآجلة، فسيكون هذا التباطؤ أشد من تباطؤ 1986».إرجاء مشاريعوبحسب ريستاد، تعادل التخفيضات البالغة 180 مليار دولار نحو 20 في المئة مقارنة مع 2014. وأرجأت شركات النفط مشاريع تصل قيمتها إلى 200 مليار دولار منها مشاريع صعبة وعالية التكلفة تحوي احتياطيات ضخمة مثل رمال النفط الكندية ومشاريع في المياه العميقة بافريقيا وجنوب شرق آسيا والمتجمد الشمالي، ويتأخر الإنتاج عن الاستثمار ما لا يقل عن ستة أشهر لعمليات الحفر البري لكن ما يصل إلى عشر سنوات للمشاريع الصعبة في حقول المياه العميقة ومشاريع الغاز الطبيعي المسال أو المشاريع الضخمة لرمال النفط الكندية.ويقول بعض المراقبين إن القطاع بحاجة إلى تحسين الكفاءة بصرف النظر عن انخفاض سعر النفط بعد أن ارتفعت تكاليف التشغيل إلى ثلاثة أمثالها على مدى الأعوام الخمسة الأخيرة، ووجدت «بي.بي» سهولة أكبر في التأقلم مع تقلص أسعار النفط بمقدار النصف لأنها باعت بالفعل أصولا قيمتها 45 مليار دولار وخفضت التكاليف لتغطية التعويضات والغرامات الضخمة الناجمة عن حادث التسرب بخليج المكسيك عام 2010.وقال جيسون جاميل، المحلل لدى «جيفريز» الذي يعطي بي.بي وشيفرون توصية بالشراء: «من المرجح أن بي.بي هي الأكثر تقدما بين تلك الشركات على صعيد وفورات التكلفة».وفي الوقت الحالي تستطيع شركات النفط الكبرى تغطية النقص عن طريق زيادة الاقتراض الذي يعادل حاليا نحو 15 في المئة من قيمتها السوقية في المتوسط وهي نسبة منخفضة نسبيا مقارنة مع القطاعات الأخرى.عدم توزيع أرباحواضطرت شركات التنقيب والإنتاج الصغيرة التي تفتقر إلى أنشطة تكرير كبيرة مثل بريميير أويل وتالو أويل إلى عدم دفع توزيعات أرباح نقدية هذا العام، وقال مسؤولون تنفيذيون في تالو إن الشركة «أعادت ضبط النشاط» كي تكون قادرة على المنافسة عند سعر للنفط يبلغ حوالي 50 دولارا، وشأنها شأن نظيراتها قلصت الشركة التي تتركز أعمالها في افريقيا الإنفاق على المشاريع الجديدة وتحولت عن الآبار الصعبة لتركز على العمليات البرية والبحرية السهلة.ويقول المحللون في «مورننج-ستار» إن تالو دبرت تمويلا قبل انخفاض سعر النفط وهو ما يعني أنه سيكون بوسعها تحمل تبعات التباطؤ لبعض الوقت، لكنهم قالوا إن معدل استهلاك تدفقاتها النقدية سيدفعها في نهاية المطاف إلى بيع أصول لن تدر مقابلا جيدا في ظل المستوى الحالي لسعر النفط، وقالت مورننج-ستار إن استثمارات تالو في اكتشافات نفطية كبيرة قيد التطوير «ستتطلب تمويلا رأسماليا أعلى من أن تستطيع شركة بحجمها توليده من عملياتها».
آخر الأخبار
النفط قرب أدنى مستوياته في عدة أشهر... وبرنت دون 50 دولاراً في التعاملات الآسيوية
07-08-2015