خلال السنة التي اختارت منظمة "أوبك" أن تدافع خلالها عن حصتها السوقية تاركة أسعار النفط تهبط بشدة، فقدت دولها من عوائدها نحو نصف تريليون دولار. ومن المتوقع أن تواصل "أوبك" استراتيجيتها هذه للقضاء على المنتجين المنافسين حين يجتمع وزراء المنظمة في الأسبوع المقبل، بحسب استطلاع لوكالة بلومبرغ شمل 30 محللاً ومتداولا بالنفط.

Ad

وتبدو السعودية، وهي أكبر أعضاء المنظمة، مصممة على المضي في خطتها الرامية إلى التخلص من فائض الإمدادات النفطية من خلال إخراج منافسين من أمثال منتجي الزيت الصخري في الولايات المتحدة، رغم أن انهيار أسعار النفط قد يواجه معارضة حادة من جانب فنزويلا والجزائر وإيران.

ويحقق التكتيك السعودي "تأثيره المقصود" مع اتجاه الإمدادات من خارج "أوبك" نحو تراجع هو الأكبر منذ انهيار الاتحاد السوفياتي، بحسب وكالة الطاقة الدولية.

ويقول أنطوان هاف، وهو زميل رفيع في مركز سياسة الطاقة الدولية في جامعة كولومبيا "لا يوجد سبب لتوقع أي تغيير في المواقف، لأن الاستراتيجية فاعلة رغم أنها لا توفر حلاً بين عشية وضحاها، بل تتطلب وقتاً أطول".

سعر التوازن

الثمن بالنسبة الى بعض أعضاء "أوبك" المعارضين لخطة السعودية منذ اعلانها في شهر نوفمبر الماضي كان باهظاً جداً. ولقد دعت مراراً فنزويلا، التي تواجه انكماشاً اقتصادياً بنسبة 10 في المئة هذه السنة، وهو الأشد حدة من نوعه  في العالم، إلى عقد قمة بين منظمة "اوبك" والمنتجين الآخرين بغية إنهاء الأزمة.

وتنخفض أسعار النفط الى منتصف العشرين دولاراً للبرميل ما لم تتخذ "أوبك" إجراء من اجل استقرار السوق، وفقاً لما صرح به أخيراً وزير النفط الفنزويلي يولوغيو دل بينو الذي دعا الى اعتماد "سعر توازن" من 88 دولاراً يغطي تكلفة الاستثمارات الجديدة في طاقة الإنتاج.

وكان سعر خام برنت أغلق عند 42.69 دولارا للبرميل في شهر أغسطس الماضي وهو الأضعف خلال أكثر من 6 سنوات. كما فقدت الأسعار نحو 44 في المئة خلال الـ 12 شهراً الماضية ووصلت الى 45.28 دولارا.  ورغم أن السعودية ليست محصنة ضد الأزمة التي أرغمتها على السحب من احتياطياتها واللجوء الى أسواق السندات لسد العجز في الميزانية البالغ 20 في المئة، فإن لديها ما يكفي من الاحتياطيات المالية، مما يمكنها من المضي قدما في استراتيجيتها.

ويقول هاري تشيلينغويريان، وهو رئيس قسم استراتيجية أسواق السلع لدى بنك بي ان بي باريباس في لندن "ان السعودية هي المهندس الرئيس لسياسة أوبك الجديدة، وعلى الرغم من الدعوات من قبل أعضاء آخرين لإعادة النظر، نحن نتوقع أن تواصل صمودها، ومازالت محاولتها لإعادة توازن سوق النفط العالمي بحاجة الى أن تواصل مسارها".

تغيير وحيد قد يوافق عليه وزراء "أوبك"، وهو زيادة سقف الإنتاج بسبب عودة اندونيسيا الى عضوية المنظمة بعد فترة دامت سبع سنوات نجمت عن تدهور قدرتها على الإنتاج. فقد يرتفع سقف الإنتاج من السقف الحالي البالغ 30 مليون برميل في اليوم إلى 31 مليوناً، بحسب مسؤولين في "أوبك" طلبوا عدم الكشف عن أسمائهم.

الخطط الإيرانية

وسيكون قرار رفع سقف الإنتاج مجرد اجراء شكلي يهدف الى دمج العضو العائد من دون اي تأثير على الإنتاج الفعلي، وذلك بحسب ميسوين ماهيش وهو محلل لدى بنك باركليز في لندن. ومن النادر أن تتقيد دول منظمة أوبك بسقف الإنتاج الحالي منذ أن بدأ العمل به في سنة 2011، وقد ابتعدت هذه الدول بصورة أكبر عن هذا السقف مع زيادة السعودية والعراق لإنتاجهما، بهدف تعزيز حصتهما السوقية.

قد يكون هناك المزيد من النقاش حول طموحات ايران التي تستهدف زيادة صادراتها النفطية بمجرد رفع العقوبات عنها بعد الاتفاق المتعلق ببرنامجها النووي في وقت سابق من الصيف الماضي.

وقال وزير النفط الإيراني بيجان نامدار زنغنه، إن بلاده ستستعيد الإنتاج بغض النظر عن تاثيره على الأسعار. وفي الاجتماع الأخير الذي عقدته "أوبك" في شهر يونيو الماضي اقترح قيام الأعضاء الآخرين في المنظمة بخفض انتاجهم، بغية تسهيل عودة النفط الايراني.

ونظراً لأن الاتفاق النووي لم يكتمل وتعمد "أوبك" بشكل نموذجي الى مواجهة المشاكل عند الضرورة فقط، فإن قضية عودة إيران قد لا تطرح للنقاش في الرابع من شهر ديسمبر المقبل، وفقاً لقول مايك وتنر وهو رئيس قسم بحوث سوق النفط لدى بنك سوسيته جنرال في نيويورك الذي قال إنه حتى مع عودة النفط الإيراني فإن السعودية لن تكون في مزاج لإفساح المجال أمام خصمها السياسي.

وأضاف وتنر "مع انتهاء العقوبات الاقتصادية وشروع ايران في زيادة صادراتها بشكل جوهري، لا أتوقع رد فعل قويا من جانب السعودية، بخلاف مواصلة زيادة انتاجها ربما".