ذهبت محاولات رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري، هباء، وعجز يوم الأحد الماضي عن تحقيق حد أدنى من التوافق بشأن قانون الحرس الوطني الذي يعد تشكيلاً عسكرياً رديفاً للجيش، وطرح كمشروع بعد «نكسة يونيو 2014» التي أسفرت عن احتلال تنظيم «داعش» ثلث البلاد، وانهيار معظم قطعات الجيش.

Ad

وأصدر الجبوري بياناً مقتضباً دعا فيه رؤساء الكتل النيابية إلى اجتماع جديد، للتفاوض بشأن القانون المهمل والمتأخر منذ أشهر.

ووفقاً لاتفاق سياسي في أغسطس 2014، حصلت حكومة حيدر العبادي على دعم الأحزاب السنية، مقابل أن يضمن التحالف الشيعي للمحافظات السنية، صدور عفو عام عن معتقليها، وإجراءات تخفف من سياسة اجتثاث «البعث»، إضافة إلى اتفاق مهم رعاه الأميركان، على منح تلك المحافظات «قوة دفاع ذاتي» عسكرية بمسمى الحرس الوطني، تأتمر بأمر المحافظ، وتمولها بغداد وتسلحها.

ووصف بعض المراقبين هذا بأنه بمنزلة تشكيل «بيشمركة سنية»، على غرار قوات حماية إقليم كردستان، إذ إن الجيش الذي يقوده الشيعة في الغالب، لم يستطع بناء ثقة مع الأهالي في المدن السنية، ما أتاح لـ»داعش» أن يخترق الأمن من هذه الفجوة، ويفترض أن يكون في وسع قوة مشكلة من المجتمع المحلي أن تكسب ثقة الجمهور، وتطرد الجماعات المتشددة وترسي الأمن.

إلا أن الأحزاب الشيعية إلى جانب التصورات الإيرانية بشأن مستقبل الأمن في غرب العراق (السني)، سرعان ما صرحت بأن اتفاق الحرس الوطني الذي حصل، يجب أن يتحول إلى قانون ينسجم مع الدستور، وفسر ذلك بأنه سيعني ارتباط المقاتلين السنة بالقيادة المركزية في بغداد، لا بالمحافظين والحكومات المحلية.

وقد أثار الأمر غضب القوى السنية المدعومة بقناعة أميركية بشأن منح المناطق الساخنة قوة دفاع ذاتي، وتبلور هذا الخلاف بشكل أوضح في اجتماع رئيس البرلمان الأخير، الذي لم تتزحزح فيه المواقف.

ولم يكن الاعتراض السني الأميركي هو الوحيد، بل إن هناك تحفظاً من الفصائل الشيعية المقربة على حرس الثورة الإيراني، لأن مسودة قانون الحرس تنص على أن تذوب كل الفصائل وتشكيلات المتطوعين، من الشيعة وأبناء القبائل السنية، داخل جهاز الحرس الوطني. وهذه نقطة تتحمس لها الأطراف المقربة من الحكومة العراقية ومرجعية النجف. بينما يحاول حرس الثورة الاحتفاظ بوضع شبه مستقل للفصائل الموالية له، ولذلك، فإن إيران تتحفظ عن مسودة القانون، وفق المصادر التي ذكرت أن نواباً شيعة محددين، طالبوا بصياغات تشريعية تحفظ «استقلالاً من نوع ما» لتشكيلات المتطوعين والفصائل المسلحة!

وتبدي الفصائل المقربة من طهران قلقها من طريقة تطبيق هذا القانون، الذي قد يهدد وجودها ونفوذها، وخصوصاً أن طرحه للمناقشة يأتي بعد أيام من تمرير قانون الأحزاب، الذي منع الحركات السياسية من امتلاك أجنحة مسلحة، ومنع تحول الفصائل العسكرية إلى منظمات سياسية تشارك في الانتخابات، وهذا قيد إضافي على حركة الموالين لجنرال حرس الثورة قاسم سليماني.