يقول الدكتور إيبسيت فاهيا، مدير خدمات الشيخوخة في العيادات الخارجية في مستشفى «ماكلين» التابع لجامعة هارفارد: «حين تدرّب جسمك، تُشغّل عضلاتك لتحسين وضعك الصحي العام. ينطبق المبدأ نفسه على الدماغ. يجب أن تُدرّبه عبر تحديات جديدة للحفاظ على صحته».

لتحقيق ذلك، تقضي طريقة ممتعة بالعودة إلى المدرسة! يقول فاهيا: {قد تنمو خلايا دماغية جديدة ولو في مرحلة متأخرة من سن الرشد. يمكن تحفيز تلك العملية بفضل مسار التعلّم واكتساب معلومات وتجارب جديدة عبر حضور صفوف منتظمة}.

Ad

أهمية تعليم الراشدين

وفق {المركز الوطني لإحصاءات التعليم}، يتسجّل نحو 17% من الراشدين بعد عمر الخامسة والثلاثين في كلية أو جامعة طوال أربع سنوات. ولأن عدداً كبيراً من الجامعات يعمد إلى تخفيض الرسوم الدراسية للمسنين، تزداد اليوم الفرص المتاحة أمام الراشدين الأكبر سناً لاستكشاف مجموعة متنوعة من المواضيع والاهتمامات.

يقول فاهيا: {لا يتعلق الهدف الأساسي بنيل شهادة بل بمتابعة تطوير النشاط العقلي}.

لن تحتاج إلى مسار أكاديمي تقليدي لكسب المنافع: {قد ترغب في اكتساب مهارات جديدة مثل تعلّم لغة أجنبية أو الرسم أو العزف على آلة موسيقية. حتى أنك قد تتعلّم تحسين مهاراتك الراهنة مثل إصلاح السيارة أو زيادة معارفك عن الحواسيب}.

زِدْ قوة دماغك!

من خلال المشاركة في ألعاب دماغية، مثل الأحجيات والكلمات المتقاطعة، واستعمال فيديوهات تُدرّب الدماغ يمكنك تحسين ذاكرتك العاملة، أي القدرة على تذكّر المعلومات واسترجاعها، تحديداً عند التواجد وسط مصادر إلهاء. اكتشفت البحوث أن حلّ الأحجيات أو خوض التجارب يساعد دماغك في تحسين طريقة أداء النشاطات. لكن لا تُوسّع هذه الممارسات وظائف دماغية أخرى مثل التفكير المنطقي وحل المشاكل.

يقول فاهيا: {تضمن الصفوف زيادة تعقيد المعارف وتعطي منافع طويلة الأمد}. فهي تُشغّل المهارات المعرفية مثل الفهم البصري وتنشّط الذاكرة على المدى القصير والطويل وتعزز الانتباه إلى التفاصيل، حتى أنها تحسّن القدرات الحسابية.

لطالما أثبتت البحوث أن اكتساب المعارف الجديدة عمل إيجابي. لاحظت دراسة وردت في {حوليات علم الأعصاب} في يونيو 2014 تباطؤ التراجع المعرفي مع التقدم في السن لدى الأفراد الذين يجيدون لغتين على الأقل، حتى أولئك الذين تعلّموا لغة ثانية في سن الرشد.

لكن لا يكون حضور الصف كافياً. لتحقيق أفضل النتائج، يجب أن تتخلى عن عاداتك المألوفة وتتحدى عقلك.

نشرت مجلة {العلوم النفسية} في يناير 2014 دراسة شملت راشدين بين عمر الستين والتسعين وطُلِب منهم تعلّم مهارة معقدة مثل التصوير الرقمي أو الخياطة، علماً أن هاتين المهارتين تتطلبان تكثيف استعمال الذاكرة العاملة وطويلة الأمد. بعد فترة ثلاثة أشهر، سجّلت هذه المجموعة تحسناً بارزاً في أداء الذاكرة العام مقارنةً بمجموعة قامت بنشاطات عقلية أكثر بساطة مثل حلّ الكلمات المتقاطعة.

على مستوى شخصي، تساهم الصفوف أيضاً في الحفاظ على مستوى مرتفع من المهارات الاجتماعية وتعزيز الثقة بالنفس. يقول فاهيا: {يسهل أن تزيد عزلتنا الاجتماعية مع التقدم في السن. لكن يجعلنا حضور الصفوف نتفاعل ونتواصل مع الآخرين بشكل متكرر عبر خوض مشاركات ومناقشات جماعية}.

استعدّ للتسجّل

قبل أن تتسجّل في أول صف تختاره، إليك بعض التوجيهات التي يجب أن تأخذها بالاعتبار:

• اختَرْ موضوعاً تستمتع به أو تشعر بالفضول تجاهه. أدب إنكليزي؟ علم فلك؟ يقول فاهيا: {لم تعد العلامات تُلزِمك بخيارات ضيّقة، لذا لديك حرية اختيار المواضيع التي تثير اهتمامك. ما الذي تهتم به راهناً أو تتمنى لو أنك استكشفتَه سابقاً؟}.

• ألا تهتم بالمواضيع التقليدية؟ ركّز على صفوف تطوير الذات مثل التكلم في الأماكن العامة أو الكتابة الإبداعية.

• ابدأ بصف أسبوعي كي تندمج في البيئة الجديدة ولا تشعر بالارتباك.

• إذا لم تشعر بأنك مستعد لتقبّل جو الصف، خذ درساً عبر الإنترنت. لكن احرص على أن يقدم لك مستوى من التفاعل مع الزملاء.

• إذا لم يكن الصف كما توقّعت، لا تستسلم. جرّب نوعاً مختلفاً من الصفوف أو الحصص، أو غيّر الأستاذ عند الحاجة.