منذ إعلان "حدس" و"ثوابت الأمة" إنهاء مقاطعتهم والمشاركة في الانتخابات المقبلة لم يقتنع الشارع بمبرراتهم، فلا عذر لانقلابهم المفاجئ على مبادئهم التي كانوا ينادون بها، ولا الحديث عن جدوى مشاركتهم، وما الذي يمكنهم فعله في حال نجاحهم؟

حيث لا يمكن أن يقتنع الشارع بأن قرار مشاركتهم جاء نتيجة لمجلس ضعيف لا يملك قراره كما يبررون، فهذا العذر كذرّ الرماد في العيون، خصوصاً أنهم شاهدوا مخرجات "الصوت الواحد" في المجلس المبطل الذي سبق هذا المجلس، ومع ذلك وبعد حكم "الدستورية" بتحصين المرسوم أصروا على المقاطعة والاستمرار بها، الأمر الذي يستلزم معه الإقرار بخطئهم والاعتذار للأمة.

Ad

أما التبرير الآخر لمشاركتهم فجاء بدعوى وقف العبث السياسي الذي نراه، لا سيما أن المقاطعة لم تعد بنظرهم قضية مبدأ، بل وسيلة لرفض تفرد السلطة بالقرار السياسي، وهذا الأمر لا تملك "حدس" ولا "ثوابت الأمة" وقفه أو تغييره وهم يعرفون ذلك جيداً، حتى إن وصلت إلى سدة البرلمان أغلبية مريحة، فكلنا يعرف أن الحل سيكون بانتظارها، وبالتالي فـ"كأنك يا بوزيد ما غزيت ولا طبنا ولا غدا الشر".

وأعتقد أن مشاركة المعارضة في هذا الوقت بالذات ستكون أسوأ بكثير، حيث لن تجدي نفعاً خاصة أنها جاءت دون أي مكسب قد تحقق، بل هي رضوخ واضح للأمر الواقع، وبالتالي المشاركة ستكون قبولاً بسياسة التفرد بالقرار وإضفاء للشرعية الشعبية له، ومن ثم فإن التضحيات التي قدمها زملاؤهم والشعب ذهبت أدراج الرياح.

باعتقادي أيضاً أن مشاركة المعارضة وخاصة الأغلبية لا جدوى لها ولا قيمة تجلب منفعة للوطن والمواطنين، لا سيما أنهم لم يحصلوا على ضمانات باستعادة "جناسي" من سحبت "جناسيهم"، ولا وعود بإسقاط القضايا عن سجناء الرأي، وبذلك فإن قرار مشاركتهم مجرد قرار ارتجالي فاشل يضاف إلى أخطائهم السابقة، بل سيجعلنا نجزم بأنه جاء فقط لإثبات وجود حتى لا يستغل غيابهم ليملأه الآخرون، وهو رأي يصبّ في أُطر المصلحة الحزبية والشخصية بعيداً عن المصلحة الوطنية والقيم الأخلاقية والمبادئ النضالية.

يعني بالعربي المشرمح:

لا جدوى من مشاركة المعارضة في هذا الوقت بالذات، حيث لن تحقق لهم أي مكسب يمكن للشعب قبوله، بل ستحقق انتصاراً جديداً للسلطة التي ستستمر في النهج السابق ذاته، وبالتالي فإن قرار المشاركة خطيئة كبرى تضاف إلى سلسلة أخطاء ارتكبتها المعارضة منذ صدور مرسوم الصوت الواحد.