ذكر الابن البكر للأبناء الثمانية للمفكر الإسلامي الراحل د. محمد سيد أحمد المسير (1948: 2008)، د. حذيفة المسير مدرس العقيدة والفلسفة في جامعة الأزهر، أن الأب يمثل جوانب متعددة بالنسبة للأبناء، فهو القيم على الرعاية والتربية وتوجيه النصح والإرشاد والتقويم وتوفير النفقات، بالإضافة إلى كونه رمزا إسلاميا يحتذى به، لذلك حرص على التنشئة الصحيحة التي توفر على الأب توجيه الأبناء في مراحل المراهقة.وأشار حذيفة إلى أن أسلوب والده في التربية لم يكن فيه عنف أو استبداد أو كبت للحريات، فقد كان يسمح لأبنائه بالمناقشة، وإذا أخطأ أحدهم كان يلوح بالعقوبة ولا يفعلها، مضيفاً: حرص والدي على تحفيظنا القرآن بنفسه، وفي بعض الأحيان تقوم والدتنا أو جدتنا لوالدي بذلك تحت إشرافه، وكان يختبرنا ليتأكد من حفظنا، وقد التحق جميعنا بالتعليم الأزهري، تنفيذا لوصية الجد، فهو كان عالما أزهريا وأستاذا للحديث والتفسير.
الاعتماد على النفس
وتابع: والدي كان يحرص على متابعة أمورنا ودراستنا، وكان يسند لكل واحد منا مسؤولية في موقف معين، فكان يعودنا الاعتماد على النفس تحت إشرافه وتوجيهه، وكنا نجتمع معه فترة وجوده في البيت، حيث يشرح لنا التعاليم الدينية، ويقوم بالمذاكرة لنا، ويسأل عن الدروس التي تشكل صعوبة لأحدنا في فهمها، فيشرحها له، حتى مادة اللغة الإنكليزية كان يساعدنا في مذاكرتها، وكان يحرص على حضور حفلات تكريم أحدنا في الدراسة، تشجيعاً له، وخصص جائزة في حفظ القرآن الكريم في المعهد الأزهري الذي كنا ندرس فيه تشجيعا لطلاب المعهد. وأضاف: لم يتدخل الوالد في اختياري للكلية إذا شعر بقوة الرغبة، وقد يوجه وينصح، فأغلب الأحيان يدور نقاش حول اختيار الكلية، ويتم تحديد الخيارات المتاحة ويناقشنا، وكلما تقدمت السن بالأبناء كانت مساحة الحرية في النقاش أوسع.ولفت إلى أن نصائح الوالد تكون وفق الموقف، وبالتالي قد يكون الكبير في موقف ما يوجه إليه النصيحة أو العتاب، ليتعلم منه الصغير وباقي الأبناء، وقد يغضب من موقف من الأبناء، فلا يتعدى وقته، فلم يكن عنده مبدأ مقاطعة الأبناء، ولا يصدر تعليمات عنيفة، فالأمر قد يكون قدوة وتصرفاً أكثر مما هو كلمة أو أمراً.حجم المسؤولية
وأردف قائلا: شهرة الأب ومكانته كانت تجعلنا ندرك حجم المسؤولية، فنلتزم بعدم التأخر خارج المنزل، واختيار الأصحاب بدقة، وكان ينصحنا بقوله «عامل وجها واحدا يكفك الأوجه كلها، عامل وجه الله يكفيك وجه الناس جميعا». وختم حديثه: كل ما أنا فيه هو نتاج تعلمي من والدي، وتعلمت منه التواصل بالأبناء في كل حال، ومعرفة ميولهم وتوجيههم، ولا يطغى شيء على شيء، والحرص على حفظهم للقرآن والتعليم في الأزهر، فالحفاظ على الدين هو الهدف الذي نريده.