يقول الدكتور بول هستربرغ، أستاذ طب في قسم الحساسية والمناعة السريرية في مستشفى ماساتشوستس: «يقاوم الأشخاص حقن الحساسية غالباً لأنهم يخشونها فيلجأون إليها في المرتبة الأخيرة. ولكنها قد تكون بمثابة وسائل فاعلة للسيطرة على أعراض نواجهها في حياتنا اليومية، ولتخفيف الاعتماد على أدوية الحساسية».

في الواقع، بحسب دراسة حديثة شملت بالغين بعمر 65 إلى 75 سنة، حدّت حقن الحساسية من الأعراض بنسبة 55 بالمئة بعد ثلاث سنوات من العلاج. وأظهر البحث في سجلات الحساسية والربو وعلم المناعة كمية الأدوية التي تحتاج إليها هذه المجموعة لتخفيف الأعراض بنسبة 64 بالمئة.

Ad

أنواع المستأرجات

تتبع السيطرة على الحساسيات غالباً مقاربة تشمل ثلاث خطوات. الخطوة الأولى تحديد الأسباب ومحاولة تجنّب التعرّض لها بقدر الإمكان، مثلاً من خلال البقاء بعيداً عن الحيوانات الأليفة أو التخلّص من الغبار في بيئتك. الخطوة التالية تجربة أدوية من شأنها أن تقلّص الأعراض، مثل المنشطات الأنفية ومضادات الهيستامين غير المسكنة. مع ذلك، لا تنجح هذه الأدوية مع جميع الأشخاص وقد تكون لها آثار جانبية مثل النعاس وجفاف الفم واضطراب المعدة.

إن تبيّن أن هذه الجهود عديمة الجدوى، أو إن كانت الحساسية التي تعانيها حادة، الخطوة الأخيرة التي عليك أخذها هي حقن الحساسية: تتلقى حقناً منتظمة بكميات قليلة من المستأرجات مع زيادة الجرعات تدريجياً مع الوقت. وحقن الحساسية لا تقضي على حساسيتك، ولكنها تغيّر استجابتك المناعية لتتعزّز قدرتك على تحمّلها. يقول الدكتور هيتسبيرغ: {إنها أفضل من الأدوية، فمع العلاج المناعي، لا تعالج الأعراض فحسب، إنما تتفادى ظهورها من الأساس}.

كيفية عمل العلاج

تُستعمل الحقن لثلاثة أنواع من اللقاحات: العشب والأشجار والحشيش. كذلك الأمر بالنسبة إلى عث الغبار والعفن وشعر القطط والكلاب ولسعات الحشرات كالنحل، وإلى حد أقل، الصراصير. وما من دليل يثبت فاعليتها مع الأكل أو حساسية المخدرات.

تُستعمل الحقن على مرحلتين: الإنشاء والحفظ. تشمل مرحلة الإنشاء تلقّي كميات متزايدة من المستأرجات مرة أو مرتين أسبوعياً. بحسب حدّة الحقن، تدوم هذه المرحلة ثلاثة إلى ستة أشهر.

أما مرحلة الحفظ فتبدأ بعد التوصّل إلى أخذ الجرعة الكاملة. خلال هذه المرحلة، يتلقى المرضى حقناً كل شهر لمدة ثلاث إلى خمس سنوات. ويقول الدكتور هيتسبيرغ: {يُظهر البحث أنه إن التزمت بالجرعات لمدة ثلاث سنوات على الأقل ثم توقّفت، قد تحصل على فوائد مستدامة لسنوات عدة}.

بعد كلّ علاج، تتمّ مراقبتك لمدّة 30 دقيقة لرصد علامات التفاعلات، مثلاً حكّة في العينين وأنف سائل وحلق ضيق وضيق في التنفس، علماً أن ظهور احمرار أو تورّم أو حكّة حول مكان الحقنة أمر طبيعي ويتلاشى بعد أربع إلى ثماني ساعات.

ليست للجميع

كما هي الحال مع أي نوع آخر من العلاج، قد لا تنجح حقن الحساسية مع الجميع. أظهرت الدراسات أن فاعليتها الشاملة بمعدل نحو 55 إلى 66 بالمئة. ويقول الدكتور هيتسبيرغ: {يعرف معظم الأشخاص إن كانت حقن الحساسية مفيدة لهم حالما يصلون إلى مرحلة الحفظ}.

ولكن الحقــــن لا تناسب جميع الأشخـــــاص، لا سيما مرضى القلب والأوعية الدموية واضطراب النظم القلبي. ويقول الدكتور هيتسبيرغ: {بإمكانهم أن يتفاعلوا مع العلاج بشكل يزيد معدّل ضربات القلب، وقد يكون ذلك خطيراً كلما ازداد عبء القلب}.

لا يُنصح بالحقن أيضاً للأشخاص الذين يعانون داء الربو الحاد، فقد تتضاعف أعراضهم إن أصيبوا بنوبة قلبية بعد العلاج. كذلك الأمر بالنسبة إلى الأشخاص الذين يأخذون محصر مستقبلات بيتا لمعالجة ارتفاع ضغط الدم، فقد يعيق الدواء المخدّر آثار العلاج.

ويضيف الدكتور هيتسبيرغ: {مع ذلك، يتلقّى معظم الأشخاص الحقن بشكل مثالي. وإن كان بإمكانك إدارة العلاجات المنتظمة في حياتك اليومية، غالباً ما يكون ذلك الخيار الأمثل}.

طريقة جديدة

إن كنت لا تحبّذ الحقن، فخيارات العلاج المناعي الفموي متاحة لمعالجة بعض الحساسيات، ويقوم على أقراص توضع تحت اللسان، وتسبب آثاراً جانبية أقل مقارنةً بحقن الحساسية. والأمر الإيجابي الآخر أنه يمكن أخذ هذه الأقراص في المنزل بعد الحصول على الجرعة الأولى في عيادة الطبيب.

مع ذلك، الحقن ليست متاحة لجميع أنواع الحساسيات. في السنة الماضية، أقرّت إدارة الغذاء والدواء ثلاثة أقراص: قرصان للقاحات العشب (غراستيك وأورالير) وقرص لعشبة الخنازير (راغويتيك). لم يوضَّح بعد أي علاج، عن طريق الحقن أو الفم، هو الأفضل. بحسب الدكتور بول هستربرغ، أستاذ طب في قسم الحساسية والمناعة السريرية في مستشفى ماساتشوستس: {ثمّة المزيد من المستأرجات المتاحة للمعالجة مع حقن الحساسية، ولكن عليك أن تناقش خيارك مع طبيبك}.