أيها الطبيب، ثمة نبض!

Ad

لا بد من أن هذا ما يفكّر فيه أصدقاء الرئيس الفرنسي غير المحبوب فرانسوا هولاند، بعد أن حقق أخيراً انتصاراً ثلاثياً أضاء بصيص أمل في نفق إعادة انتخابه المظلم في شهر مايو من السنة المقبلة.

إليك السبل الثلاثة التي حقق من خلالها الرئيس الفرنسي النصر:

1- تراجع نادر في البطالة

جاء الخبر الجيد الأول وربما الأجمل بالنسبة إلى هذا الزعيم الاشتراكي في بيانات البطالة لشهر مارس. فبعد أشهر من البؤس المتقطع، أفادت وكالة Pôle Emploi للتوظيف أن 60 ألف شخص ما عادوا مسجلين في لوائح العاطلين عن العمل الشهر الماضي، علماً أن هذا يُعتبر أكبر انخفاض شهري في معدل بطالة الفئة «أ» منذ عام 2000.

لا  شك أن فرنسا ما زالت تضم 3 ملايين عاطل عن العمل مع معدل بطالة سيُسجل على الأرجح نسبة تفوق الـ10% عندما تُنشر أرقام ربع السنة الحالي، بالإضافة إلى ذلك سارع النقاد إلى الإشارة إلى أن الانخفاض الكبير في شهر مارس (الذي لم يكد يمحو تأثير ارتفاع ضخم سُجِّل في شهر فبراير) يُعتبر اصطناعياً، بما أنه يعود في جزء كبير منه إلى أناس انضموا إلى خطط التدريب الوظيفي التي تقدمها الحكومة، لا أناس عثروا حقاً على وظائف.

في مطلق الأحوال، تشكّل البيانات المسجلة انتصاراً لهولاند من الناحية السياسية.

أشادت الصحف، التي تتوق إلى أي خبر محلي إيجابي، بهذه البيانات معتبرةً إياها نقطة تحوّل في الاقتصاد ومصدر دعم للرئيس، الذي شدد على ربط قراره بالترشح لولاية ثانية السنة المقبلة بتحقيقه تراجعاً «دائماً وكبيراً» في معدل البطالة خلال عام 2016.

كتبت سيسيل كورنودي في مقال افتتاحي في الصحيفة الاقتصادية Les Échos: «سيدفعنا هذا إلى النظر بطريقة مختلفة إلى حالة اقتصادنا. ولا شك أن هذا يوم جميل بالنسبة إلى هولاند».

2- بيع غواصات بقيمة 34 مليار يورو

إن كانت بيانات البطالة قد أعادت النبض إلى شعبية هولاند، فلا شك أن إعلانه صفقة بيع الغواصات الضخمة، التي عُقدت مع أستراليا، جعلت هذا الرئيس «المريض» يجلس في السرير، فقد أعلن هولاند أن فرنسا تغلبت على منافستيها اليابان وألمانيا، وفازت بعقد بيع 12 غواصة متطورة بقيمة 34 مليار يورو.

بالإضافة إلى تأمين نحو 4 آلاف وظيفة تصنيع متقدّم في المنزل، يساهم بيع الغواصات مساهمة كبيرة في تعزيز فخر قطاع الصناعة الفرنسي، الذي تعرض لصفعة كبيرة نتيجة إخفاق باريس في بيع أي من طائراتها الحربية من نوع «رافال» المحلية الصنع لحكومة أجنبية (عادت المحادثات مع الهند بشأن صفقة ضخمة لبيع هذه الطائرات إلى التأرجح مجدداً، على ما يبدو، بعد إعلان الهند اهتمامها بصفقة مماثلة). في جو من الفرح، استخدم هولاند خبر هذه الصفقة ليؤكد أن «الأوضاع تتحسن» في فرنسا، فقد سخر النقاد من الرئيس، معتبرين أنه «يعيش على كوكب آخر»، عندما أدلى بتصريحه الوطني هذا مباشرةً على التلفزيون في مطلع هذا الشهر.

لكن المناخ تبدّل اليوم، فذكرت صحيفة Union المحلية في إحدى افتتاحياتها: «أعلن الرئيس أن الأوضاع تتحسن، فضحك البلد بأسره، لكن الفرنسيين قساة، وهم مخطئون».

3- صحوة أعوانه

من حسن حظ هولاند الذي تراجعت شعبيته إلى ما دون العشرين في المئة خلال ربع السنة الأول الحالك، أن هذه الأخبار الجيدة تزامنت مع إطلاق مجموعة دعم سياسية هدفها تعزيز شعبيته وتقديم صورة مختلفة عن رئاسته للناس.

 دُعيت هذه الحركة، التي أسسها المتحدث باسم هولاند وصديقه القديم ستيفان لوفول، Hé oh, la gauche! (هيا أيها اليسار!). وقد ضمت حشداً يصعب تحديده عموماً من مؤيدي هولاند في باريس، فقد أدلى أصدقاؤه القدماء بخطابات تشجيع أخبرَ أحد المساعدين الرئاسيين POLITICO بأنها «حسنة النية، إلا أن مَن سمعوها يدعمون هولاند أساساً».

لا شك أن الرئيس الأقل شعبية في فرنسا منذ الحرب العالمية الثانية يواجه درباً صعباً جداً نحو البقاء في سدة الرئاسة لولاية ثانية، فما زالت استطلاعات الرأي تشير إلى أن زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان أو أحد مرشحَي اليمين الوسطي المتقدمَين نيكولا ساركوزي وألين جوبيه سيطيحون به خلال الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية، التي تُعقد على جولتين.

رغم ذلك، يجعل هذا الأسبوع من الأخبار الإيجابية بالنسبة إلى هولاند حالته تبدو أقل سوءاً، موازناً في الوقت عينه موجة الحماسة التي أحاطت بوزير الاقتصاد في حكومته البالغ من العمر 38 سنة، إمانويل ماركون، الذي أعلن أخيراً إطلاق حركته السياسية الخاصة.

قبل بضعة أسابيع، امتلأت الصحف الفرنسية بتوقعات حول احتمال أن يقود ماركون حملة رئاسية متمردة في حال انسحب هولاند، لكن الرياح تبدلت في هذه المسألة أيضاً.

على سبيل المثال، نشرت صحيفة Le Parisien مقالاً ناقداً يشير إلى افتقار ماركون إلى دعم أعضاء البرلمان، فقد عنونت هذه الصحيفة، التي تُباع بأعداد كبيرة: «لا يؤيد أعضاء البرلمان معسكر ماركون، سواء كانوا من اليمين أو اليسار». ولا شك أن هذا سبب آخر يرسم ابتسامة على وجه هولاند.

نيكولاس فينوكر