تبادلت وزارتا الخارجية في مصر وتركيا التراشق السياسي لتتكرس حالة الخصام بين البلدين، وفي وقت حثت روما السلطات المصرية على بذل مزيد من التعاون لكشف غموض مقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني، أجرت القاهرة اتصالات بالجانب الأميركي لكشف غموض مقتل مصري هناك.

Ad

عاد التوتر بين القاهرة وأنقرة إلى الواجهة أمس، بعد تبادل تصريحات بين خارجية البلدين عكست فشل محاولات الوساطة العربية لتقريب وجهات النظر بين مصر وتركيا، لتستمر حالة الجمود بينهما منذ تأييد النظام التركي لجماعة "الإخوان"، وعدم اعترافه بثورة "30 يونيو 2013"، التي أنهت حكم الجماعة المصرية.

فقد وصفت وزارة الخارجية المصرية، في بيان لها أمس الأول، تصريحات المسؤولين الأتراك في ما يخص العلاقة بين البلدين، بأنها "تجسيد للحالة النفسية التي يعانيها المسؤولون الأتراك منذ ثورة 30 يونيو، وأن مثل هذا التقييم المغرض ما هو إلا ضرب من الخيال لا يمت للواقع بصلة".

وجاء بيان "الخارجية" المصرية في معرض ردها على تصريحات وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو التي جاءت في مستهل زيارته لأبوظبي، والذي قال إن "مصر اليوم ليست قوية وليست مفيدة لأي طرف، وإن الدولة المصرية هشة تحت إدارة الرئيس عبدالفتاح السيسي، وأنها يمكن أن تنهار في غياب المساعدات الإقليمية"، مطالبا بتشكيل حكومة مصرية ممثلة لجميع التيارات.

وبينما طالبت القاهرة المسؤولين الأتراك بالاهتمام بالأوضاع السياسية في بلادهم، رفض مساعد وزير الخارجية للشؤون الدولية سابقا، السفير جمال بيومي، تصريحات وزير الخارجية التركي، قائلا لـ "الجريدة": "النظام التركي سلطوي ودعمه لجماعة الإخوان لن يكون له أي أثر على تغيير المسار الديمقرطي في مصر، والقاهرة لا تسعى إلى عودة العلاقات مع أنقرة، ولم تطلب ذلك من أي طرف، لأنها ترفض التدخلات التركية في شؤون المنطقة".

ريجيني ورشدي

إلى ذلك، حث وزير خارجية إيطاليا باولو جنتيلوني، أمس، السلطات المصرية على التعاون بجدية لكشف ملابسات حادث مقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني، الذي عثر على جثته وعليها آثار تعذيب في القاهرة خلال فبراير الماضي، لكي تعود العلاقات إلى طبيعتها بين البلدين، خاصة بعدما استدعت روما سفيرها بالقاهرة للتشاور، وأكد جنتيلوني في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الإيطالية (أنسا)، أن روما لاتزال غير راضية عن مستوى التعاون المصري، لكنه أشار إلى استعادة الاتصالات مع أعضاء النيابة في القاهرة.

في الأثناء، قال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، أحمد أبوزيد، في بيان له أمس، إن الخارجية تجري اتصالات مع محققين أميركيين للوقوف على تفاصيل مقتل مصري يدعى محمد رشدي (62 عاماً) هناك، وأشار أبوزيد إلى أن التفاصيل والمعلومات بشأن القتيل لاتزال غير معلومة.

وأضاف: "القنصل العام لمصر في شيكاغو، محمد أبوالذهب، توجه إلى ولاية أنديانا الخميس الماضي للقاء المحقق الأميركي المعني بمتابعة حادث مقتل المواطن المصري للوقوف على التفاصيل الخاصة بالحادث، ومتابعة إجراءات التحقيق"، وأن القتيل عثر عليه متوفيا يوم 22 الجاري بجوار حاوية نفايات بواسطة حارس أمن بمكتب عقارات، وأن سبب الوفاة هو "إسفكسيا الخنق"، ما يرجح وجود شبهة جنائية.

وفي مسعى لوقف مسلسل قتل شرطيين لمواطنين عزل باستخدام السلاح الميري، كشف مصدر أمني رفيع المستوى لـ "الجريدة"، أن وزارة الداخلية بدأت أمس، تطبيق إجراءات سحب السلاح من أمناء وأفراد الشرطة والمتمثلة في "الطبنجة" الشخصية، ووضع ضوابط لاستخدام السلاح الميري في أضيق الظروف، والعمل على تغليظ العقوبات لمن يستخدم السلاح في ترويع المواطنين.

وأشار المصدر إلى أن وزير الداخلية مجدي عبدالغفار أمر ببدء سحب السلاح الشخصي من أمناء الشرطة، والاكتفاء بالسلاح الآلي، الذي لا يستخدمه الأمين إلا بحضور ووجود ضابط شرطة في المهام الأمنية، منعا لأي احتكاكات مع المواطنين، إلا أنه سيتم استثناء أمناء بعض الإدارات بالوزارة من القرار، وأن "الداخلية" بدأت في مراجعة ملفات أمناء الشرطة، تمهيدا لتسريح عدد منهم.

وكشف المصدر أن قرار سحب السلاح سيطبق مباشرة على أمناء أجهزة الأمن العام والمباحث العامة، كما سيتم سحب سلاح كل من ثبت سوء سلوكه، أو اعتاد الغياب من دون إخطار أو إذن، ومعتاد الجزاءات، فضلا عن الأمناء الذين تمت إعادتهم إلى العمل بعد ثورة "25 يناير 2011"، متوقعا إجراء كشوف دورية على الأمناء للتأكد من عدم تعاطيهم المخدرات، وأنه تم توزيع منشور على الضباط في جميع قطاعات الوزارة بمنع استخدام السلاح الميري في أوقات الراحة أو الحالات الشخصية.

وكانت النيابة العامة، أمرت أمس الأول، بحبس ضابط شرطة برتبة نقيب مدة 4 أيام احتياطياً على ذمة التحقيقات التي تجرى معه بمعرفة النيابة، لاتهامه بالشروع في القتل، وذلك بإطلاقه عيارا ناريا من سلاحه الأميري صوب سائق سيارة أجرة (ميكروباص) عقب مشاجرة وقعت بينهما.

عيد القيامة

ميدانياً، انتهت الأجهزة الأمنية بوزارة الداخلية من وضع خطتها لتأمين احتفالات المصريين بعيدي القيامة المجيد وشم النسيم، غدا وبعد غد، إذ عقد مديرو أمن المحافظات وقطاعات وزارة الداخلية المختلفة، اجتماعات مكثفة للانتهاء من وضع المحاور الرئيسة لخطة التأمين، التي تتضمن تشديد القبضة الأمنية في محيط الكنائس.

في الأثناء، وجهت الكنيسة الأرثوذكسية دعوة للرئيس السيسي، لحضور قداس عيد القيامة مساء اليوم، والذي يترأسه بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية البابا تواضروس الثاني، ويأمل المسيحيون المصريون في أن يكرر السيسي سابقة حضوره الاحتفال بعيد الميلاد المجيد في الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، ليكون بذلك أول رئيس مصري يحضر قداس عيد القيامة.