بموازاة ما أكدته محكمة التمييز من أن تقاضي فوائد عن الدَّين المدني محرم شرعاً، رأى قانونيون عدم جواز المطالبة بتلك الفوائد.

Ad

في حين يتحايل بعض الأفراد والشركات على القانون من خلال إقراض بعض المحتاجين مبالغ مالية، وإلزامهم سداد مبالغ تفوق الدين المستحق عند رده، أكد حكم قضائي بارز من محكمة التمييز، أن تقاضي الفوائد عن الدين المدني يعد من الربا المحرم شرعاً، وأن كل اتفاق يتم على تقاضي فوائد مقابل الانتفاع بمبلغ من العقود أو مقابل التأخير في الوفاء بالالتزام به هو باطل بطلاناً مطلقاً ويجوز التمسك فيه في أي مرحلة من مراحل كانت عليها الدعوى، وللمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها.

فوائد تأخيرية

وأكد الحكم القضائي الصادر من الدائرة التجارية في محكمة التمييز أن مناط استحقاق الفوائد التأخيرية قانونية كانت أو اتفاقية أن يكون الدين الذي تأخر المدين في الوفاء به ناشئاً عن التزام تجاري أو عمل تجاري وهو العمل الذي يقوم به الشخص بقصد المضاربة ولو كان غير تاجر، فاذا ما تخلف الوصف عن الالتزام أو العمل بأن كان مديناً فيحظر المطالبة بالفوائد عنه سواء كانت اتفاقية أو قانونية باعتباره من الربا المحرم شرعاً وعلى ما ورد بالمذكرة الإيضاحية للقانون المدني.

وأكدت التمييز في حكمها أن المشرع نص على هذا الحظر ورتب على مخالفته البطلان بالنص في الفقرة الأولى من المادة الأولى من المادة 305 من القانون المدني على أن يقع باطلاً كل اتفاق على تقاضي فوائد مبالغ الانتفاع بمبلغ من النقود أو مقابل التأخير في الوفاء بالالتزام به، وهذا البطلان مطلق لكل ذي مصلحة التمسك به في أي مرحلة كانت عليها الدعوى وللمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها.

وعن مطالبة أحد البنوك لإحدى الموظفات التي اختلست مبلغاً منه عن فوائد قانونية قالت المحكمة «وعن مطالبة البنك بفائدة قانونية على المبلغ المستحق له في ذمة الموظفة، والذي سبق للأخيرة الاستيلاء عليه من حسابات العملاء، فإن التزام الموظفة برد المبالغ إلى البنك لا يعد التزاماً تجارياً أو عملاً تجارياً، إنما هو التزام مدني قوامه التعويض عن فعلها غير المشروع باختلاس أموال البنك، كما لا يجوز معه المطالبة بالفوائد القانونية».

وتعليقاً على الحكم القضائي، أكد أستاذ القانون التجاري في كلية الحقوق بجامعة الكويت المحامي د. طعمة الشمري عدم جواز المطالبة بأي فوائد عن الدين وفق القانون المدني، وإنما المطالبة بالتعويض عن العذر الناجم عن الخطأ إذا كان هذا الخطأ غير مألوف وفقاً لأحكام المادة 305، من القانون المدني، لافتاً إلى أن مطالباته لأي فوائد من أي دين مدني تعد مطالبات باطلة، وأن ما انتهى إليه حكم التمييز سليم ويصادف صحيح القانون.

مشروعية الفوائد

بدوره، أكد عضو مكتب أركان الاستشارات القانونية المحامي د. فايز الفضلي أن الحكم القضائي أكد بطلان أي اتفاقات بين الأفراد أو فرد وشركة يقوم على أحقية المقرض بفوائد عن الدين المدني باعتباره من الربا المحرم شرعاً وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية.

ولفت د. الفضلي إلى أن الحكم القضائي فرق في مسألة تقاضي الفوائد التأخيرية القانونية بين الدين التجاري والدين المدني، فأكد على مشروعية الفوائد القانونية، التي يستحقها من يقوم بعمل تجاري ويقصد المضاربة، وبالتالي فالاتفاقات، التي تبرم على أساس المضاربة بقصد تجاري يستحق عنها فائدة في حالة التأخير عن سداد الدين عند استحقاقه بينما الدين المدني، فقد أكد الحكم بأن أي اتفاق يسمح بتقاضيه يعد باطلاً، وهو بطلان مطلق ويجوز إثارته بأي مرحلة كانت عليها الدعوى، كما لا يجوز المطالبة به لمخالفته القانون.

تفرقة

وبين أن أهمية الحكم القضائي تكمن في التفرقة بين أحكام الفائدة عن الدين التجاري والدين المدني كما أنه طبق قواعد الشريعة الإسلامية، وبحسب ما ورد بالمذكرة الإيضاحية للقانون المدني وأشار إلى استحقاق التعويض عن الدين المدني فقط.

بدوره، يقول أستاذ القانون المدني في كلية الحقوق بجامعة الكويت المحامي د. فايز الكندري إن الدين المدني بتعريف المادة 305 من القانون المدني يتمثل بأن كلا الطرفين اللذين يمارسان العقد وفق أطراف القانون المدني، وليس أي منهما من يباشر التجارة أو الأعمال التجارية شأن البنوك، وبالتالي وحسب المادة 305 من القانون المدني تقضي ببطلان كل اتفاق على تقاضي فوائد مقابل انتفاع بمبلغ من النقود مقابل التأخير بالوفاء بالالتزام به.

بنوك تقليدية

ويضيف الكندري أن هناك اختلافاً بين القرض التجاري والقرض المدني وفرض الفوائد لكل منهما وفوائد التأخير وأي محاولة أو رَسم يعتبر فائدة وأي رَسم لا يقابله خدمة يعتبر فائدة ويعتبر باطلاً بطلاناً مطلقاً، وهذا يختلف عن الفوائد التي تتقاضاها البنوك التقليدية بدولة الكويت والبنوك بحسب نص المادة الخامسة من قانون التجارة تمارس عملاً تجارياً بكل الأحوال، وكل قرض تبرمه البنوك يعتبر قرضاً تجارياً وتسري عليه أحكام قانون التجارة سواء كان الطرف الآخر تاجراً أوغير تاجر، والقرض التجاري حتى لو كانت الغاية ترميم منزل أو شراء سيارة ليس بقصد المضاربة، وإنما العبرة باعتبار القرض تجارياً، وأبرم من قبل بنك يزاول عملاً تجارياً وأعماله تجارية بحكم القانون.

باطل

ويؤكد د. الكندري أن القروض التي تبرم بين أشخاص عاديين ومؤسسات لا تمارس أعمالاً تجارية تعتبر قروضاً مَدنية بحتة، وفرض الفوائد عن تلك القروض يعتبر باطلاً بطلاناً مطلقاً.