بدعوة من المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في الكويت، أقامت التشكيلية المصرية الدكتورة عبير حمدي معرضها الأخير «رحلة النفس» لتمثيل مصر ضمن الاحتفال بالكويت عاصمة للثقافة الإسلامية لعام 2016. حمل المعرض رؤية تعبيرية تجريدية تستشف كل ما يدور داخل النفس البشرية من مشاعر متناقضة.  

Ad

يلقي معرضك الأخير «رحلة النفس» أضواء كاشفة على جوانب النفس البشرية، ماذا عنه وكيف جاءت آلية إقامته في الكويت؟

دعاني المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب لتمثيل مصر بإقامة معرضي «رحلة النفس» في قاعة أحمد العدواني، ذلك ضمن فعاليات الكويت عاصمة الثقافة الإسلامية 2016.

تقوم فلسفة المعرض على كل ما تحمله النفس الإنسانية من مشاعر متناقضة، فتدور رحلتها عبر الزمن لتقترب من أحلامها أحياناً، وتبتعد عنها أحياناً أخرى في حالات شعورية مختلفة: من بينها الفرح والألم واللقاء والفراق والخوف وغيرها، لإظهار تأثير المشاعر الإنسانية على عناصر التكوين الفني من خلال مجال فن الرسم المعاصر وبرؤية تعبيرية تجريدية، وباستخدام الريشة للرسم بالأحبار الملونة والألوان المائية.

كم استغرق الإعداد لهذا المعرض؟

تم الإعداد له فيما يقرب من عامين، وضم 32 عملا في مساحات تصميمة وفراغية مختلفة. ارسم بالريشة المعدنية وبالأحبار الملونة وهي طريقة ليست سهلة بل تحتاج من الفنان إلى مهارة تقنية في التعامل معها وإجادتها داخل التكوين الفني الذي يقدمه. من خلال التجريب في الأفكار والوسائط ينضج إبداع الفنان، وقد ارتبطت أعمالي بشكل كبير بالتراث الفني المصري القديم وكيفية المزج بين الأصالة والمعاصرة في صياغة فلسفية وفنية جديدة، فكانت دائماً تؤكد هوية الفن المصري المعاصر وما يمثله من قيم جمالية وفنية مختلفة.

تقترب ممارستك الفنية من التعبيرية التجريدية، فما يغريك في هذا الاتجاه الفني؟

ارتبطت بعلم النفس الإبداعي كثيراً داخل أعمالي. منذ بدايتي الفنية الأولى، تأثرت بالاتجاه الفني السيريالي ثم تطورت أعمالي لتحمل أكثر من مدرسه فنية، من بينها التعبيرية التجريدية. أنا دائمة البحث فيما وراء المرئي، وجاءت دراستي في رسالة الدكتوراه عن «التجريد في مجال الرسم المعاصر وعلاقته بالفلسفة الروحية». أحاول الوصول إلى فكر فني وفلسفي جديد يعالج قضايا الشكل والمضمون برؤى تعبيرية تجريدية فنية معاصرة في مجال فن الرسم والغرافيك.

تعكس أعمالك اهتماماً خاصاً بالبعد الصوفي والديني.

ارتبطت أعمالي بمصادر إبداعية مختلفة من بينها كما أشرت ارتباطي بالتراث المصري القديم وما يحمله من صوفية المعاني ورمزيتها المختلفة، كذلك بعلم النفس الإبداعي وشكّل تعمقي في دراسته لدي رؤية فنية وفلسفية خاصة بي نحو معالجة قضايا الشكل والمضمون الفني داخل أعمالي. فالفنان دائماً في رحلة إبداعية نفسية يعلو فيها فوق معطيات الشكل المادي إلى المجهول ليعيد صياغته في شكل فني جديد ومختلف، لذا ينبع استلهامي من روح حضارتنا الفنية وما تحمله من بعد صوفي وفكر فني متجدد عبر الزمن.

في إطار مشاركتك أخيراً في معرض بالكويت، ما هي رؤيتك للمشهد التشكيلي الكويتي؟

يتميز المشهد الكويتي الثقافي والتشكيلي بحالة من الحراك الفني المتواصل والفاعل، لذا اختيرت دولة الكويت عاصمة للثقافة الإسلامية لعام 2016. كذلك نجد أعمال الفنانين التشكيليين أصحاب الطرح الفني المتميز المتواجدين على الساحة التشكيلية الكويتية، على سبيل المثال وليس الحصر سامي محمد، وخزعل عوض القفاص في مجال فن النحت، شيخة سنان، رضا سالم، محمد الشيخ الفارسي، سهيلة النجدي في مجال فن التصوير الزيتي وغيرهم كثيرون، كذلك نجد الاهتمام بإقامة كثير من الفعاليات الثقافية والفنية مثل مهرجان «القرين الثقافي» ودعم فكرة التواصل الدائم بين الشعوب العربية والأوروبية لتبادل الخبرات والثقافات الفنية المتنوعة.

اللوحة والمتلقي

انطلاقاً من كونك فنانة تشكيلية، إلى أي مدى تؤمنين بقدرة اللوحة والعمل الفني في التأثير وصناعة قناعات لدى المتلقي؟

العمل الفني رسالة مهمة وفاعلة لتشكيل التأثير لدى جمهور المتلقيين، فهو رسالة بصرية تحمل في مضمونها روح الفنان وذاتيته وثقافته وروح مجتمعه داخل صياغة تشكيلية ذات قيم جمالية فنية متاثراً فيها بمضمون عمله الفني الذي يعكسه للمتلقي، وكلما كانت مصداقية الفنان في نقل رسالته من خلال عمله الفني الذي يقدمه كان أقرب إلى الوصول والتأثير في جمهوره من المتلقيين.

ما الذي تضيفه المشاركات الخارجية إلى الفنان؟

تضيف كثيراً من الخبرات والثقافية البصرية والمعرفية. نكون في حلقة اتصال وتواصل مع الغير، وكل منا يحمل روح مجتمعه ويعكسها من خلال فنه وتفاعله مع الآخر.

ما الفارق بين وقوف فنان تشكيلي أمام لوحاتك ووقوف أحد الزائرين أمامها والسؤال عن مضمونها؟

كما أوضحت، العمل الفني رسالة بصرية اتصالية بين الفنان وجمهوره من المتلقيين سواء من المتخصصين أو من متذوقي الفنون. تمثل هذه الحلقة من الاتصال الفاعل رؤية كل منهم للعمل، فالفنان يقدم طرحه الفني وما يمثله من ذاتيته الخاصة ويتفاعل معه الجمهور ويستقبله من خلال ذاتيته المختلفة أيضاً. يقدم الفنان فلسفة أعماله ويترك للجمهور المساحة كي يتذوقها ويتفاعل مع مضمونها برؤيته الذاتية.

هل استطاعت الفنانة التشكيلية العربية أن تثبت جدارتها وتنجح في إيجاد ملمح تشكيلي خاص بها؟

نعم، استطاعت تأكيد هويتها القومية العربية بشكل جيد، فكلما اقترب الفنان من روح مجتمعه وتراثه الفني الثقافي وما يحمله من أصالة واستطاع أن يعالج موضوعاته الفنية من خلال هذا المنظور بوعي وفكر متجدد ومتطور معاصر، نجح في تأكيد هويته الفنية وهوية مجتمعه بشكل واضح ومؤثر في الحركة الفنية التشكيلية.

عبير حمدي في سطور

حصلت الفنانة عبير حمدي على بكالوريوس كلية الفنون الجميلة قسم الغرافيك عام 1995، ودكتوراه الفنون الجميلة بعنوان التجريد في فن الرسم المعاصر وعلاقته بالفلسفة الروحية 2009. هي عضو في نقابة الفنانين التشكيليين، وتعمل أستاذة الغرافيك والتصميم في المعهد العالي للفنون التطبيقية في مصر. قدمت معارض خاصة وجماعية عدة، من بينها:  «فانتازيا الروح»، «حَدْف البحر». كذلك شاركت في فعاليات دولية، أبرزها معرض الملتقى الدولي الرابع للفنون التشكيلية ومهرجان جداريات أزمور الدولي الثاني بالمغرب مايو 2012، معرض صالون الخريف الفرنسي (باريس 2010 - سبتمبر 2013)، ملتقى مكناس الدولي الرابع للفن التشكيلي والفن الفوتوغرافي (المغرب 2013)، مسابقة عبد الله القصبي المركز السعودي بجدة (السعودية 2013)، كذلك حصلت على جوائز محلية ودولية كثيرة.