التعليم عملية تلقي وتوجيه الفرد بالمعلومات والخبرات من خلال التحصيل العلمي، مما يُكسبه المعرفة والمهارة لإثراء تفكيره العقلي، فأساس بناء حضارة الدول وتقدمها يعتمد على منهجية التعليم، حسب ما يناسب قدرات المتعلمين وفروقهم الفردية.

لذا لابد من الاهتمام بطرق التعليم التي على ضوئها تنتج لنا المخرجات التعليمية بقياس مستوى الإدراك والقدرات الشخصية للمتعلمين، لتحديد مستوى الاستجابة وسرعة الفهم، وتحديد فصول خاصة لكل فئة داخل المدرسة كي لا نهدر تلك الطاقات، فهناك حالات خاصة مثل صعوبات الفهم وفك الرموز وصعوبات النطق والكتابة وصعوبات معالجة المعلومات، هم أذكياء لكنهم يحتاجون لأسلوب معين من التعليم والتمكين مغاير لأسلوب التدريس أسوة بأقرانهم الذين لا يعانون نقصاً في القدرات التعليمية.

Ad

وكم نُخطئ حين نعتقد أن طالب التخصص العلمي أذكى وأفضل من طالب الأدبي، فهو اعتقاد خاطئ يهدم قدرات الطلبة الإبداعية وتطلعاتهم المستقبلية، والله سبحانه خلق البشر مختلفين ليكمل بعضهم بعضا، وهناك عدة أنواع من الذكاءات، وكل فرد يمتلك نوعاً معيناً يتفوق فيه على أقرانه، تلك تسمى الذكاءات المتعددة، فطالب العلمي أذكى علمياً من الأدبي، لكنه أقل منه في المواد الأدبية، وطالب الأدبي أذكى أدبياً، إذن المعادلة متساوية وليس هناك مفاضلة، لأن المجتمع لن ينجح علمياً فقط أو أدبياً فقط، فلا نهدم تلك القدرات الإبداعية لطلبتنا والذين سيكونون يوماً عماد وصناع نهضة الوطن وحُماتها بتلك المعتقدات المنافية للواقع، لأن المجتمع بحاجة لهم جميعاً. وهناك من هم، لا أدبيون ولا علميون، بل هم مهنيون محترفون قد وهبهم الله قدرة لا يضاهيهم فيها أحد، تُشعل قدراتهم الحماسية فيلهمهم من خلالها الإبداع والعبقرية، فأين التعليم من هؤلاء؟ وماذا قدم لهم؟ وفي أي مدرسة تعليمية تخصصية قد ضمهم وتبنى مواهبهم؟ فهم يستحقون أن تمنحهم المؤسسات التعليمية نفس الشهادات والمؤهلات الدراسية والدرجات الوظيفية التي تحملها التخصصات الأدبية والعلمية.

إن استغلال طاقات الشباب الإبداعية بمختلف التخصصات والمجالات هو بمنزلة استثمار للثروة القومية التي هي أساس نجاح المجتمعات ونهضتها. وماذا لو كان التعليم يعتمد على اختبارات القدرات وكل طالب يدّرس حسب ميوله وقدراته الإبداعية، وتعتبر باقي المواد مجرد ثقافة له حتى لا نرهق عقله إلا بما هو مهم، ونستثني من ذلك المواد الأساسية المهمة، والتي تعتبر ركيزة أساسية في التعليم، كالدِّين واللغة والحساب المبسط، أي مدرسة ذات فصول تخصصية تحدد حسب اختبارات الذكاء والقدرات.