مثل إعلان روسيا استعدادها للمشاركة في اجتماع منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) لبحث خفض الإنتاج حافزا لصعود الأسعار نسبيا، كما بعث الأمل بإعادة الاستقرار إلى سوق النفط نتيجة تحرك جماعي مؤمل.

Ad

فقد أغلقت أسواق النفط تداولاتها الأسبوع الماضي على صعود للأسعار إلى نحو 36 دولارا للبرميل، بعد هبوطها إلى أدنى مستوى لها منذ أكثر من 10 أعوام بنحو 27 دولارا. ويعزى هذا الارتفاع إلى التوقعات بالتوصل إلى اتفاق لخفض الإنتاج بين مصدري النفط الرئيسيين.

وكان وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك أعلن الخميس الماضي أن روسيا مستعدة للاجتماع بدول أوبك، وقد تدرس مقترحا سعوديا بخفض الإنتاج بنحو 5 في المئة لتقليص الفائض الكبير في المعروض، وهي خطوة ظلت موسكو ترفضها على مدى 15 عاما.

وتأتي الخطوة بعد أن تلقى الاقتصاد الروسي المعتمد على عائدات موارد الطاقة والخامات ضربة قوية من هبوط أسعار النفط، وتسبب ذلك في هبوط سعر العملة الروسية أمام الدولار واليورو، وهذا الأمر ينطبق بدرجات متفاوتة على بقية الدول المصدرة للنفط.

ويرى الخبير الاقتصادي أرمن تادوفسيان، في حديث لـ"الجزيرة"، أن التوصل إلى اتفاق لخفض إنتاج النفط بين روسيا والسعودية ودول أوبك يواجه الكثير من التحديات، نظرا لأن التوصل إلى اتفاق يتطلب في المقام الأول وجود توافق داخل المنظمة.

وأوضح تادوفيسيان أنه لا أحد يرغب في تحمل تبعات خفض الإنتاج منفردا، فحتى لو قبلت روسيا بمطالب أوبك وقلصت إنتاجها، فإن الدول الأعضاء في المنظمة مازالت على خلاف.

ودلل الخبير على موقف إيران التي أعلنت نيتها زيادة الإنتاج، رافضة الانضمام إلى أي خطط لخفضه في المرحلة الراهنة، لتعويض ما فاتها خلال سنوات العقوبات الاقتصادية، وهذا قد يؤثر على موقف بعض الدول مثل السعودية.

ولفت المتحدث إلى أن الموقف الروسي ما زال مبهما، إذ إن تصريحات المسؤولين تشير إلى استعداد موسكو للتعاون، لكنها في الوقت نفسه تؤكد أن الدولة لن تتدخل لجلب الاستقرار إلى السوق، والأمر متروك لشركات النفط لتراعي مصالحها.

وأوضح تادوفسيان أن هناك الكثير من الشركات النفطية في روسيا، من بينها سبع كبرى تتقاسم ما يزيد على 85 في المئة من الإنتاج الروسي للنفط، بينما لا تملك الحكومة التدخل لخفض إنتاجها إلا من خلال زيادة الضرائب.

في المقابل، لا يوجد موقف سعودي واضح لاستعداد المملكة للتوصل إلى اتفاق بخفض الإنتاج، وكل ما يقال لا يعدو كونه إعلانا للنوايا.

وأشار تادوفسيان إلى وجود عوامل فنية تمنع خفض إنتاج الآبار في روسيا لصعوبة إعادتها إلى قدرتها الإنتاجية السابقة، خصوصا في فصل الشتاء، بسبب عامل انخفاض الضغط، مضيفا ان تعافي سوق النفط يبقى محكوما بسقف أعلى، لأن ارتفاع أسعار النفط إلى مستويات عالية يعني عودة إنتاج النفط الصخري.

وبالحديث عن الوضع الاقتصادي الصعب الذي تعانيه روسيا، يقول المحلل الاقتصادي بغدان زافاريتش إن موسكو تمر بمرحلة حرجة نتيجة للأزمة الاقتصادية.

وأوضح زافاريتش أن الميزانية الروسية الحالية تعاني عجزا كبيرا يفوق 30 مليار دولار، بناء على سعر خمسين دولارا لبرميل النفط، لكن هبوط الأسعار وصل إلى ما دون ذلك بكثير، في حين أن تعادل الميزانية يتطلب بيع برميل النفط بأكثر من 75 دولارا، وهذا متعذر في ظل الظروف الاقتصادية والسياسية العالمية الراهنة، حتى في حال التوصل إلى اتفاق مع "أوبك" لخفض الإنتاج.