هل توقف القطار العربي؟ وهل وصل إلى محطته الأخيرة؟ وهل أصابه عطب ما؟ أسئلة تتردد بقوة في الشارع العربي ولا يجد المواطن المنتمي إلى هذا الشارع من يجيبه عنها.

Ad

بعيدا عن الأدبيات البدوية العربية:

كونوا جميعاً يا بنيّ إذا اعترى

خطب ولا تتفرقوا أحادا

 تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسرا

وإذا افترقن تكسرت أفرادا

وبعيدا عن الشعارات السياسية "أمة عربية خالدة ذات رسالة واحدة"، "من المحيط الهادر إلى الخليج الثائر"، "القومية العربية هي العمق الاستراتيجي لأية دولة عربية"، بعيدا عن هذا وذاك يتساءل المواطن العربي أين وحدة العرب؟ وأين تماسكهم؟ وأين قوتهم؟ وأين قوميتهم؟ وهل مازالت القومية العربية مبدأ للجميع؟ وهل مازالت هدفا يسعون إليه؟ وهل مازال لها وجود أصلا؟

نعم... من حق المواطن أن يسأل ومن حقه أن يجد من يجيبه، فهل يمكن، مثلا، أن يطلب من الأمين العام للجامعة العربية أن يجيبه؟ وأيهما السابق الذي انتهت مدته ولم يشعر المواطن بأي تحسن في العلاقات العربية أم الجديد الذي جاء بعد رفض وتحفظ ثم موافقة؟ وإن كان قد عبر بتفاؤل كبير حول مستقبل الجامعة العربية وآلية عملها وقدرتها على توحيد الصف العربي!

ولكن السؤال: هل مازال هناك من يؤمن أصلا بدور الجامعة العربية في حل الأزمات والخلافات العربية؟ وهل يوجد من يعتقد بقدرة الجامعة على تسيير قطار القومية العربية؟ القطار الذي تستقله جميع الدول العربية، وإن اختلفت أماكنها، فهناك من يستقر في العربة الأولى، وهناك من يرضى بالجلوس في الأخيرة، وهناك من يصر على الوجود في عربة القيادة.

كانت القمة العربية في القاهرة 1970 تقريبا، هي آخر قمة شهدت تضامنا حقيقيا واتفاقا كاملا وحلا للأزمات القائمة آنذاك (الخلاف الأردني- الفلسطيني)، ومنذ ذلك التاريخ لم تشهد القمم العربية اتفاقا شبيها (صحيح حدث تضامن عربي رائع في حرب أكتوبر 73 ووقف تصدير البترول للولايات المتحدة وأوروبا ولكن كما نتذكر تم هذا بمبادرة فردية من الملك فيصل رحمه الله، وبدون مؤتمر قمة، ثم تبعته باقي الدول العربية)، وتوالت الانقسامات بين العرب منذ النصف الثاني من السبعينيات، وكانت جبهة الصمود والتصدي ونقل مقر الجامعة خير شاهد على ذلك، وكانت الطامة الكبرى يوم اختلف العرب حول أمر الغزو العراقي للكويت الذي لا يختلف عليه عقل ولا منطق ولا عدل بعيدا عن السياسة والقوميات.

منذ السبعينيات إلى الآن لم يشعر المواطن يوما بدور الجامعة، بل لم يشعر أساسا بوحدة العرب وقوتهم ودفاعهم عن قوميتهم الرشيدة، ولم تنجح الجامعة في توحيد الآراء ورص الصفوف إلى الدرجة التي يتساءل معها المواطن، ألم يكن أجدى أن توجه ميزانية الجامعة ومؤتمرات القمة، التي تتجاوز المليارات، إلى دعم المواطن العربي مباشرة ورفع مستوى معيشته والقضاء على الفقر والمعاناة الاقتصادية التي يعيشها يوميا؟

وإذا كانت الجامعة لم تنجح في توحيد الصفوف وتقديم الدعم الحقيقي للشعوب العربية (وهذا هو الهدف الأساسي من إنشائها كما ينص ميثاقها) أفلا يحق للمواطن أن يتساءل بعد ذلك: هل توقف القطار ووصل إلى محطته الأخيرة أم لا؟

قال الشاعر:

وتفرَّقوا شيَعًا فكلُّ قبيلةٍ

فيها أمير المؤمنين ومِنبَرُ!