على الخرائط القديمة، غالباً ما تبدو الهند أصغر حجماً مما هي عليه اليوم، وقد تعكس أحياناً نصف حجمها فقط. كان البحارة حينها يستطيعون تقدير المسافات طبعاً، وتحديداً على طول خط الساحل المتساوي نسبياً. ما هو سبب هذا الاختلاف؟

يتغير حجم الهند بهذا الشكل لأننا لا نستطيع انتزاع مساحة عن الكرة الأرضية وتسطيحها من دون تشويهها. لنتخيل القيام بذلك مع قشور البرتقال. يجب أن نختار طريقة تشكيلها: يمكننا الحفاظ على المنطقة أو المسافة أو الاتجاه لكن لا يمكن الإبقاء عليها كلها. تُعتبر هذه التسوية جزءاً أساسياً من جميع إسقاطات الخرائط على سطح الأرض. ما من رسم محدد لكل مساحة ويتوقف الخيار المناسب على هدف الخريطة. يحافظ «إسقاط مركاتور» من القرن السادس عشر على اتجاهات البوصلة: تكون الخطوط بين الشمال والجنوب وبين الشرق والغرب مستقيمة (مع أن جميع الرحلات المباشرة الأخرى تبدو منحنية كما نشاهد على خرائط مسارات الطائرات). كان البحارة يهتمون بالحفاظ على اتجاهات البوصلة فضلاً عن تجسيد خصائص الساحل بدقة، وقد كانوا أهم مستخدمين للخرائط في تلك الفترة. لكن ترافق «إسقاط مركاتور» مع جانب سلبي بارز، فهو يقطع دائرة مسافتها 40 كلم حول القطب الشمالي وعرضها 40 ألف كلم مثل خط الاستواء. تبدو إفريقيا أصغر حجماً من غرينلاند مع أنها أكبر منها بأربع عشرة مرة وتبدو الهند من جهتها ضئيلة جداً.

Ad

في عام 1973، أعيد إحياء خيار بديل اسمه «إسقاط غال» من عام 1855 وحمل اسم «إسقاط بيترز» هذه المرة. يسحق هذا النموذج المسافة العمودية بالقرب من القطبين للتعويض عن التوسع الأفقي الواضح. نتيجةً لذلك، لا يمكن التعرف على البلدان الشمالية (وأستراليا). لكن تحتفظ هذه النسخة بمنطقة نسبية عن كل بلد. إذا كنت مستعداً للتخلي عن الخرائط المستطيلة، سيكون النموذج شبه البيضاوي خياراً جيداً، لكن ستتأثر المناطق الواقعة على الأطراف: تُعتبر «خريطة مولويد» من عام 1805 إسقاطاً شهيراً تكون فيه المناطق متساوية، وتستعمل «الجمعية الجغرافية الوطنية» «إسقاط وينكل تربل» من عام 1921.

لا تزال الخرائط الإلكترونية مثل «خرائط غوغل» تستعمل «إسقاط مركاتور» المبسّط لأنها تهدف بشكل أساسي إلى التمسك باتجهات البوصلة على شكلٍ مستطيل.