عندما أتصفح الجرائد صباحاً، لا ألقي بالاً لثلاثة أشياء، زاوية برجك اليوم وتوقعات الأرصاد الجوية، وتصريحات الوزراء والنواب، والله وما لكم علي حلفان أمرّ عليها مرور الكرام، وأنا مشغل فلاشر اللامبالاة، كوني أعتبرها فانتازيا لا تسمن بطن واقع، ولا تغني حقيقة من جوع.

Ad

الأبراج مثلاً تقول لك إن اليوم يوم مثالي لتحقيق أحلامك، وينتهي اليوم وتذهب الأحلام إلى حال سبيلها بينما تذهب أنت إلى مكتب التحقيق في الشؤون القانونية لتأخرك عن العمل خمس دقائق، وحاول أن تقنع المحقق وقتها بأنك مع الأسف لا تملك هليوكبتر تطير بك بعيداً عن هذا الثعبان المروري المسمى مجازاً بالزحمة، هذا الثعبان الذي يلدغ ساعاتك ويلتهم عقاربها كتحلية على فطوره الصباحي.

أما الأرصاد فتقول لك إن اليوم الخالق الناطق شتاء سيبريا، فتلبس ما على الحبل من الأصواف مما زاد وزنه وغلا ثمنه، لتفاجأ في منتصف النهار بالشمس باسمةً تغمز لك بعينها، وتقول «سبرايز» تعيش وتاكل غيرها يا دب الدبدبة!

أما تصريحات الوزراء والنواب فخذ وخل و... «طرشي» يا مولانا، فماذا ترتجي من رئيس مجلس أمة يؤكد في تصريح شهد عليه «اليوتيوب» أن جيوب المواطنين لن تمس، ثم يلقي هو ذاته بعد أسبوع كلمة في المجلس يؤكد خلالها أن جيوب المواطنين ممسوسة وتحتاج إلى ماء وزيت «مقري» برعاية مولاتنا الخصخصة لإخراج جن العجز منها؟! وماذا سيفيدك تصريح وزير المالية حول ذاك الموس الذي هو جاهز لكل الرؤوس، وأنت تعرف أن صالون الميزانية لا يحوي أمواساً فقط، بل يحوي قسماً لتنظيف بشرة، والصبغ وقسماً للمساج والصابون المغربي وخلافه لم يذكرها الوزير رغم أنها تستهلك ثلاثة أرباع كريمات ورغوات ومناشف ميزانية الصالون، وطبعاً لن ننسى تصريح وزير التجارة حول متلازمة السيارات الفخمة ولتر البنزين، أو كما يقول المصريون: «اللي ما عندوش ما يلزموش»، هذا التصريح الذي سيجعل عظام آدم سميث وكينز وفيلبس وفريدمان تتمغط غيظاً في قبورها، متحسرة على السنوات التي ضاعت وهم يصيغون النظريات الاقتصادية!

نصيحة أخي المواطن من أخ بسيط مثلك: لا تقرأ الأبراج ولا الأرصاد ولا تصريحات الوزراء والنواب واقرأ فقط: «ماي ليبس» أو شفاهي، كما قال جورج بوش الأب الرئيس الأميركي الأسبق... من يقل لك إن علم الأبراج موثوق به «لا تمشي مُعُه».. ومن يقل لك إن جهينة الأرصاد عندها الخبر اليقين «لا تمشي مُعُه»... ومن يقل لك إن فم التقشف المتقشر لن يمس شفاه جيبك المصون... «لا تمشي مُعُه».