الفن لغة التواصل بين الشعوب، لا يحدّه مكان أو زمان، ولولاه لما عرفنا أسرار الحضارات وخباياها القديمة. من هذا المنطلق، التقت «الجريدة» الفنانة التشكيلية اللبنانية أميمة سوبرا على هامش معرضها الأخير في غاليري AM Art and Design بعنوان {أشجار الحياة}. استهلت الفنانة أميمة سوبرا حديثها بالتعريف عن نفسها. هي ولدت ونشأت في مانشستر في المملكة المتحدة، ورجعت إلى لبنان في عام 1968، حيث حازت شهادة في الفنون الجميلة من الأكاديمية اللبنانية للفنون الجميلة {ألبا}، كذلك شهادة تخصصية في تدريس الفن. وعند نشوب الحرب، انتقلت مع زوجها وأبنائها إلى جدة في المملكة العربية السعودية، وبدأت ترسم وتدرس الرسم، وساهمت في تأسيس أول مدرسة متخصصة في تدريس الرسم في جدة. وعادت الفنانة مجدداً إلى بيروت في عام 1994، حيث أسست مدرستها الخاصة The Artworkshop. ولفتت سوبرا إلى أنها أقامت معارض في دول عدة، ومنها فرنسا ولبنان والسعودية، وهذه زيارتها الثانية للكويت التي تحب أن تزورها دائماً.تسجيل المشاعربينت سوبرا أنها ترسم باستخدام الألوان الزيتية متخذةً المسار التجريدي الانطباعي، ومحاولةً استنطاق ألواناً جديدة عند مزجها ألوان الأحمر والبرتقالي والأخضر مثلاً، مما يعطي الفنان مساحة أكبر للتعبير عما في داخله. ومن خلال فنها، تسعى سوبرا إلى البحث عن جوهر الأشياء والتعبير عنها في أشكال تحمل في عمقها الخبرات الفنية. ولكنها اتجهت أخيراً إلى الرسم باستخدام الحبر الصيني الذي يحتل مكانة مرموقة وممتازة بين ألوان الفنون، وهو من وجهة نظرها يتطلّب قدرة ودقة متناهية في تنفيذ الأفكار التي تمنح اللوح جمالية خاصة وقدرة على جذب المتلقي، لا سيما أنها كفنانة تركّز على التقنية.وأشارت سوبرا إلى أن الفن التشكيلي هو محاولة لتسجيل مشاعر الفنان للوصول إلى جوهر العالم المحيط. على سبيل المثال، يرسم الشاعر بالكلمات، والفنان التشكيلي بالألوان ليكون شعره بذلك ملوناً.وبين الواقع والحلم، يدق نبض سوبرا فهي ترسم الخيال الذي تعيشه وتحسه، والخيال حين يكون على تماس مباشر مع الواقع، يحقق توازناً في أي تشكيل فني في التأثير، ويتحقق بالتالي إيصال الرسالة التي يحملها العمل الفني إلى المشاهد. وتقول سوبرا: {عندما أجهز لمعرض فني، وأرسم ثلاثين لوحة مثلاً، يستولي عليَّ شعور جميل، عندها أطلق العنان للرسم فيؤثر على حياتي بشكل إيجابي}.الطبيعةتحب سوبرا الطبيعة، وترسمها في جميع حالاتها، وبالألوان كافة، فهي، كما تقول، تمنح مخيلة الإنسان مشاعر كبيرة وبذلك تستطيع عبرها التعبير عما تشعر به. والمميز أن للطبيعة أشكالاً مختلفة، وألواناً متعددة، وبذلك تخدمها في توصيل ما تشعر به إلى المتلقي. فرسم الطبيعة من خلال ريشة سوبرا، يجعلها أكثر تميزاً وابتهاجاً، وهي تطمح من خلال ممارسة الفن إلى أن تصل إلى مستوى مهاري متقدِّم، وتوضح في هذا الشأن: {أمضيت 36 عاماً في الرسم، وفي تنمية خبراتي الفنية، فالفن هو خلاصة تجارب تساهم في أن تصنع مبدعاً}. ومن منظورها الفني، تنصح سوبرا الشباب المبتدئ بالفنون التشكيلية بأن يستمتعوا بكل لحظة يمضونها في الرسم، فالفن هو عنصر يدعو إلى التفاعل والوئام، والألوان تأتي تأكيداً على الجمال، حيث يؤثر الفن على النفس البشرية بما تقدمه للحواس من لذات جمالية، أما الجمال فهو جمال هادف.{أشجار الحياة}تقول سوبرا إنها كفنانة متفائلة رغم الصراعات والتوترات الراهنة في عالمنا، فالفن يثير في النفس شعوراً بالبهجة والتفاؤل وحب الحياة.وعن معرضها في الكويت الذي اتخذت له عنوان {أشجار الحياة}، تقول إنها عبرت من خلاله على فكرة مفادها أن كل ورقة من الأشجار تمثل مرحلة من مراحل حياة الإنسان إلى أن تكبر، أما الطرق المرسومة فتعبّر عن الواجهات التي يأخذها الإنسان في حياته، وحقيقة فلسفتها إظهار جماليات الكون، فالحياة جميلة إن نظرنا إليها بنظرة متفائلة.وعن أفضل الأوقات للرسم، تقول سوبرا: {أرسم في الأوقات كافة، ولكنني أفضل أن أرسم في الليل لإنجاز لوحاتي، فالليل يمتاز بالسكينة والهدوء، وأشغل الموسيقي التي لها معان كثيرة عندي، فهي مكملة للرسم}.تتابع سوبرا، كما تقول، أعمال النمساوي الذي لقببـ{أمير الرسامين} غوستاف كليمت، هذا الفنان الذي وهب حياته للرسم والإبداع.
توابل
الفنانة أميمة سوبرا: أرسم فيستولي عليَّ شعور جميل
22-02-2016