ما الذي كان يوجه تفكير شركة علي بابا عملاق التجارة الإلكترونية في الصين، عندما اشترت 5.6 في المئة من أسهم شركة غروبون في السوق المفتوح، من دون ابلاغ تلك المجموعة الأميركية المتهاوية؟ ذلك هو السؤال الذي سيطرح في هذا الأسبوع في أعقاب الكشف المفاجئ عن عملية الشراء التي قامت بها شركة علي بابا والتي علمت بها «غروبون» متأخرة.

يتمثل الجانب المحير بقدر أكبر طبعاً في أن شركة علي بابا قد تدرس مسألة طرح عرض لتملك غروبون بصورة تامة، وهي عملية لن تكون محالة لأسباب سأشرحها بعد قليل.

Ad

وتقلل وسائل اعلام اخرى من احتمالية هذه الخطوة قائلة، إن علي بابا تأمل فقط في التعلم من مهارة مجموعة غروبون في الشراء والتي أوصلتها الى الشهرة قبل نحو ست سنوات.

وقبل الانتقال الى ما سيحدث لاحقاً، دعونا نستعرض الحقائق التي وردت في الكشف التنظيمي في وقت متأخر من الأسبوع الماضي الذي قال إن شركة علي بابا تملكت 5.6 في المئة من حصة غروبون في نهاية السنة الماضية.

وأثار ذلك تجاوز موجودات «علي بابا» للعتبة المسموح بها والتي يرجح أنها 5 في المئة.

 شراكة استراتيجية

وكان من الواضح أن المستثمرين شعروا بارتياح لإمكانية الدخول في شراكة استراتيجية أو حتى عرض استحواذ، مما رفع قيمة أسهم «غروبون» بنسبة 29 في المئة في آخر جلسة تداول خلال الأسبوع الماضي، بعد اعلان شركة علي بابا عن تلك الخطوة. وحتى بعد هذه القفزة كانت القيمة السوقية لمجموعة غروبون 1.8 مليار دولار فقط، وهو رقم تحمله بسهولة من جانب شركة علي بابا الغنية.

ولم يصدر عن «علي بابا» أي تعليق بعد هذا الكشف، وقال المتحدث باسم «غروبون» إن شركته لم تكن تعلم أن «علي بابا» اشترت أسهماً فيها إلا بعد رؤية الكشف عبر لجنة الأسهم الأميركية.

كانت «غروبون» في الماضي واحدة من أشهر أسماء الإنترنت، وانطلقت الى آفاق الشهرة عبر نموذجها في الأعمال الذي شهد عملها كوسيط بين باعة التجزئة التقليديين والمستهلكين، وعرضها خصومات كبيرة من أماكن تجارية مثل المطاعم ودور السينما.

وأحدث صعودها السريع طفرة موازية في عمليات شراء مجموعات مواقع في الصين، كما أن «غروبون» نفسها كانت مالكة شريكة في موقع صيني بالشراكة مع عملاق الإنترنت المحلي تنسنت Tencent.

ولكن قطاع عمليات شراء مجموعات بدأ بالتلاشي بالسرعة ذاتها التي صعد فيها على وجه التقريب، ما جعل نجم غروبون يخبو كما تسبب في انهيار العديد من الشركات الصينية التي قلدتها. وقد حققت «غروبون» طرحاً أولياً بارزاً في أواخر عام 2011، عندما كانت نجمة صاعدة وسعرت سهمها عند 20  دولاراً مع قيمة سوقية بلغت نحو 12 مليار دولار.

وارتفعت قيمة أسهمها لفترة قصيرة لتصل قيمة السهم الى 31 دولاراً بعد وقت قصير من بدء تداولها، ولكنها اتخذت مسار هبوط ثابت منذ ذلك الوقت بسبب فشلها في العثور على صيغة لتحقيق أرباح، كما أنها أعلنت عن نمو عوائد ضعيف. وحتى بعد القفزة الكبيرة في الأسبوع الماضي يتم تداول أسهمها الآن عند مستويات تقل 85 في المئة عن معدلات طرح الاكتتاب الأولي.

تطورات متزامنة

وحان الوقت الآن للتحدث عن سبب وجود مجادلة قوية حول احتمال أن تكون شركة علي بابا تختبر فرصة التملك الكامل لشركة غروبون.

وسيرتبط السبب الأكبر بالتطورات المتزامنة في الصين، حيث تتخلى «علي بابا» عن حصتها الحالية الكبيرة نسبياً في موقع ميتوان – ديانبنغ، ويقال ان علي بابا قد طلبت حوالي 900 مليون دولار ثمناً لتلك الحصة، أي ما يعادل حوالي 7 في المئة من الشركة.

أسباب «علي بابا» لبيع الحصة المذكورة معقدة، ولكن الأساس كان عدم قدرتها على التفاهم مع الادارة العليا للشركة، والتي تشكلت في السنة الماضية عبر اندماج اللاعبين الرئيسيين في هذه الصناعة.

وما تسبب في تعقيد الأمور أن شركة تنسنت تملك أيضاً حصة رئيسية في الشركة الجديدة العملاقة، وتسعى بقوة الى أن تصبح الشريك الاستراتيجي الجديد فيها.

بحثاً عن شريك

وهكذا غدت «علي بابا» فجأة من دون شريك رئيسي في مجال شراء المجموعة. ويتعارض ذلك بشدة مع منافستيها الرئيسيتين، نظراً لأن تنسنت تبدو مهيأة لأن تصبح الشريك الرائد في ميتوان- ديانبنغ.

كما أن شركة بيدو الرائدة في البحث اون لاين تقوم أيضاً بضخ مبالغ كبيرة في موقع منافستها نوامي، وهكذا فإن شراء غروبون يمكن أن يساعد «علي بابا» على الدخول بسرعة من جديد في مجال شراء موقع المجموعة، حتى مع كون «غروبون» تملك من وجهة جغرافية القليل من العمليات في الصين أو أنها لا تملك أي عمليات هناك.

قد يتمثل الاحتمال الآخر في تحالف استراتيجي أكثر يدفع علي بابا الى زيادة حصتها بقدر أكبر، وربما الى 20 في المئة بعد دخولها في محادثات رسمية مع «غروبون».

وسبق أن قامت «علي بابا» بخطوات مماثلة مع عدد من الشركات الاخرى وخاصة شركة ويبو Weibo التي غالباً ما تدعى تويتر الصين.

وتقل كثيراً العمليات المماثلة للارتباط مع شركات أجنبية، ولكنها قد توفر لشركة علي بابا الحصول السريع على الخبرة التي قد تمكنها من اقامة مشروع مشترك مع غروبون في الصين.

وفي نهاية المطاف يوجد لدى «علي بابا» كمية كبيرة من النقد بكل تأكيد، ويمكنها أن تتحمل بسهولة تغطية أحد الخيارين. وسترحب «غروبون» بشكل شبه مؤكد بمثل هذا العرض على الرغم من أنها قد تفضل بيع حصة من نفسها وليس من الشركة.

وأنا أتوقع أن نشهد «علي بابا» تقوم بخطوة كبيرة لتحسين حصتها في وقت لاحق من هذه السنة مع فرصة من مشاطرة بـ50- 50 بين شراكة استراتيجية واستحواذ تام.

* دوغ يونغ