تزامناً مع انطلاق جولة حاسمة من مفاوضات «جنيف3»، أطلق الرئيس السوري بشار الأسد، غير آبه برفض المجتمع الدولي، بما في ذلك روسيا حليفه الرئيس، انتخابات تشريعية وصفتها المعارضة وواشنطن بأنها «مسرحية هزيلة لا قيمة لها»، في ظل مأساة دخلت عامها السادس، وأدت إلى مقتل مئات الآلاف، وتهجير الملايين، وفقدان واعتقال عشرات الآلاف من السوريين.

Ad

في مؤشر إضافي على أنه ليس جاداً في الانخراط بحل سياسي يفضي إلى تشكيل هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات وفق قرارات الأمم المتحدة، دعا الرئيس السوري بشار الأسد الموالين لنظامه إلى انتخاب مجلس شعب جديد اليوم، وخصص لهم 15 دائرة انتخابية للتصويت فيها، وخيَّر النازحين من محافظاتهم، بأن يختاروا مرشحي المحافظة التي يقطنون فيها.

ومع انتهاء الحملة الدعائية لهذه الانتخابات، التي اعتبرتها واشنطن "غير شرعية"، ووصفتها المعارضة بأنها "مسرحية هزلية جديدة" ودعت إلى مقاطعتها، أعلن رئيس اللجنة القضائية العليا للانتخابات هشام الشعار، أن عدد المرشحين الذين سيخوضون المعركة الانتخابية بلغ نحو3500 مرشح، بعد انسحاب أكثر من سبعة آلاف خلال فترة الانسحابات التي انتهت في 6 الجاري يتنافسون على 250 مقعداً.

وانتشرت صور المرشحين بشكل هزيل في الطرقات العامة بمناطق عدة، وجاءت حملاتهم متواضعة من حيث الانتشار والجودة، نتيجة ارتفاع الأسعار الجنوني في كل شيء، وتركزت معظم الشعارات حول انتصارات الأسد وحلفائه.

مسرحية غير شرعية

ووسط ترقب لمشاركتها الحكومة في جولة جديدة من مفاوضات "جنيف3" اعتباراً من اليوم أيضاً، دعت المعارضة السورية إلى مقاطعة هذه الانتخابات، واعتبرتها "مسرحية مفضوحة للنظام وهزيلة، ولم تعد تنطلي على أحد، وهي مرفوضة أساساً ومضيعة للوقت، ومؤشر إضافي على أن النظام غير جاد في الانخراط بحل سياسي يفضي إلى تشكيل هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات وفق قرارات الأمم المتحدة".

وفي وقت سابق، شدد المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية مارك تونر، أمس الأول، على أن هذا الاستحقاق "ليس شرعياً وسابق لأوانه، ولا يمثل الشعب السوري وتطلعاته"، وقال: "نعتقد أن محادثات جنيف لتحديد المرحلة السياسية الانتقالية هي الطريق الأمثل لحل النزاع".

الخريطة العالمية

وخلال استقباله وفداً روسياً يضم عدداً من البرلمانيين وشخصيات دينية واجتماعية وإعلامية، تغنى الأسد أمس بالدور الإيجابي الذي تقوم به موسكو، مؤكداً أنها "أعادت رسم الخريطة السياسية العالمية، وأثبت أنها دولة عظمى تتبنى استراتيجية تقوم على التمسك بالمبادئ والقيم وتطبيق القانون الدولي".

وجدد الأسد خلال موقفه الرافض لفدرلة سورية، معتبراً أنه سيدمرها، وفق ما نقل عنه النائب الروسي ألكسندر يوشينكو، مشيراً إلى أن الأسد "أكد أيضاً ضرورة أن يطرح للنقاش الشعبي مشروع دستور سوري جديد يحمي الأغلبية والأقلية، وتحدث أيضاً عن ضرورة إصدار قانون حول علمانية الدولة".

مفاوضات وعمليات

إلى ذلك، أعلن نائب وزير الخارجية فيصل المقداد، أن "دمشق لا تعارض إجراء مفاوضات مباشرة مع المعارضة، إلى جانب عقد لقاءات مع المبعوث الأممي ستيفان ديميستورا"، الذي زار طهران، وأبدى رغبته في بقائها غير مباشرة، خوفاً من انهيارها.

وإذ شدد على ضرورة مشاركة أكراد سورية في مفاوضات جنيف، أكد المقداد أنه يجب بحث وثيقة ديميستورا، التي تتضمن 12 بندا خلال المفاوضات المقبلة، مشيرا إلى أن الجانب السوري ينوي إدخال بعض التعديلات عليها وتحسينها.

وبعد لقائه ديميستورا في طهران، أعرب نائب وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان عن قلق بلاده حيال مضاعفة الأعمال العسكرية وانتهاك وقف إطلاق النار، مؤكداً أنه أبلغه بأن "هذه المسائل يمكن أن تؤثر سلباً على العملية السياسية الجارية في جنيف"، والتي انتقد مجدداً وجود مجموعات

خسائر الروس

وعلى الأرض، قتل عسكريان روسيان في تحطم مروحيتهما منتصف ليل الاثنين- الثلاثاء، قرب مدينة حمص، وفق وزارة الدفاع الروسية، التي أوضحت، أمس، أن جثتيهما انتشلتا خلال عملية إنقاذ، ونقلتا إلى قاعدة حميميم، مشددة على أن "المروحية لم تستهدف بإطلاق نار" وفريق من الخبراء يحقق في موقع الحادث، لتوضيح أسبابه، التي أكد المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف أنه "عطل فني".

وبذلك، يرتفع إلى 7 عدد العسكريين الروس الذين قتلوا خلال مهمات منذ بدء التدخل الروسي في 30 سبتمبر، بعد مقتل قائد طائرة حربية وعنصر بمشاة البحرية ومستشار عسكري وعنصرين في القوات الخاصة، فيما انتحر جندي روسي، وفق رئاسة الأركان.

عمليات مستمرة

وبعد شهر من إعلان الرئيس فلاديمير بوتين انسحاباً جزئياً من سورية، تراجعت أعداد الطلعات الجوية من قاعدة حميميم العسكرية، لكن موسكو لا تزال تلعب دوراً رئيساً في المعارك.

وهناك نحو عشر طائرات على مدرج هذه القاعدة، وفي مكان قريب يعمل رادار عملاق لمنظومة إس-400 للدفاع الجوي، أحدث ما أنتجته الترسانة الروسية.

تركيا تقصف

ولليوم الثاني على التوالي، قصف الجيش التركي، أمس، أهدافاً لتنظيم "داعش" بالقرب من مدينة أعزاز في محافظة حلب، رداً على إطلاق صواريخ على مدينة كيليس، وأسفرت عن سقوط 21 جريحاً، وفق رئيس الحكومة أحمد داود أوغلو.

وبينما أعلن "داعش"، أمس، إسقاطه طائرة حربية للنظام باستهدافها بمضادات أرضية داخل مطار الضمير العسكري، أكدت "جبهة النصرة" مقتل أكثر من 75 عنصراً من قوات النظام وميليشياته، في محاولة فاشلة للتقدم في ريف حلب الجنوبي واستعادة بلدة وتلة العيس الاستراتيجية.

(دمشق، موسكو، طهران، واشنطن- أ ف ب، رويترز، د ب أ، كونا)