يسود الخلاف بين محللي الطاقة حول تقديرات جديدة لبلوغ سعر النفط الحد النهائي، وكان «غولدمان ساكس» من أوائل من دعوا إلى 20 دولاراً كسعر للبرميل في السنة الماضية، لكن الكل لحق به الآن.

Ad

تظهر تقديرات جديدة في دراسة صادرة عن Wood Mackenzie، وود ماكنزي، أن مشروعات في قطاع النفط والغاز تصل قيمتها إلى نحو 380 مليار دولار ألغيت منذ سنة 2014، حيث ألحق الهبوط في أسعار النفط أضراراً بالغة بمشاريع طاقة في شتى أنحاء العالم.

وتقول شركة وود ماكنزي، إن 68 مشروعاً رئيسياً قد تم التخلي عن تنفيذها عام 2015، وهي تعادل نحو 27 مليار برميل من النفط والغاز الطبيعي.

وفي النصف الثاني من عام 2015، عندما عادت أسعار النفط للهبوط من جديد بعد أن كانت قد تعافت جزئياً في فصل الربيع ألغت الصناعة 22 مشروعاً كبيراً أي نحو 7 مليارات برميل نفط مكافئ.

ويقول محلل وود ماكنزي أنغس رودجر، إن «تأثير السعر الأدنى للنفط على خطط الشركات كان قاسياً، وما كان قد بدأ في أواخر سنة 2014  من خفض جزئي في الإنفاق على مشاريع الاستكشاف وما قبل التطوير تحول إلى عملية جراحية واسعة، تهدف إلى خفض الإنفاق على العمليات التشغيلية غير الضرورية وعلى الرسملة أيضاً».

وسوف تفضي عمليات الإلغاء هذه إلى هبوط دراماتيكي في إنتاج النفط في السنوات المقبلة، كما أن ما يقدر بنحو 170 مليار دولار أميركي من الإنفاق الرأسمالي المخطط للفترة بين 2016 و 2020 تم شطبها، وهو ما سيترجم تخفيضات لا تقل عن 2.9 مليون برميل من إنتاج النفط في اليوم، وهذه خسارة لا يمكن تعويضها حتى العقد المقبل على الأقل.

وخلص تقرير وود ماكينزي إلى القول إنه «على خلفية الضغوط الغامرة من أجل تحرير رأس المال وخفض إنفاق المستقبل– وهو ما يلحق الضرر بنمو الإنتاج – يوجد مدى واسع لإبعاد هذا الكم من الإنتاج بقدر أكبر إذا لم تتعاف الأسعار أو لم تهبط التكلفة بصورة كافية».

وبلغ مستوى التعادل في تكلفة كافة المشاريع التي استطلعتها وود ماكينزي نحو 60 دولاراً للبرميل، ومعظم المشاريع التي عانت الخفض كانت في المياه العميقة التي تعاني تكلفة تطوير أعلى.

وعلى سبيل المثال، سوف يتم تأخير مشاريع في خليج المكسيك ومشاريع أوفشور في نيجيريا وأنغولا حتى عقد  الـ 2020، كما أن رمال الزيت الكندية المكلفة شهدت نضوباً في الاستثمارات.

وقد تخطى خفض الإنفاق البالغ 380 مليار دولار بقدر كبير مبلغ الـ200 مليار دولار، الذي كانت وود ماكينزي قدرته في شهر يونيو من العام الماضي.

توقعات بمزيد من الخفض

قد يتحقق مزيد من الخفض في سنة 2016، وقد توصل التقرير أيضاً إلى أن 85 في المئة من المشاريع الصديقة للبيئة المتوقعة لديها معدلات عوائد داخلية تبلغ 15 في المئة أو أقل من ذلك – وتبدو فرص تقدمها «قاتمة».

ويسود الخلاف بين محللي الطاقة حول تقديرات جديدة لبلوغ سعر النفط الحد النهائي.

وكان غولدمان ساكس أحد أول من دعا إلى 20 دولاراً كسعر للبرميل في السنة الماضية، لكن الكل لحق به الآن، ويقول مورغان ستانلي، إن من الممكن الوصول إلى 20 دولاراً للبرميل مع تحميل الكثير من اللوم إلى قوة الدولار، كما يقول ستاندرد تشارترد، إن النفط قد يهبط الى 10 دولارات للبرميل.

وأصدر رويال بنك أوف سكوتلاند ما قد يوصف بأكثر تحذير إثارة للهلع ، ويرجع ذلك، على الأغلب، إلى أنه طبق توقعاته وفقاً للصورة الأوسع لوضع الاقتصاد العالمي.

ودعا إلى «بيع كل شيء ما عدا السندات العالية الجودة» لأن العالم يواجه « سنة جائحة مقبلة».

وخلق الاضطراب الحالي في السوق فرصة نادرة لمستثمري الطاقة البارعين.

وبينما نشرت وسائل الإعلام روايات مرعبة عن هبوط أسعار النفط، أعد المستثمرون البارعون عمليات الربح التالية. ويبدو فجأة أن الاجماع يشير إلى أن سعر برميل النفط سوف يظل في حدود الثلاثين دولاراً – أو أقل من ذلك حتى – طوال معظم هذا العام، رغم التفاؤل المتواصل من بعض تنفيذيي صناعة النفط.

توقعات المستقبل

لكن التراجع الممتد للنفط يعد العالم لحالة يعجز العرض فيها عن تلبية الطلب في المستقبل غير البعيد.

ويسلط تقرير وود ماكينزي الضوء على هذه الظاهرة، التي غدت محتملة بصورة متزايدة.

يعيش العالم في الوقت الراهن حالة من فائض الإمداد، وبنحو مليون برميل يومياً. لكن الصناعة تلغي جانباً ما يقارب 3 ملايين برميل يومياً في إنتاج المستقبل بسبب ظروف اليوم.

وسوف يفضي الضرر المستمر إلى نقص في الاستثمارات وتباطؤ في الانفاق قد يتجاوز محنة النفط.

ومع مرور السنين وفشل تسويق الإنتاج، فإن الطلب قد يبدأ بتخطي العرض ما قد يؤدي إلى ارتفاع سعر النفط.

فوارق حقبة الثمانينيات

الفارق بين حقبة الثمانينيات من القرن الماضي – وهي آخر مرة اضطر العالم فيها إلى مواجهة الاخفاق في جانب الإمدادات النفطية – هو أن أسواق النفط اليوم ليست في وضع فائض في الإمداد كما تبدو، وكان لدى منظمة أوبك في الثمانينيات عدة ملايين من براميل النفط الاحتياطية التي زادت عبر سنوات عديدة لتضاهي احتياجات الطلب المتزايدة.

وعند هذه النقطة تنتج منظمة أوبك بشكل ثابت، وبلغت السعة الاحتياطية الفائضة 1.33 مليون برميل يومياً في الربع الثالث من العام الماضي – وهذا أدنى مستوى منذ سنة 2008.

ويصعب تخيل حدوث نقص عندما يهبط سعر النفط إلى أقل من 30 دولاراً للبرميل، لكن الامدادات العالمية قد تضيق تماماً خلال السنوات القليلة المقبلة.