وسط تصاعد الحديث عن العجز في الموازنة وضرورة الاصلاح الاقتصادي وترشيد الانفاق، فجرت لجنة الميزانيات والحساب الختامي البرلمانية مفاجأة باعلانها ان «الموازنة الحكومية الجديدة لم تتضمن خفضا في المصروفات»، وهو امر يعاكس توجه الحكومة ورغبتها في تحقيق الاصلاح.

Ad

ويبدو ان ما اعلنته لجنة الميزانيات والحساب الختامي على لسان رئيسها النائب عدنان عبدالصمد، شكل صدمة لاعضاء اللجنة والنواب وللمواطنين ايضا الذين اثارتهم قرارات خفض مخصصات مرضى العلاج بالخارج، التي بدأت بها الحكومة كأولى خطوات الاصلاح المالي.

أرقام الميزانية

وأظهرت ارقام لجنة الميزانيات والحساب الختامي التي شرعت في مناقشة الإطار العام لميزانية الوزارات والإدارات الحكومية للسنة المالية 2016-2017 أن «المصروفات لم تخفض إلا بـ 279 مليون دينار فقط».

ولا تعكس هذه الارقام واقع الحديث الحكومي عن العجز المالي والرغبة في الترشيد وضبط المصروفات والانفاق، بل ان حتى عملية الخفض في الموازنة لم تكن برغبة حكومية انما جاءت «نتيجة انخفاض اسعار النفط»، كما يقول النائب عدنان عبدالصمد.

ويؤكد عبدالصمد انه «لا فضل لأحد في تخفيض الميزانية نهائيا»، شارحا أن «ما طرأ على الميزانية الجديدة من تخفيضات لم يكن إلا نتيجة ارتباط العناصر المخفضة بأسعار النفط مباشرة كدعم وقود تشغيل المحطات والمنتجات البترولية المكررة والغاز المسال».

ترشيد الإنفاق

وتثير تفاصيل الميزانية الجديدة التساؤلات عن مدى جدية الحكومة ورغبتها فعليا في معالجة العجز وترشيد الانفاق لتحقيق موجبات الاصلاح الاقتصادي، في ظل استمرار تراجع اسعار النفط.

ويلاحظ ان الإنفاق الجاري للجهات الحكومية ما زال على وضعه الحالي، كما يقول عبدالصمد. ويضيف عبدالصمد ان الخفض فيه لا يكاد يلامس 0.5 في المئة، بل ولم تشهد كثير من بنوده أي ترشيد، ومنها انخفاض بند المهمات الرسمية في الخارج من 46 إلى 44 مليون دينار، وارتفاع تكلفة استهلاك مباني الأجهزة الحكومية من الكهرباء والماء من 20 إلى 40 مليونا.

وتقدر الميزانية الجديدة بـ 18.892 مليار دينار، في حين يبلغ العجز 12.261 مليار دينار. ولم تدرج الحكومة العجز الاكتواري الخاص بالمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، والذي يتراوح بين 5 و8 مليارات دينار، ضمن الميزانية الحالية بعدما دأبت في السنوات الماضية على ادراجه ضمن الموازنة، في اطار رغبتها بخفض قيمة العجز.

سياسة الإصلاح

ورغم تكثيف التصريحات الحكومية بشأن ضرورة البدء في معالجة العجز ومواجهة انخفاض اسعار النفط وتحقيق الاصلاح الاقتصادي فإن سياستها بهذا الشأن ليست واضحة الى الآن.

 ويبدو ان سياسة الحكومة ترتكز بالدرجة الاولى على رفع الدعومات وزيادة اسعار البنزين والكهرباء والرسوم الخدمية، وهي قضايا مرتبطة بشكل مباشر بـ»جيب» المواطن، ولن يكون سهلا على الحكومة تمريرها في مجلس الأمة.

وتعكس الهجمة القوية والانتقادات الحادة التي وجهها النواب للحكومة على اثر قرار خفص مخصصات مرضى العلاج بالخارج، وتلويحهم باستخدام الادوات الدستورية، الصعوبات التي ستواجهها الحكومة عندما تقرر البدء في الاصلاح باستهداف ترشيد الدعوم ومعالجة النمط الاستهلاكي.

والى حين تتبلور بصورة كاملة تصورات مواجهة العجز في الموازنة، فإن الانظار تترقب قرارات الحكومة وردة فعل اعضاء مجلس الامة.