في مقابلة معه، أكد وزير الخارجية الأميركي جون كيري أن الولايات المتحدة أوشكت أن تصل إلى "مرحلة متقدمة" في سورية سيتم بموجبها إما المضيّ نحو وقفٍ لإطلاق النار أو الانتقال إلى الخطة "باء" وعمليات عسكرية جديدة.

Ad

بالنسبة إلى متابعيه ليس كلام كيري جديداً، فهو يقوم بآخر دفعٍ لحلٍ دبلوماسي مع روسيا وإيران، حتى وإن كان يلوّح بامتلاك الولايات المتحدة "وسائل إقناع أخرى" في حال فشلت الدبلوماسية.

مشكلة كيري، وفق المشككين، أنّ استراتيجيته تشوبها الأخطاء المنطقية ذاتها التي تتخبط فيها العملية الدبلوماسية في سورية في السنوات الثلاث الماضية، إذ لن تتنازل روسيا أو إيران عن دعمهما الأساسي للرئيس السوري بشار الأسد، ولن يوافق الرئيس أوباما على تكتيكات عسكرية قد تؤدي إلى قلب الموازين، وبالتالي تبقى الأمور الدبلوماسية ضبابية بمد وجزر، لسوء طالع الشعب السوري، غير أن ذلك لا يمنع كيري من المضي في طروحاته شارحاً مقاربته بإمعان.

منذ البداية، أمل كيري أن تقتنع روسيا بفكرة أن مصالحها إنما تُخدَم بانتقالٍ سياسي في سورية، ويحدد لها الأخطار المحدقة بها في حال لم يتم التوصل إلى تسوية، بخطر انفجار سورية من الداخل، وخطر الحرب المستدامة التي تبقي روسيا عالقة في مستنقع الحرب الميدانية، وخطر زيادة عدد الإرهابيين.

وبدلاً من أن ترى الخطر المحدق بها، تعتقد روسيا بأنها تفوز، وقد حلّل جايمس كلابر، وهو مدير مركز الاستخبارات القومي، طموحات موسكو في شهادةٍ له أمام الكونغرس كالتالي: "زيادة التدخل الروسي، وخصوصاً عبر الضربات الجوية قد تساعد النظام على استعادة الأراضي في المواقع الحساسة في غرب سورية على غرار حلب والمنطقة الساحلية، حيث سجّلت خسائر كبيرة لمصلحة المعارضة في صيف 2015.

وأكّد كيري أن مرحلة "النضوج" أساسية في المفاوضات، وإذا اعتقد طرف أنه لابد أن يفوز فهو يقوم بمطالب لن يقبل بها الطرف الخاسر، فتستمرّ المجازر، واعتبر أنه من الإهمال عدم محاولة القيام بخطوةٍ أخيرة لفرض وقف لإطلاق النار، مما يساعد آلاف المدنيين الهاربين من حلب.

ويقول: "ما نقوم به حالياً هو اختبار جدية الروس والإيرانيين، فإذا لم نلمس منهما أي جدية فسننتقل إلى الخطة "باء"، إذ لا يسعك أن تجلس مكتوف اليدين.

ورغم أن كيري لم يغص في تفاصيل العملية العسكرية، فإنه قدم خطوطها العريضة، إذ يقول إن الهدف هو قيادة تحالف ضد الدولة الإسلامية ودعم معارضة ضدّ الأسد، مشيراً إلى أن أوباما أعطى توجيهات للبنتاغون والمخابرات للعمل بصلابة أكبر وبإجراءات أكثر سرعة ضد متطرفي "داعش" كي يتم "إحتواء هذه المجموعات وتدميرها في أسرع وقت.

وحين سئل عما إذا كان أوباما يؤيد اتخاذ إجراءات أكثر حدة من حيث تكتيك العمليات الخاصة أجاب بأنّ أوباما اتخذ قراراً بإرسال قوات خاصة واختبار هذا المبدأ.

وحين سئل عما إذا كان يرحب بإعلان السعودية والإمارات إرسال قوات عسكرية إلى سورية، رد، بالإيجاب، موضحاً أن ذلك "إنما يؤدي إلى إلحاق ضرر أكبر بداعش ويسرّع سقوطه".

وتحدث كيري كذلك في المقابلة عن الاتفاق النووي مع إيران، وهو وفق رأيه أكبر إنجاز دبلوماسي حققه، مشبهاً نضال البراغماتيين الإيرانيين ضد المتشدّدين بنضاله مع الكونغرس.

وقد أدى زخم كيري الدبلوماسي ونشاطه الدائم إلى تغريدة من روبرت مردوخ، مالك "فوكس" للأخبار، دعا فيها كيري إلى الترشح للانتخابات الرئاسية في حال فشلت هيلاري، وحين سئل عن هذا الاقتراح غير المنطقي، أجاب: "لا تسير الأمور بتلك الطريقة، هذا كلام غير عمليّ، أنا أقوم بواجبي وما من تغيير في هذا المجال"، وهو جواب دبلوماسي لا يحمل في طياته ردّاً فعلياً.

* ديفيد إغناتيوس | David Ignatius