لو كانت مطالب نقابات القطاع النفطي منطقية وواقعية لكسبت تأييد الجميع ودعمهم، ولو كان الإضراب بهدف رفع ظلم أو غبن يعيشه العاملون في القطاع النفطي لتداعت كل قطاعات المجتمع دعماً لمطالبهم وسنداً لهم، لكن الحقيقة غير ذلك، ومطالب هؤلاء كما لخصتها نقاباتهم ليس فيها ما يمثل ظلماً بقدر ما يعكسه من مغالاة ومزايدات تعدت حدود المعقول وتجاوزت خطوط المقبول والممكن... فهم يريدون أن تدفع الشركات اشتراكاتهم في الأندية الصحية ودعم المخيمات، كما يرفضون إقرار "البديل الاستراتيجي" الذي لن ينطبق عليهم، لكنه سيكون المسطرة المعمول بها للتعيينات الجديدة في القطاع النفطي.إن ما نشهده اليوم هو تراكمات يتحملها قياديون نفطيون وحكومات سابقة متعاقبة فتحت الأبواب على مصاريعها، بإيجادها كادراً نفطياً فيه من الفروقات ما هو ظالم لكل القطاعات العاملة في المجتمع، بل أوجدت كادراً لا نقع على شبيه له في سائر الدول النفطية بالعالم. اليوم، نعيش إضراباً يشل اقتصاد البلاد ويخنق شريانها الوحيد الذي يعاني، بما فيه الكفاية، تدهورَ الأسعار البترولية، فبعد أن كانت أكثر من 140 دولاراً للبرميل أصبحت 30 فما دون... إضراباً يشل موارد المياه والكهرباء واحتياجات المواطنين إليهما.. فهل هذا إضراب أم إضرار بمصالح المواطنين وباقتصاد البلاد؟في أعراف الدول المتقدمة عادة يكون الإضراب جزئياً لا شاملاً، كي لا يشل القطاع الذي يمثله... فماذا لو أضرب الأطباء والممرضون؟ هل سيضربون جميعاً ويدَعون الناس يموتون ويعانون؟ لذلك شرّعت تلك الدول قوانين وأعرافاً أهمها جزئية الإضراب، أيّ إضراب، لا شموليته.بكل أسف، إننا اليوم نشهد إضراباً دون مطالب حقيقية تستدعيه، ودون مسؤولية وطنية بالدرجة الأولى، فالمسألة ليست حق التعبير وأساليبه بقدر ما هي عدم شعور بالمسؤولية تجاه الكويت، وتجاهل الالتفات إلى همومها بسبب تذاكر السفر، ودعم المخيمات، وتكريم العاملين... إلى آخر ما في قائمة النقابات من مطالب لا ترقى إلى حد الإضراب بقصد إيصال رسالة احتجاج!إننا ندعو الإخوة القائمين على النقابات النفطية إلى مراجعة قراراتهم وإدراك حجم الضرر الذي ستتكبده الدولة، وندعوهم - مثلما قال الكثيرون - إلى تحكيم العقل والحكمة في ضوء ظروف دولية وإقليمية حرجة جداً، ونطالبهم بأن يميزوا بين الإضراب بقصد إيصال رسالة احتجاج، والإضرار بمصالح الدولة، لأن أبناءهم وأبناءنا هم من سيدفعون الثمن.كما ندعو الحكومة إلى الإسراع في إقرار "البديل الاستراتيجي" وتضييق الفوارق في كوادر العاملين في القطاعات المختلفة للبلاد بقصد العدل والمساواة القائمَين على المؤهلات العلمية والخبرات وطبيعة العمل، فضلاً عن إعادة هيكلة الميزانية وتقليص حجم التضخم الذي تشهده... فهل تصمد الحكومة في وجه العاصفة الطارئة، وتعيد الأمور إلى نصابها؟!
أخبار الأولى
إضراب أم إضرار؟
18-04-2016