تباينت آراء المعلمين والمعلمات حول توجه وزارة التربية إلى تطبيق نظام البصمة في إثبات الحضور والانصراف للعاملين في المدارس، من هيئات تعليمية وإدارية، حيث يؤيد البعض الفكرة، على اعتبار أنها تنهي حالة الفوضى والتسيب من بعض المعلمين، الذين تتساهل معهم إداراتهم المدرسية في تطبيق العقوبات، بينما يرى آخرون أن تلك الخطوة تعكس حالة من عدم الثقة بين الوزارة والمعلم الذي يفترض أن يحصل على هذه الثقة، ليتمكن من إنجاز مهمته في صناعة الأجيال.

Ad

«الجريدة» استطلعت آراء بعض العاملين في الحقل التربوي من معلمين ومديرين ومديرين مساعدين، حول عزم الوزارة اعتماد «البصمة» في إثبات الحضور والانصراف، وفي ما يلي التفاصيل:

بداية، قالت مديرة مدرسة شيخان الفارسي وفاء الصقعبي إن نظام البصمة له ايجابياته وسلبياته، موضحة أن أهم الايجابيات تتمثل في إثبات الحضور والانصراف بدقة، ودون تدخل بشري، مما يمنع أي تلاعب في هذا الصدد.

وأضافت، أن الفكرة جيدة، لكنها لن تكون الحل السحري الذي سيقضي على مشاكل تأخّر وغياب بعض المعلمات اللاتي سيلجأن إلى عدة طرق أخرى بهذا الخصوص، ومنها على سبيل المثال، الحصول على إجازات مرضية إضافة، فضلاً عن حقها كموظفة في الحصول على استئذانات، ولها عدد معين من ساعات التأخير، بالتالي لن تكون المسألة مجدية بهذا القدر الذي تعوّل عليه الوزارة.

وذكرت، أن المعلم والمعلمة، يجب أن يتحليا بالوازع الداخلي والرغبة في إتقان العمل حتى نحصل منهما على نتيجة ملموسة في تربية وتنشئة الأبناء في المدارس وزيادة تحصيلهم العلمي، وإلا فإن تشديد الرقابة وفرض آليات متابعة جديدة لن يكونا أمراً حاسماً لناحية الالتزام بقدر ما ستكون كذلك الرقابة الذاتية النابعة من المعلم أو المعلمة ذاتهما.

من جانبها، قالت المعلمة رباب البناي، إنها تؤيد فكرة إدخال أنظمة البصمة إلى المدارس، لما لها من فائدة كبيرة في الحد من غياب المعلمات وتوثيق عملية الحضور والانصراف ومنع التلاعب بسجلات الحضور ومثلاً، بأن تقوم إحدى المعلمات بالتوقيع نيابة عن زميلتها المتغيبة أو المتأخرة.

وأوضحت البناي، أن عدم تطبيق العدالة في المدارس يساهم في إيجاد حالة من عدم الرضا لدى المعلمات الملتزمات بالحضور، وهذا ينعكس بالضرورة على أدائهن في فصولهن.

بدورها، أيّدت المديرة المساعدة منيرة الحمدان الفكرة، «لما لها من فائدة في الحد من ظاهرة غياب المعلمات أوتأخيرهن عن حصصهن، مشيرة إلى أنها تعاني الكثير من المشكلات نتيجة عدم التزام بعض المعلمات بالدوام المدرسي.

وقالت الحمدان، إن مدرستها عمدت في فترة من الفترات إلى إدخال نظام إلكتروني لإثبات الحضور والإنصراف من خلال بطاقة «كارت»، لكنها واجهت مشاكل في عملية التطبيق ما دفعها إلى العودة لنظام السجلات.

وأكدت أهمية أن تبقى السجلات الدفترية لإثبات الحضور موجودة في المدارس حتى مع تطبيق نظام البصمة، لأهمية هذه السجلات في المتابعة وتعديل جداول الحصص والاحتياط للمعلمات.

في المقابل، لم تكن رئيسة قسم العلوم شهد السواحة مع فكرة تطبيق نظام البصمة، ورأت أنها «لن تمنع مسألة الغياب ولن تغير شيئاً من الواقع الحالي، فالشخص الذي ينوي الغياب لن تمنعه البصمة أوغيرها، فهناك عدة طرق منها المرضيات والإجازات الطارئة والاستئذانات وغيرها».

وأوضحت، أن البصمة ستحدّ من عملية التلاعب في الحضور والانصراف والتسيب في بعض الإدارات المدرسية المتساهلة التي قد تغض الطرف عن عملية توقيع معلمة عن زميلتها وهذا أمر جيد لكنها لن تمنع الغياب أبداً.

أما أمل الصالح، وهي مديرة مساعدة، فترى أن تطبيق نظام البصمة سيحل بعض المشاكل الإدارية وعملية إثبات الحضور والإنصراف وبيان رصيد الإجازات وغيرها من هذه الأمور، لكنها لن تمنع ظاهرة الغياب بالنسبة للمعلمات، مشيرة إلى أن البصمة لن تغني عن تطبيق السجلات الورقية التي هي أساس في عملية الإثبات التي تعتمد عليها الإدارات المدرسية في ترتيب الكثير من آليات العمل داخل المدرسة.

الإنصاف والعدالة

من جهتها، قالت المعلمة هيا النويصر إنها تؤيد تطبيق الوزارة لنظام البصمة في علمية اثبات الحضور الانصراف، وتشدد عليها كثيرا لكونها الوسيلة الوحيدة التي لا تتدخل فيها الأيدي البشرية، والتي يمكن أن تحقق الانصاف والعدالة وتمنع المحاباة في المدارس، لاسيما في عملية توقيع بعض المعلمات عن غيرهن.

وأكد المدير المساعد مطلق العازمي أن زملاءه المديرين والمديرين المساعدين يعانون الأمرين من عملية تغيب بعض المعلمين عن دوامهم المدرسي، وبالتالي ضياع الحصص على الطلبة أو احداث ربكة في المدرسة لتغيير الحصص وتوزيع حصص الاحتياط، لافتا إلى أن تطبيق نظام البصمة الالكترونية سيحد من ظاهرة الغياب بشكل كبير.

وأضاف العازمي أن النظام الإلكتروني سيمنع التلاعب وسيحد من التأخير وسيجعل المعلمين أكثر التزاما بحصصهم وجداولهم، لافتا إلى أن المعلم يجب أن يكون حريصا على أداء عمله من تلقاء نفسه، ومخلصا في ايصال المعلومة للطالب، مشددا على أن البصمة هي الحل الوحيد لمشاكل المدارس.

أما المدير المساعد فهد العنزي فكان له رأي مغاير تماما، حيث يرى أن وزارة التربية تنتقص من مكانة المعلم باستمرار، مشددا على أهمية أن تكون هناك ثقة في المعلمين الذين يصنعون الاجيال.

أساليب العقاب

وقال العنزي إن العملية التعليمية بدأت تأخذ منحى سلبيا منذ أن قررت الوزارة منع اساليب العقاب «الأبوي»، مضيفا «وهنا أؤكد على ضرورة العقاب الابوي لا التعنيفي أو اساليب العقاب المبرحة التي نرفضها جميعا كمعلمين»، لافتا إلى أن انعدام وسائل العقاب لدى المعلم أضاعت هيبته في المدرسة وأصبح الطالب وولي الأمر يتجرؤون عليه.

وذكر أن المعلم أصبح مقيدا لا يستطيع الابداع في عمله نتيجة الكم الكبير من القرارات التي تعوق عمله وتحجب عنه الثقة والحرية في اتخاذ القرارات التربوية التي تصب في مصلحة الطالب، لافتا إلى أن أهمية أن تكون هناك مرونة مع المعلمين ليتمكنوا من الابداع في عملهم.

وشدد على أنه يعارض، بشدة، فكرة ادخال نظام البصمة في عملية اثبات الحضور والانصراف للمعلمين، لأن المعلم يعمل في مهنة تختلف عن بقية المهن وهو بحاجة إلى مرونة أكبر في التعامل معه، مشيرا إلى أن المعلم الذي يستطيع أن يؤدي حصصه بشكل متقن يفترض أن يكافأ بأن يحصل على بعض المرونة في عملية الدوام، وهذه عادة ما تكون بالتنسيق مع الادارة المدرسية التي هي الجهة المسؤولة عن متابعة اداء المعلم في مدرسته ومع طلبته.

منح الثقة

وأشار إلى أن المعلم بحاجة إلى منحه الثقة والمكانة، وهي ليست مرتبطة فقط بالامور المالية والمادية كما يعتقد البعض بأن الكادر الخاص بالمعلمين هو كاف لإعطاء المعلمين الشعور بالرضا، بل هناك الكثير من الامور المعنوية والنفسية التي يمكن أن تعوض المعلم وتجعله مبدعا في طرق التدريس.

بدوره، قال التربوي محمد كراشي: «لا أعتقد أنه قرار صائب، لأن مهنة التعليم تختلف عن بقية المهن، ولها خصوصية»، مشيرا إلى أهمية أن تنظر الوزارة إلى المعلم بطريقة مختلفة عن العمل الاداري.

وأضاف كراشي «يجب أن يتم التعامل مع جموع المعلمين بروح القانون لا بنصوصه، فالبصمة تكون مجدية في مجالات عمل أخرى غير التعليم، ويجب على الادارات المدرسية تفهم ظروف المعلم والتعاون معه لتحقيق الغاية التربوية في تعليم الابناء، وإلا فإن المعلم لن يعطي من نفسه، وبالتالي سينعكس هذا سلبا على طلبته».