نكمل حديثنا حول موضوع الخلاف الذي نشب بين آل ثاني حكام الدوحة وآل بوعينين سكان الوكرة في عام 1907، الذي استعرضنا بعض تفاصيله وصولاً إلى التهدئة التي تمت بين الطرفين في أكتوبر 1908م.

Ad

ورغم أن الطرفين تصالحا واتفقا على نسيان الماضي، فإن زعيماً من زعماء البوعينين قام بخطوة عكست بوضوح أنهم كانوا غير راضين، وأن الرحيل من الوكرة يهيمن على تفكيرهم.

فقد صدر تقرير سري من الوكالة البريطانية السياسية في البحرين بتاريخ 14 نوفمبر 1908 يفيد بأن شيخ البوعينين في البحرين شاهين بن طوق أبلغ الوكالة أن قبيلته في الوكرة لم تستقبل تعهدات وتطمينات الشيخ جاسم بن ثاني بإيمان قوي وبثقة كبيرة، كما أنهم رغم إدراكهم لقوتهم وأعدادهم الكبيرة، فإنهم يخشون تحركاً ضدهم قد يسبب لهم أضراراً بالغة، ولذلك فإنهم يريدون من الإنكليز حمايتهم بتوفير قوة صغيرة توجد في مكان قريب منهم.

والشيخ شاهين بن طوق الطوق آل بوعينين ولد في قرية "عسكر" بالبحرين، وله مكانة مميزة لدى آل خليفة شيوخ البحرين، وتوفي عام 1915م، وفي نفس الوقت، يقول التقرير البريطاني إن قبيلة البوعينين أوفدت أحد رجالها، وهو الشيخ أحمد بن خاطر، إلى البصرة للتفاوض مع الوالي وطلب قوة لحماية البوعينين في الوكرة، وكان الشيخ أحمد بن محمد بن حسن الخاطر أحد وجهاء القبيلة في البحرين، وكان له دور رئيسي في البحث عن مكان بديل للوكرة وإجراء المفاوضات وتمثيل قبيلته في مناسبات مهمة.

وردت المعتمدية البريطانية في بوشهر على تقرير المعتمدية في البحرين في رسالة بتاريخ 29 نوفمبر 1908 أبدت فيها اهتماماً كبيراً بما يحدث في الوكرة، ووجهت القنصل العام في البحرين إلى القيام بما يلي: "إذا أتيحت لك الفرصة للتواصل مع الشيخ شاهين بن طوق فأرجو إبلاغه بشكل عفوي، وكأن ذلك من تلقاء نفسك، إنه لأمر مؤسف أن أبناء قبيلته لم ينتظروا لمشاورة المعتمد البريطاني للنظر في مشاكلهم، وأن المعتمد سيعود خلال أيام، وسيكون بدون شك راغباً في بذل جهوده للوصول إلى تسوية مرضية بين الشيخ جاسم وآل بوعينين سكان الوكرة".

 ولكن قبل إرسال هذه الرسالة، كتبت المعتمدية في بوشهر كتاباً موجهاً للمعتمدية في البصرة بتاريخ 17 نوفمبر 1908، وأبلغتها بضرورة تشجيع الوالي على عدم الاهتمام بمطالب البوعينين، وفي نفس الوقت طلبت منها أن تلتقي بالشيخ أحمد بن خاطر أثناء وجوده في البصرة، وأن تؤكد له اهتمام المعتمد البريطاني في بوشهر بالأمر، وأنه سيسعى لتسوية الأمور بين الشيخ جاسم بن ثاني وابنه الشيخ عبدالرحمن وقبيلة البوعينين في الوكرة.

ورداً على هذا الكتاب، كتب المعتمد في البصرة بتاريخ 19 نوفمبر 1908 يقول، إنه التقى بالوالي، وأن الوالي أخبره أنه التقى بممثلي البوعينين وأخبرهم أن يقدموا طلباً للمتصرف العثماني في الإحساء، كما كتب رسالة لمتصرف الإحساء بالخصوص. وأكد المعتمد البريطاني في البصرة أنه أوضح للوالي أن حكومته لن تسمح بالتدخل في هذا الموضوع، وسلمه رسالة تطلب منه عدم مساعدة البوعينين.

أما فيما يتعلق بمقابلة الشيخ أحمد بن خاطر، فلم تتمكن المعتمدية بالبصرة من لقائه حسب ما ورد في الرسالة. د

في المقال المقبل سنتحدث بإذن الله تعالى عن الأحداث التي وقعت بعد عودة الشيخ أحمد بن خاطر إلى البحرين.