بروتينات كالغراء حتى في الماء

لإعداد المواد اللاصقة المضادة للماء، أعد باحثو معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بكتيريا بغية إنتاج مواد هجينة تشمل بروتينات من بلح البحر دبقة تلتصق طبيعياً وأخرى بكتيرية نراها في الأشرطة الحيوية (أو بيوفيلم، وهي طباقات لزجة تشكلها البكتيريا التي تنمو على السطح). فعندما مُزج النوعان من البروتينات شكلا مواد لاصقة أكثر قوة مما يفرزه بلح البحر.

يمثل المشروع، الذي تناوله عدد 21 سبتمبر من مجلة Nature Nanotechnology، نوعاً جديداً من المقاربات التي يمكن استغلالها بهدف إنتاج مواد حيوية فيها مركبات عدة، وذلك باستخدام البكتيريا كمصانع صغيرة.

يخبر تيموثي لو، بروفسور مساعد متخصص في الهندسة الحيوية والهندسة الكهربائية وعلوم الكمبيوتر والباحث المشرف على الدراسة: {يبقى هدفنا الأول إعداد منصة يمكننا من خلالها البدء ببناء مواد تجمع مجالات عمل مختلفة كثيرة معاً وتحديد ما إذا كنا نستطيع الحصول على مواد أداؤها أفضل}.

قاد هذا البحث تشاو زونغ، باحث سابق في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا يتابع اليوم دروسه بعد تحصيله شهادة الدكتوراه في جامعة شانغهاي للتكنولوحيا. أما الباحثون الآخرون، فهم طالبا الدراسات العليا توماس غوري وآلن تشنغ، الطالب في سنته الدراسية الأخيرة جوردن داوني، وطالب الدراسات العليا ما بعد الدكتوراه زنغتاو دينغ، فضلا عن كولن ستولتز، بروفسور في قسم الهندسة الكهربائية وعلوم الكمبيوتر.

مواد لاصقة

تتألف المادة الدبقة التي تسمح لبلح البحر بالالتصاق بالسطوح تحت الماء من مجموعة بروتينات تُعرف ببروتينات قدم بلح البحر. يوضح لو: «يحتاج عدد كبير من الكائنات تحت الماء إلى الالتصاق بالأشياء. لذلك تنتج أنواعاً مختلفة من مواد لاصقة يمكننا استعارتها منها».

سبق أن أعدّ العلماء هندسياً بكتيريا إشريكية قولونية بغية إنتاج بروتينات فردية مما يفرزه بلح البحر. إلا أن هذه المواد لا تحمل التطور ذاته كما المواد اللاصقة الطبيعية، وفق لو. ولكن في الدراسة الجديدة، أراد فريق معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا إعداد بكتيريا هندسياً بغية إنتاج نوعين مختلفين من بروتين قدم بلح البحر، ومزجها مع بروتينات بكتيرية تُدعى أليافاً مجعدة (بروتينات ليفية يمكنها التكتل معاً وتجميع نفسها لتشكّل خصلاً متداخلة أكبر وأكثر تعقيداً).

أعدّ فريق لو هذه البكتيريا هندسياً كي ينتج بروتينات تتألف من ألياف مجعدة تتحد ببروتين قدم بلح البحر 3 أو بروتين قدم بلح البحر 5. وبعد استخلاص هذه البروتينات من البكتيريا، تركها الباحثون لتتكاثر وتشكل خصلاً ليفية كثيفة. وهكذا حصلوا على مواد تتمتع ببنية منتظمة إنما مرنة تتحد بقوة بالسطوح الجافة والرطبة على حد سواء.

يعلن هيربرت وايت، بروفسور متخصص في الكيمياء والكيمياء الحيوية في جامعة كاليفورنيا في سانتا باربرا لم يشارك في الدراسة: {كانت النتيجة مادة لاصقة رطبة تتمتع بمجموعات وظيفية امتزازية وتماسكية. لا شك في أن هذا العمل مبتكر، جاد، وشامل}.

اختبر الباحثون هذه المواد اللاصقة باستخدام مجهر القوة الذرية، تقنية تسبر سطح عينة باستخدام رأس بالغ الصغر. فاكتشفوا أن المواد اللاصقة تتحد بقوة برؤوس معدة من ثلاث مواد مختلفة (السيليكا، الذهب، والبوليستيرين). بالإضافة إلى ذلك، شكّلت المواد المعدة من كميات متوازية من بروتين قدم بلح البحر 3 وبروتين قدم بلح البحر 5 مواد لاصقة أكثر قوة، مقارنة بتلك التي تألفت من كميات متفاوتة من هذين البروتينين أو من نوع واحد منهما.

علاوة على ذلك، كانت هذه المواد اللاصقة أكثر قوة من المواد اللاصقة الطبيعية التي يفرزها بلح البحر. كذلك تُعتبر الموادَّ اللاصقة الأقوى تحت الماء المستوحاة حيوياً، المستندة إلى بروتينات، والواردة في البيانات المتوافرة، وفق الباحثين.

قوة لاصقة أكبر

يستطيع الباحثون، باستخدام هذه التقنية، إنتاج كميات صغيرة فحسب من هذه المواد اللاصقة. لذلك يحاولون اليوم تحسين هذه العملية وإنتاج كميات أكبر. كذلك يخططون لإجراء تجارب إضافية، مستخدمين أنواعاً أخرى من بروتينات قدم بلح البحر. يذكر لو: «نحاول معرفة ما إذا كنا نستطيع، بإضافة أنواع أخرى من بروتين قدم بلح البحر، زيادة القوة اللاصقة وتحسين صلابة هذه المواد».

ويخطط الفريق أيضاً لإنتاج «أنواع غراء حية» تتألف من أشرطة من البكتيريا تستطيع تحديد أي ضرر في السطح ومن ثم إصلاحه بإفراز مواد لاصقة.