أعلنت السلطات في سنغافورة يوم الاثنين الماضي وفاة «لي كوان يو»، مؤسس الدولة الأصغر حجما، والأكثر تطورا اقتصادياً في قارة آسيا عن عمر ناهز 91 عاما، بعد إصابته بالتهاب رئوي حاد.

وترك لي، الذي تقلد منصب أول رئيس وزراء للبلاد بعد الانفصال عن ماليزيا، بلاده في مرتبة متقدمة بين الاقتصادات الكبرى عالمياً، حيث تحولت سنغافورة إلى مركز مالي عالمي مثل نيويورك، ولندن، وسويسرا.

Ad

وأشار تقرير نشره موقع «كوارتز»، المعني بالشؤون الاقتصادية إلى أن لي تعرض لانتقادات بشأن تراجع الحريات المدنية، والتوسع في عمليات الرقابة، والتمييز ضد المهاجرين، والعمل وفقا لنظام الحزب الواحد لنحو نصف قرن تقريبا.

وتمكن مؤسس نهضة سنغافورة من الحفاظ على رأس السلطة لنحو 30 عاما رغم الانتقادات، بسبب الشعبية الضخمة التي امتلكها حزبه «حزب العمل الشعبي»، الذي استحوذ على معظم إن لم يكن كل مقاعد البرلمان في البلاد منذ الاستقلال.

وتحولت سنغافورة تحت قيادة لي إلى واحدة من أعلى بلدان العالم من حيث نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، حيث احتلت الدولة الآسيوية الصغيرة المرتبة الثالثة عالميا عام 2013 بعد قطر، ولوكسمبرغ، بحسب صندوق النقد الدولي.

وكانت سنغافورة تمثل مركزا تجارياً هاما إبان وجودها تحت الاحتلال البريطاني، وهو ما ساعد لي على تأسيس مشروعه التنموي بناءً على هذه المكانة، مع عدم تمتع بلاده بأي مصادر طبيعية.

وأوضح تقرير نشره موقع «المنتدى الاقتصادي العالمي» أن لي اعتمد على إحكام قبضته على التمويل المحلي، من خلال منع تدويل الدولار السنغافوري، والحد من عمليات البنوك الأجنبية، وهو ما دفع الشركات العالمية إلى السعي لمحاولة إثبات وجودها في الجزيرة الصغيرة.

وتفاعلت السياسة الاقتصادية والمالية، مع المناخ الخالي من الفساد، والاعتماد على التكنولوجيا المتقدمة لدفع الشركات العالمية إلى اختيار سنغافورة لتكون مركزا إقليمياً لعملياتها.

وناصر رئيس وزراء سنغافورة الأسبق الاعتماد على التجارة الحرة، وهو ما ساعد بلاده على جذب تدفقات من الاستثمارات الأجنبية، والشركات العالمية.

وكان لقدرة لي على استغلال الاضطرابات المالية العالمية أثره الهام في صعود سنغافورة كقوة اقتصادية عالمية، حيث كانت البداية مع قرار الولايات المتحدة بإلغاء ارتباط الدولار بالذهب عام 1971، ليستغل لي الفرصة ويجعل بلاده مركزا إقليمياً لتبادل العملات الأجنبية.

وأسس لي كوان يو مجلس تنمية الإسكان، ومجلس التنمية الاقتصادية في مسعى للتنافس مع عمالقة الاقتصاد العالمي، من خلال توفير المساكن وفرص العمل للشعب، ما سيمنح بلاده الاستقرار الاقتصادي اللازم.

وقام مجلس تنمية الإسكان بتحويل الجزيرة إلى مدينة عصرية، وهو ما ساعد مواطني سنغافورة على الخروج من المنازل الصغيرة إلى بلدات مختلطة مخططة بعناية، ما وفر الظروف المعيشية المناسبة للمواطنين.

في حين أسس مجلس التنمية الاقتصادية الصناعات والشركات السنغافورية، لتوفير فرص عمل للسكان المحليين والعمالة الوافدة، لإنعاش الاقتصاد، والعمل على سرعة الخروج من براثن الفقر.

وأسفرت هذه الجهود عن ارتفاع نصيب الفرد من الناتج المحلي في البلاد من حوالي 500 دولار أميركي عام 1965 إلى 14.5 الف دولار في عام 1991، بنسبة زيادة تتجاوز 2800 في المئة، ثم إلى 55 ألف دولار وفقًا لأحدث إحصائية.

(أرقام)